كشفت وثائق مسربة تفاصيل اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس العبيدى، في بنغازي والساعات الأخيرة قبيل مقتله والأطراف المتورطة في العملية.

وبحسب وثيقة سرية نشرتها صحيفة اليوم السابع المصرية فأن اجتماعا عقد يوم 12 يوليو 2011 أي قبيل اغتيال عبد الفتاح يونس بأسبوعين، أصدرت قيادات تابعة لجماعة الإخوان الليبية وأمراء في الكتائب الإسلامية المتشددة "فتوى شرعية" بقتل يونس، وإنهاءه من المشهد العسكرى، وذلك بتهمة التواطؤ مع الجيش الليبي والنظام السابق، وأن انشقاقه مناورة من النظام الليبى وتم اتخاذ قرار بالإجماع بضرورة تصفيته.

 وشارك في اجتماع يوليو 2011 - بحسب الوثيقة عن محضر الاجتماع - أمراء كتائب متشددة وقيادات في جماعة الإخوان لإصدار فتوى اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس، وهم سعد المبروك عوض من كتيبة عقبة بن نافع المتشددة، محمد فرج عوض مدير مكتب الأمن الوقائى التابع للمعارضة المسلحة، عمر حمد محمد كتيبة عقبة بن نافع، عمر رافع الشركسى أحد عناصر الأمن الوقائى، رجب حسين العبيدى كتيبة عمر المختار المتشددة، محمد حمد عبدالكريم من قوات درع ليبيا، عقيل رشيد متقاعد من شركة الخليج للنفط، عبدالعظيم ميلاد الفراوى وهو ربان بحار وعضو جماعة الإخوان الليبية، صالح محفوظ البشارى مستشار رئيس ائتلاف 17 فبراير، وعبدالكريم أحمد من كتائب المعارضة المسلحة والمدعو على مفتاح المغربى خطيب وواعظ دينى، والإرهابى سالم عبدالسلام الشيخى وزير أوقاف المجلس الانتقالى وعضو جماعة الإخوان.

وبحسب وثائق الصحيفة المصرية، فأن الزعيم الراحل معمر القذافى، بعث بخطاب إلى اللواء عبد الفتاح يونس، لإقناعه بالعودة إلى صفوف النظام الليبى والانشقاق عن صفوف المعارضة المسلحة، وحاول القذافى دعوة يونس لتسريح المقاتلين لديه أو الهروب إلى خارج البلاد، واقترح عليه الحصول على لجوء سياسى فى مصر أو إيطاليا.

 وأضاف القذافى فى رسالته إلى عبد الفتاح يونس "نريد أن نعرف هل ما تقوم به الآن هو صادر عن إرادتك أو لكونك مرغما ومكرها على ذلك، إذا كنت مرغما فهو أمر نحن متأكدون منه، ولقد استخدموك لدرجة أن الموت أفضل لك لأنهم مسحوا تاريخ حياتك وأهانوا شرفك العائلى".

وأضاف «هل تحارب يا عبد الفتاح من أجل عودة الاستعمار الفرنسي البريطاني الإيطالي إلى ليبيا.. أم أنك تحارب من أجل الزنادقة ومن أجل الملا عمر أو الظواهرى ولكى تبقى ليبيا تتبع القاعدة».

وحول جلال الدغيلى، قال القذافى فى رسالته «ما يثير الدهشة أنكم تريدون أن تنصبوا جلال الدغيلى وزيرًا للدفاع، وعندما قامت الثورة أنا وأنت اعتقلناه في بنغازى وكان يقول إن شاء الله ربى يمكنني منهم يوم واحد وسوف ترى يا عبدالفتاح كيف سيعمل معك».

وبعد الاجتماع المشار إليه بين أمراء الدم في ليبيا تحركت كتيبة مكونة من 80 سيارة مصفحة إلى مقر اللواء عبدالفتاح يونس، في مدينة أجدابيا، لتنفيذ أمر  اعتقاله، وأقنع المسلحون اللواء عبد الفتاح يونس، بأن مهمتهم هي حمايته وليس اعتقاله، وأجرى الأخير اتصالًا هاتفيًا مع نائب رئيس المكتب التنفيذي بالمجلس الانتقالي في ذلك الوقت، وزير الاقتصاد الحالي في حكومة الوفاق، علي العيساوى، واتصالًا آخر مع حسن جمعة بوجازى القاضى الذى أصدر أمر الاعتقال، للتعرف على أسباب الاستدعاء، ولكن العيساوى أكد للواء عبد الفتاح يونس، ضرورة حضوره إلى بنغازى وتنفيذ الأوامر لمناقشة بعض الأمور المهمة.

 وعقب إلقاء القبض على اللواء عبد الفتاح يونس، توجهت مجموعة من النشطاء والكتاب السياسيين الليبيين إلى منزل وزير الدفاع في المجلس الانتقالي خلال تلك الفترة جلال الدغيلى، وعقب الاجتماع أصدر الدغيلى قرارًا بوقف العمل بالأمر الصادر الذى تم بموجبه القبض على اللواء عبد الفتاح يونس، نظرًا لصدور الأوامر عن جهة غير مختصة، ومنعًا للتداعيات الخطيرة على الموقف العسكري للمعارضة المسلحة على الجبهة.

وبحسب القرار، أمر جلال الدين الدغيلى بالتحقيق في ظروف وملابسات إصدار وتنفيذ الأمر المذكور، ووقع الدغيلى على القرار في مدينة بنغازى شرق البلاد على تمام الساعة 4:30 فجر يوم 28 يوليو 2011، أى قبيل قتل اللواء عبدالفتاح يونس بـ 6 ساعات على يد ميليشيات وكتائب مسلحة تنتمى لجماعة الإخوان.

 وتضمنت المجموعة من النشطاء التي سعت لإصدار القرار الكاتب جابر العبيدى، المحامى المغتال لاحقًا عبد السلام المسمارى، أمين سر المجلس الانتقالي في ذلك الوقت خالد الترجمان، فرج عبد القادر العلام، السفير الليبي في السعودية لاحقاً عبد الباسط عبد القادر البدرى، وإدريس الأغا.

 وبعد توقيع وزير الدفاع في المجلس الانتقالي الليبي جلال الدغيلى القرار لرفع الحرج توجه في مهمة غير رسمية مع قائد كتيبة ثوار 17 فبراير فوزى بوكتف، فلطسينى من أب وأم فلسطينيين، إلى مصر للقاء قيادات الثورة المصرية وبعدها إلى قطر للقاء قيادات جماعة الإخوان الليبية فى الدوحة.

 وأكد أمين سر المجلس الانتقالي الليبي السابق رئيس مجموعة العمل الوطني خالد الترجمان، الذي حضر الاجتماع مع وزير دفاع المجلس الانتقالي، حضوره اللقاء بحكم منصبه كأمين سر المجلس الوطني الانتقالي الليبي فجر مقتل الفريق عبدالفتاح يونس، ورفيقيه في محاولة للإفراج عنه والضغط على الدغيلى لتحديد مكانه والسعي لإطلاق سراحه.

 وأكد «الترجمان» أن وزير دفاع المجلس الانتقالي جلال الدين الدغيلى كان يريد السفر برفقة قائد مليشيا 17 فبراير إلى السودان، مؤكدا أن المجموعة التي حضرت اللقاء حذرت الدغيلى من خطورة الموقف وضرورة الإفراج عن اللواء عبد الفتاح يونس، مضيفًا «اضطر الحراس لإيقاظ الدغيلى ووقع لنا أمرا بالإفراج عن عبد الفتاح يونس فجر يوم 28 يوليو 2011، وذلك على ورقة عادية كتبها عبدالسلام المسمارى وفشلنا في إقناعه بتأجيل سفره لخطورة الوضع.. أذكر أنى أخبرته بأن أمثاله يقطعون زياراتهم في حالات أقل من اختطاف رئيس أركانه ما بالك أنه يمكنك تأجيل السفر حتى انتهاء هذه المشكلة ولكنه كان مصرًا علي السفر للسودان».

ووفقًا للوثيقة، فقد حضر عدد من السياسيين والكتاب والنشطاء الليبيون اجتماعًا عقد يوم 12 يوليو 2011 مع المجلس الانتقالي الليبي برئاسة مصطفى عبد الجليل، بحضور نائب رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي الليبي على العيساوى، ومسؤول ملف الأوقاف التابع للمجلس الإخواني سالم الشيخى، وواعظ بوزارة الأوقاف يدعى على المغربى، ورجب حسن فضيل من كتيبة عمر المختار، محمد الدرسى من الأمن الوقائى، صالح البشارى من كتيبة شهداء ليبيا، عبد الحكيم الورفلى من اللواء الميدانى الأول.

 وبحسب الوثيقة، تم في الاجتماع عرض خلاصة لبعض التقارير المتعلقة بأداء رئيس أركان جيش التحرير الليبى اللواء عبد الفتاح يونس، وما يثار حوله من بعض التساؤلات الخطيرة وذلك من قبل قيادات من المعارضة المسلحة  «لم تكشف الوثيقة عن هويتهم».

وأكد رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل، بحسب الوثيقة، أنه أعطى الأوامر لوزير دفاع المجلس الانتقالي جلال الدغيلى بأن يمنع اللواء عبد الفتاح يونس من دخول غرفة العمليات المتعلقة بمعركة البريقة بالزويتينة، وذلك بعدما أثير حوله من تساؤلات روجتها قيادات مسلحة في صفوف المعارضة المسلحة، وخلال الاجتماع أجرى عبد الجليل اتصالًا بالدغيلى ووضع الهاتف على ميكروفون الطاولة «صوت مسموع للجميع»، وقال «ألم أقل لك بأن عبد الفتاح لا علاقة له بمعركة البريقة كليا»، فأجاب الدغيلى «أننى أبلغته بذلك» فرد عبد الجليل «شوف يا جلال أنا أشم رائحة خيانة من عبد الفتاح»، وفقًا للوثيقة.

 وبعد انتهاء المكالمة بين رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل ووزير دفاع المجلس جلال الدغيلى، وجه عبد الجليل حديثه إلى نائب رئيس المكتب التنفيذى للمجلس على العيساوى «أرجوك أن تتفرغ لملف الدفاع وتترك كل الملفات التى بين يديك»، وعلى الفور خرج العيساوى من الاجتماع وتوجه إلى البريقة للتأكد مما تردده المعارضة المسلحة من عدم توفر ذخيرة في جبهات القتال.

ووفقًا للوثيقة، قال صالح البشارى من كتيبة شهداء ليبيا، إن اللواء عبد الفتاح يونس حاول الدخول إلى غرفة العمليات بالزويتينة يوم « 11 يوليو 2011»،  ولكنه منع من الدخول بالقوة.

بدوره، قال رئيس المؤسسة الأمريكية لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب محمد العبيدى، إن اللواء عبد الفتاح يونس كانت مهمته الأساسية خلال تلك الفترة تكوين جيش، وكان يرفض بشكل قاطع تسليح المليشيات المسلحة، فضلًا عن تمسكه بضرورة عدم تشكيل أي كيانات عسكرية موازية للجيش الوطني الليبي، وضرورة إخضاع المتطوعين من المعارضة المسلحة إلى التدريب المكثف خلال فترة قصيرة، رافضًا إقحام الشباب الليبي في القتال  بدون تدريب مسبق، مشيرًا إلى أن هذه النقطة تسببت في تفجر الخلافات مع المجلس الانتقالي الليبي والنظام القطري الذى يعد الممول الرئيس لهذا المجلس.

 ووصف «العبيدى» من الولايات المتحدة، سلوك المجلس الانتقالي الليبي بالمتآمر، وذلك بعد سحبه اللواء عبد الفتاح يونس، متهمًا قائد مليشيا ثوار 17 فبراير فوزى بوكتف بمحاولة خلق كيانات ومليشيات مسلحة بديلة للجيش الذى خطط اللواء عبد الفتاح يونس لتشكيله.