هل فرّ زين العابدين بن علي من تونس يوم ١٤ يناير ٢٠١١ أم وقع ضحية إنقلاب تم الإعداد له من قبل قوى خارجية ؟ هذا السؤال يطرح نفسه بقوة في تونس اليوم بعد ثلاثة أعوام من سقوط النظام السابق ، خصوصا وأن ما حدث في ذلك اليوم كان فاتحة لتحولات عميقة في المنطقة العربية لا يمكن الإكتفاء بنسبتها الى الصدفة وحدها. 

يقول سفير تونس السابق في منظمة الأمم المتحدة للتربية و الثقافة و العلوم مازري الحداد إنه وبعد أن إعلن إستقالته من منصبه يوم ١٣يناير ٢٠١١ تلقى مكالمة من الرئيس السابق زين العابدين بن على الساعة السابعة من صباح اليوم الموالي ، ليطلب منه التراجع عن إستقالته ، وليقول له " إن تونس مهددة من دولتين إحداهما غربية والثانية عربية وأن الإسلاميين يقفون وراء الأحداث في حين يسايرهم اليساريون بغباء ".

الحدّاد قال إن بن علي أعلمه بوجود أجانب كانوا في تلك الفترة يتحركون في داخل التراب التونسي ، وهم من قام بقتل المحتجين ، وأبلغه بأنه سيلقي خطابا للشعب التونسي مساء ذلك اليوم ١٤ يناير ٢٠١١ ، ويضيف الحدّاد أنه كان في إستوديو إحدى الإذاعات الفرنسية عندما إتصل به بن علي على هاتفه الجوال ليدعوه إلى العودة بسرعة إلى تونس ومعه ملف خطير ، غير أن من كان يرد على بن علي هو إسكندر خليل صديق المارزي الحداد و المنتج التليفزيوني ، و لما عرف بن علي ذلك قطع الإتصال. 

وينقل الحداد عن إحدى الشخصيات الفرنسية أن ١٥ قناصا محترفا كانوا في تونس منذ ١ ديسمبر ٢٠١٠ أي قبل إنطلاق الأحداث ، و هم من جنسيات متعددة : بوسنية ورومانية وبولونية و يتحركون بجوازات سفر سويدية ونرويجية ، وقد دخلوا تونس بعد أن تعاقدوا من شركة بريطانية متخصصة كانت لها إتفاقية ممضاة مع إحدى الحكومات العربية. 

يوم ١٧ يناير ٢٠١١ كان مواطنون ورجال من الجيش قد ألقوا القبض على عدد من السويديين ومعهم بنادق متطورة تحمل مكبّرات بالأشعّة فوق البنفسجية بالقرب من مقر الحزب الديمقراطي التقدمي ( الجمهوري حاليا ) ولكن سرعان ما تم إطلاق سراحهم والتصريح لوسائل الإعلام بأنهم كانوا صيادي خنازير في منطقة الشمال الغربي للبلاد.

وبقي سر القنّاصة غامضا إلى حد اليوم ، حيث بات مصدر سخرية بين التونسيين الذين يعرفون أن هناك من تعرّضوا للقنص ولكن لا أحد يعرف من وراء قنصهم. 

 توفيق بودربالة رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق في التجاوزات و الإنتهاكات المسجلة خلال ثورة ١٤ يناير،كشف جانبا من الحقائق ،وقال أن  لا أثر لقناصة تونسيين شاركوا في قتل المحتجين ، وأوضح بودربالة أن التقارير الطبية التي اطلعت عليها لجنته أكدت حصول عمليات قنص مشيرا بالخصوص إلى تسجيل ذلك في جثث عدد هام من المتظاهرين حيث أكدت هذه التقارير إصابة عدد من المواطنين على مستوى الرأس و الصدر و العمود الفقري من مسافات تتجاوز ٥٠ مترا.
و أضاف أن لجنته اعتمدت في تقريرها على تصريحات المسؤولين الأمنيين الذين - كما قال -  أكدوا جميعا وجود وحدات لتدريب الأعوان على الرماية بكل الأجهزة الأمنية كمكافحة الإرهاب و الحرس الوطني و الجيش أيضا، و لكنهم اتفقوا جميعا على التأكيد أنه لا يوجد جهاز خاص بالقنص. وهذا ما قالته مختلف القيادات الأمنية في تونس ، مما يثبت فرضية دخول قناصين من الخارج لإذكاء نار الإحتجاجات في البلاد . 
و في ما يتعلق بدور الجيش نقل بودربالة عن الجنرال رشيد عمار تأكيده حصول تجاذبات بين رجال الأمن و عناصر الجيش في الليلة الفاصلة بين ١٤ و١٥ يناير خصوصا و قد رفض الجيش إطلاق النار على المواطنين و اكتفى بحماية المنشآت العامة.

 

بن علي حشر في الطائرة 

 

 يذهب المارزي الحداد إلى فرضية واحدة وهي بن علي حشر في الطائرة حشرا ، وهذا ما أوحى به سليم شيبوب صهر الرئيس السابق الذي قال في حوار مع قناة تليفزيونية تونسية خاصة  أن بن علي أجبر على صعود الطائرة بدون رغبة منه ودون أن يأخذ معه حتى حقيبة ملابسه الداخلية ، في الوقت الذي كان فيه التحشيد الإعلامي في أعلى مستوياته ، و بدأ الحديث عن فرار الرئيس وعن منعه من الحلول بمطارات مالطا وفرنسا و إيطاليا ،

 من الذي أغلق الباب وراء بن علي ؟ كل المعطيات تؤكد أنه على السرياطي قائد الحرس الرئاسي الذي ما إن أقلعت الطائرة الرئاسية حتى وجد نفسه معتقلا من قبل عناصر من الجيش ، ومازال إلى حد اليوم وراء القضبان بعد أن صدر في حقه حكم بالسجن لمدة ٢٠ عاما في تهمة تتعلق بقتل المتظاهرين أكد أنه بريء منها ، المثير هنا أنه و بعد إلقاء القبض عليه في المطار، تم تسريب معلومات لوسائل الإعلام بأن السرياطي تم القبض عليه في مدينة بنقردان وهو يستعد لعبور الحدود نحو ليبيا. 

 

قصة السفر إلى جدة كما ترويها ليلى الطرابلسي

 
في كتابها "حقيقتي" تقول ليلى بن على "تلقيت قرابة الثالثة والنصف مكالمة هاتفية من قصر قرطاج ،حيث اقترح علي زوجي الذهاب برفقة ابني محمد وابنتي حليمة إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة. ومن وقع المفاجأة، سألت: "ولماذا نتوجه مباشرة إلى العربية السعودية؟" فرد "ستذهبون إلى هناك إلى حين عودة الأمور إلى وضعها الطبيعي. ستعودون بعد ثلاثة أو أربعة أيام" ، كنت متيقنة بأن علي السرياطي هو صاحب الاقتراح، ولم أكن مقتنعة بجدواه ولا باستعجاليته. كيف يمكن أن أصدق بأن بضعة آلاف من المحتجين يشكلون خطرا يوجب علينا الرحيل؟ كنت أثق بزوجي، وبأن الذي يكنى "جنرال الأزمات" سيجد وسيلة لإعادة الهدوء إلى البلاد وإخراج بلده من منطقة الاضطرابات. ومع ذلك، امتثلت لطلبه عن غير قناعة.
وصلت ابنتي حليمة عائدة من قصر قرطاج، الذي توجهت إليه برفقة خطيبها من أجل الاستعلام عن الوضعية. قدمت حليمة محملة برسالة من أبيها: يجب أن نعرج عليه في مكتبه لنقول له وداعا قبل السفر".
وتضيف "غادرنا منزلنا قرابة الرابعة بعد الزوال، أنا وابني محمد (6 سنوات)، وابنتي حليمة وخطيبها دون أن نتمكن من جمع حقائبنا وأغراضنا. اكتفيت بتحضير حقيبة خاصة بالصغير محمد، وزوج أحذية، والعبايات الضرورية لأداء مناسك العمرة. كانت حليمة ترتدي سروال جينز، ولم يكن لها من الأمتعة عدا معطفها. انشغلت حليمة كذلك بالبحث عن خاتم خطوبتها لكي لا تسافر دون وضعه ".بهذه التفاصيل تكذّب ليلى بن علي الأنباء التي راجت عن سفرها بعشرات الحقائب،.تؤكد أنها لم تأخذ معها مجوهراتها وحليها و فساتينها ولا حتى ملابسها العادية التي يلبسها الناس في كل الأيام ولم تأخذ معها نقودا ولم يكن لديها وقت كاف لأخذ جواز سفرها. 
وتتابع " لقد تركنا قصر سيدي بوسعيد تحت نباح الكلاب، التي يبدو أنها اشتمت يومها رائحة المأساة. كان الشارع مهجورا. خلا تماما من العربات عدا سيارة شركة ركنت أمام المبنى ومدرعتين للجيش اصطفتا غير بعيد عنها. حينها شعرت لأول مرة بأن ثمة شيئا ما غير عادي يحدث.
سلكنا طريق قصر قرطاج الذي إتجهنا إليه من أجل السلام على زوجي قبل المغادرة، كما كان مخططا. غير أننا لم نجد حارسا واحدا أمام المبنى باعتباره الإقامة الرسمية للرئيس. كانت الأبواب مشرعة. لا سيارات موكب، ولا سيارات خدمة، فقط دبابتان راسيتان على الرصيف. تملكني إحساس بالغربة واستشعرت مأساة على وشك الحدوث.
داخل القصر لمحت سيارتين رباعيتي الدفع مركونتين أمام المكتب الرئاسي، وإلى جانبهما سيارة علي السرياطي. وجدت في عين المكان أيضا حراسا شخصيين وسائقين. اقترب مني أحدهم قائلا: "أرجوك سيدتي. أخرجيه من هنا. يجب على الرئيس أن يرحل". لم أفهم معنى توسلاته، وأكملت طريقي نحو المكتب.

 

في إتجاه المطار

 

وجدت زوجي محاطا بمحسن رحيم، مدير التشريفات الرئاسية، وعياض الودرني، مدير ديوانه، وصهره مروان مبروك، زوج إحدى بناته من زواجه الأول. هذا الأخير غادر المكان بعيد وصولنا بلحظات. أخذ علي السرياطي، رئيس الحرس الرئاسي، يتكلم مثيرا أخطارا محدقة في محاولة لإقناعنا بضرورة أن أرحل برفقة الأبناء. باختصار، اقترح السرياطي على الرئيس أن يصطحبنا إلى المطار، كما جرت عادته " 

من هنا يتضح أن بن علي لم يكن ينوي الخروج من قصر قرطاج في إتجاه المطار لتوديع إسرته الصغيرة و لكن مدير الأمن الرئاسي كان يعرف ماذا يريد ،
تردف ليلى "ظللنا في القصر الرئاسي خمس دقائق فقط. وطلب الرئيس أن يتوجه أحدهم إلى منزلنا لجلب جوازات سفرنا. صرخ السرياطي: "أي منزل؟ وأية جوزات سفر؟ لم يعد أمامنا وقت، يجب أن نرحل فورا". لم يكن ثمة متسع من الوقت للتفكير. ومع ذلك، رفض زوجي مرافقتنا إلى المطار، فخاطب السرياتي قائلا: "رافقهم إلى المطار، وأنا سأبقى هنا". غير أن السرياتي لم ينصت إليه وحذره من إمكانية تعرض القصر للتفجير. تحدث عن طائرات عمودية تحلق فوق القصر وعن خفر سواحل يوشكون أن ينقضوا عليه عبر البحر.
شخصيا، لم أعاين طائرات عمودية ولم أفهم أقوال السرياطي، واعتبرتها مجرد هذيان. لم أنبس ببنت شفة. لكن حليمة أصرت على أن يرافقنا أبوها إلى المطار. هددته قائلة: "لن أذهب إذا لم ترافقنا". حينذاك فقط قرر بن علي مغادرة القصر ".
تواصل ليلى بن على رواية تفاصيل اللحظات الأخيرة " جلست خلف مقود السيارة وإلى جانبي زوجي، بينما ركب ابني محمد وابنتي حليمة وخطيبها في المقاعد الخلفية .  تألف الموكب من سيارات، وعربة تقل حراسنا الشخصيين. كما تضمن أيضا، وهذا ما أثار شكوكي، سيارتين إلى ثلاث سيارات كانت تتجاوزنا بانتظام، كان على متنها حراس لا نعرفهم. كانت تسبقنا سيارة علي السرياطي. كان يقود بسرعة فائقة حتى أنه صدم سيارة مدنية عند مفترق طرق في قرطاج. لكنه لم يتوقف. ربما قدر أن الاصطدام لم يكن خطيرا.
كانت دهشتي كبيرة عندما انعطف صوب مطار العوينة، المخصص للطيران العسكري بدل أن يتوجه إلى المطار الدولي قرطاج، الذي اعتدنا الانطلاق منه في رحلاتنا الدولية. ومع ذلك، لم أكثر من طرح الأسئلة، فالرجل كان يعرف ما يتوجب القيام به، وجاهدت نفسي للسير على خطاه بالسرعة ذاتها التي كانت تسير بها سيارته. أسدل الرئيس واقي الشمس لكي لا يتعرف عليه أحد وطلب مني أن أتمهل. لم يكن يفهم الأسباب التي جعلت السرياطي يقود بتلك الطريقة. لا يهم، فقد وصلنا إلى العوينة بعيد ست دقائق " .

 

في المطار العسكري 
 

رفض الحراس العسكريون فتح باب القاعدة العسكرية. وكان لزاما أن يترجل السرياطي من سيارته ويوجه إليهم أمرا مباشرا لكي يفتحوها. تقول ليلى "وقع أيضا حدث آخر فريد من نوعه، فلم نتوجه إلى القاعة الشرفية كما كان ينبغي، بل إلى قاعة كبرى كانت ترسو فيها الطائرة الرئاسية، التي كانت مزودة بالتموين الضروري لرحلتها.
جلت ببصري في المكان. عجت القاعدة بعشرات العسكريين ببزات مختلفة الألوان. تكلف حراسنا الشخصيون بتشكيل جدار بيننا وبين القوات الموجودة في المكان. رأيت أيضا بضع مدرعات مسلحة، أعتقد بأنها كانت هناك منذ بدء الاحتجاجات بسبب حالة الاستنفار التي أعلنت في البلاد".
مفاجأة أخرى تحدثت عنها زوجة الرئيس المخلوع "كان بعض أقربائنا الذين كان يفترض أن يكونوا توجهوا إلى طرابلس عبر مطار تونس قرطاج في انتظارنا هناك. بلغ إلى علمهم بأنني سأتوجه إلى المملكة العربية السعودية فكانوا يأملون في إيجاد مقاعد لهم على متن طائرتي. غير أن السرياتي ردعهم وأمرهم بالانصراف للحاق بطائرتهم المتوقع أن تقلع في حدود السابعة من مساء ذلك اليوم صوب طرابلس. استطعت أن أبقي معي أختي غير الشقيقة سعاد ".
وتواصل روايتها للأحداث " دخل زوجي في سجال حاد مع السرياطي. كانا يسيران معا جنب الطائرة. كنت أتبعهما مثل آلة. لم ألحظ لحظتها أدنى عداء تجاهنا. ومع ذلك، قلت في قرارة نفسي: "إذا كان ثمة مخطط لاغتيال زوجي رميا بالرصاص، فالأفضل أن أتصدى لتلك الرصاصة".

 

السرياطي وراء مغادرة بن علي للبلاد 

 

بلغ التوتر أوجه عندما أعلن السرياطي سيطرة وحدة مكافحة الإرهاب على برج المراقبة في المطار. حينها تدخلت لأول مرة، خاطبت قائد الطائرة، طالبة منه إطلاعي عما يحدث. سألته: هل صار مستحيلا أن نغادر البلاد؟. أجرى القائد مكالمة هاتفية، ثم أجابني: "لا تقلقي، سيدتي، لم يسيطر أحد على برج المراقبة، سنرحل". هل كان علي السرياطي بصدد اختلاق الأكاذيب أم أنه كان ضحية معلومات مغلوطة؟
انتقل السرياطي بعد ذلك إلى لعب الكل للكل، إذ اقترح على زوجي قائلا: "سيدي الرئيس، لا ندري ما سيحدث. يستحسن أن ترافق شخصيا أسرتك إلى جدة. لن تخسر شيئا إن فعلت. غدا، ستهدأ الأوضاع وتعودون إلى البلاد".
تؤكّد ليلى " لمحت علامات الدهشة والذهول على قسمات وجه زوجي. لماذا سيرحل هو أيضا؟ لماذا يرحل إذا كانت الأوضاع تحت السيطرة كما يقال؟ هنا عمد السرياطي مجددا إلى تعديل السيناريو الذي يصور فيه نهاية العالم: قنبلة القصر، بحر من الدماء، ولا سيما خطر تعرض الرئيس للاغتيال من قبل أحد حراسه الشخصيين في حالة ما أصر على البقاء ".
وتشير ليلى إلى أن بن علي لم يكن ليصعد إلى الطائرة لولا إصرار وإلحاح السرياطي على ذلك. فهو لم يكن يرغب حتى في مرافقتنا إلى المطار. وحتى عندما كانت الطائرة تطير بنا صوب السعودية كان زوجي مقتنعا بأن بإمكانه العودة إلى البلاد في صباح اليوم الموالي.
وتقول إن الرئيس حاول ربط الاتصال الهاتفي بدون جدوى، وكان عليه التوجه إلى قمرة القيادة من أجل إجراء مكالمة هاتفية.
لم يتلق طاقم الطائرة أي تهديدات باستثناء التدخل المفاجئ للقائد حينما أعلم بن علي بأن الرئيس المدير العام لشركة " الخطوط التونسية" نبيل الشتاوي، أمره بالعودة من المملكة العربية السعودية بمجرد نزول الجميع من الطائرة.
اتصل  بن علي هاتفيا بالوزير الأول، محمد الغنوشي، ليخبره بأنه توجه إلى السعودية، وأنه سيعود غدا وأمره بتولي تسيير شؤون البلاد بالنيابة. بعد ذلك عاود الاتصال بالوزير الأول الذي أجاب "نوجد حاليا في قصر قرطاج، سيدي الرئيس". فرد الرئيس بسؤال: "ماذا تفعلون في القصر في هذه الساعة؟". فأجاب الغنوشي "لا أدري. اقتادنا حرس ملثمون من منازلنا وساقونا بالقوة إلى القصر". كان صوت الوزير الأول يصل إلى بن علي وهو يأمر أحدهم بالابتعاد: "اخرج من هنا. ألا ترى بأنني أتحدث مع السيد الرئيس". فسأله بن علي مع من يتحدث فأجاب: "أتحدث مع حارس. لا يريد الخروج. إنهم يوصدون الأبواب علينا هنا. لا ندري لماذا يفعلون هذا؟".
تقول ليلى "أعتقد أن زوجي استوعب حقيقة ما يحدث في هذه اللحظة. حاول الاتصال بعلي السرياطي دون جدوى. وعلى الفور، طلب ربط الاتصال بفؤاد المبزع، رئيس مجلس النواب يومها، فسرد رواية مماثلة لراوية الغنوشي".

 

المكالمات الأخيرة 

 

وفي ما يلى نص مكالمات للرئيس المخلوع مع عدد من مسؤولي الحكومة ، تم تسريبها من داخل المؤسسة الأمنية ،

على الساعة الساعة الثالثة صباحا،  بن علي يتصل بمحمد الغنوشي
- بن علي : طلبت منك تظهر مرة أخرى في التلفزة التلفزة وتوضح للناس أني مازلت رئيس تونس الشرعي وأني سأعود غدا للبلاد وسيعود كل شيء إلى طبيعته.
- الغنوشي: سيدي الرئيس أنت مازلت الرئيس الفعلي لتونس لكن عودتك في هذه الظروف في غير محلها خاصة وأن الشعب التونسي لا يرحب بها، يجب أن تبقى في الخارج مزيدا من الوقت حتي تتحسن الأوضاع.
- بن علي: أنا مازلت رئيس تونس الفعلي وسأعود غدا للبلاد طبق ما أمرتك به .
- بن علي: أين أنت.
- محمد: أنا في وزارة الداخلية.
- بن علي: رضا قريرة ( وزير الدفاع ) بجانبك؟
- محمد: نعم سيدي الرئيس.
- بن علي: مرره لي.
- رضا قريرة: سيدي الرئيس.
- بن علي: سي رضا ماذا يحدث بالضبط.
-قريرة: الوضعية خطيرة جدا، ميليشيات تطلق النار على المواطنين، لا نعرف من أين قدموا، هنالك مؤامرة خطيرة.
- بن علي: هل تحدثت إلى السرياطي؟
- قريرة: لقد أمرت بإيقافه.
- بن علي لماذا قمت بهذا العمل ماذا فعل السرياطي؟
- قريرة:لا أعرف لكن المخابرات العسكرية بحوزتها معلومات حساسة.
- بن علي :من أي نوع هذه المعلومات.
- قريرة:لا أستطيع التكلم في الهاتف.
- بن علي:قل لي ماذا فعل علي؟
- قريرة: لا أستطيع، ليست لي ثقة في احد وممكن أن أكون تحت التنصت، تعرف هذا؟
- بن علي: مذا تريد أن تقول ؟.
- قريرة: تعرف جيدا سيدي الرئيس.
- بن علي: قل لمحمد الغنوشي سأعود غدا وسيعود كل شيء إلى ما كان عليه.
- قريرة: لا تستطيع العودة، البلاد توشك على الاحتراق، الناس يعتقدون أنك هربت، انتظر يومين أو ثلاث وسنخبرك بماذا سيحدث.
- بن علي:لا سبيل إلى ذلك سأعود، سأعود.
-قريرة: إن عدتم سأضطر إلى حمايتك وسيكون الجيش مجبرا على قتل المواطنين.لا نريد أن يقع هذا.
- بن علي يقطع الاتصال
الساعة الخامسة و18 دقيقة ، محمد شيخ روحه قائد الطائرة الرابضة في مطار السعودية يهاتف الوزير الأول محمد الغنوشي.
- شيخ روحه: سيدي الوزير ماذا افعل مازلت في المطار وقد أمرني الرئيس بعدم التحرك.
- الغنوشي: لا أستطيع أن أقول لك أي شيء ، انتظر فرضا قريرة والجيش من يديرون البلاد الآن.
- شيخ روحه: سيدي الوزير، ماذا أفعل أنا انتظر التعليمات منذ 5 ساعات؟
في هذه اللحظة يقول قريرة للحاضرين معه دون قطع الهاتف، سأطلب من قائد الطائرة العودة إلى  تونس بدون بن علي وأتحمل مسؤوليتي.
- قريرة: محمد، استعد للعودة سأعطيك التفاصيل في 10 دقائق أعطيني رقم هاتفك.
- شيخ روحه: حاضر سيدي الرقم هو....
- قريرة: اترك الهاتف بجانبك سأتصل بك.

بعد 10 دقائق يتصل قريرة بقائد الطائرة ويقول له ،عليك العودة الآن بدون الرئيس، هذا القرار اتخذ على أعلى مستوي وعليك تنفيذ التعليمات.
- رضا قريرة يتصل بالهادي البكوش ( رئيس الوزراء الإسبق )
-قريرة: رضا قريرة في الهاتف.
- البكوش: سيدي الوزير هل أنت وراء رحيل بن علي؟
- قريرة: سنتحدث في ذالك لاحقا، لقدت اتخذت قرارا في غاية من الأهمية بعد أن اجتمعت مع محمد الغنوشي و فؤاد المبزع وعبد الله القلال والجنرال عمار وأحمد فريعة وكمال مرجان، لقد قررت منع بن علي من الرجوع إلى تونس.
- البكوش: هل تلقيتم تعليمات من سفارة محددة قبل اتخاذ هذا القرار؟
- الهادي البكوش: ( يواصل ) قوموا بما ترونه صالحا.
- قريرة: لقد اتفقنا أن يمر السيد فؤاد المبزع إلى الفصل 57 غدا صباحا لكنه لا يريد أن ينصت إلينا ، قال إنه مريض، لكن علينا تطبيق ما ينص عليه القانون ، حاول إقناعه...