للمرة الثانية على التوالي، تتأجل الجولة الثانية من المشاورات الثنائية بين وفدي مجلس النواب، ومجلس الدولة في مدينة بوزنيقة المغربية، دون ذكر أسباب موضوعية محددة لهذا التأجيل.

وكانت السلطات المغربية أعلنت أن أسبابا وصفتها "باللوجيستية" هي ما تسبب في التأجيل من يوم أمس الأول الأحد إلى اليوم الثلاثاء، والذي لم يتم خلاله استئناف الحوار، الأمر الذي أفسح المجال أمام التكهنات، والشائعات على حد سواء، للبحث عن أسباب التأجيل المتكرر بعد جولة سابقة بعثت التفاؤل في عدة أوساط وأن تحفض عليه كثير من متابعي الملف الليبي، باعتبار أن كل ما دار فيها مجرد مناقشة مشتركة بين ممثلين عن مجلس النواب، ومجلس الدولة، لإحدى مواد الاتفاق السياسي الذي -مدد عمر الأول وأستنساخ الثاني من المؤتمر الوطني المنتهية ولايته-، حيث لم يتجاوز الحوار في بوزنيقة، مناقشة بعض الترتيبات المتعلقة بالتفاهم بين الطرفين على فحوى المادة 15 من الاتفاق السياسي، الذي وقع قبل خمس سنوات في الصخيرات التي لاتبعد إلا عدة كيلومترات عن بوزنيقة.

وعلى الرغم من أن الجولة الجديدة يفترض ألا تجد أي اعتراض على انطلاقها باعتبارها أقرب للبروتوكولية، والتي سيتم فيها التوقيع على ما تم التوافق عليه في الجولة الأولى مع الأخذ ببعض الملاحظات، ومراجعة بعض التفاصيل، إلا أن الأمر أخذ مسارات غير واضحة جعلت الجلسة تتعثر على الرغم من الإعلان عن وصول المشاركين من الطرفين.

مصدر خاص من مدينة بوزنيقة المطلة على المحيط الأطلسي، كشف لبوابة افريقيا الإخبارية، أن الأسباب الحقيقية لتعثر عقد جلسات الحوار الليبي من جديد، ليست ليبية بالكامل، على الرغم من الخلاف والتخوف الذي يسود أوساط المشاركين، فالخلافات والمنافسة بين عدة أطراف مغربية تقف عائقا رئيسيا أمام استئناف الحوار.

المصدر الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، أكد أن صراعا داخل دوائر الوسيط "المغرب" ومحاولة شخصنة النجاح والفشل، أخرجت الحوار الليبي من طابعه الدبلوماسي إلى مسار أمني بحت، ولعل تعرض أحد المسؤولين الليبيين لمعاملة غير لائقة بمجرد احتسابه على أحد الأطراف المغربية، وقوة علاقته بجهاز استعلاماتي مغربي جعلته محل إزدراء من طرف مغربي آخر منافس للطرف الأول، وفي ظل هذه الأجواء التي تمثل ضغوطا إضافية على المشاركين الليبيين، قد تولد حالة من الإذعان والقبول بأي نتائج وأن كانت على حساب قناعاتهم، ومصالح الأطراف التي يمثلونها.

وإلى جانب هذه المعطيات الجديدة والمتغيرات التي طرأت على أوضاع الوسيط المغربي الذي تمكن في الجولة الأولى بفضل حياديته من تقريب وجهات النظر بين المتحاورين، طرأ أيضا وبشكل يبدو متماهيا معه أيضا تغير في تشكيلة ممثلي مجلس الدولة، إذ كشفت مصادر إعلامية لقناة العربية الفضائية، أن مجلس الدولة رفع عدد ممثليه من 5  أعضاء إلى 13 يقودهم مجموعة من المحسوبين على الإخوان المسلمين، فيما بقي وفد مجلس النواب المشارك في المفاوضات مكون من 5 أعضاء بدون مستشارين، وهم ذاتهم المشاركين في الجولة الأولى، الأمر الذي بث حالة تخوف لديهم وجعلهم يطالبون بتحديد دقيق لجدول الأعمال من قبل السلطات المغربية المسؤولة عن تسيير الحوار، وأسباب تغيير وفد مجلس الدولة من قبل المجلس.

بالنظر لحالة التعثر المستمر وتضارب التعليلات لعدم استئناف جولة الحوار الثانية في بوزنيقة، يبدو أن من يقف وراء هذا الحوار لم يكن يهدف للوصول إلى توافق بين الطرفين، أو أن ما تم التوافق عليه في الجولة الأولى لم يأتِ كما كان ينتظر، وإلا ما مبرر أن تتعطل جلسات شكلية بعد نجاح جلسات فعلية سابقة؟، ولماذا تم تغيير عناصر لجنة مجلس الدولة كما ونوعا؟، وما الرابط بين هذا التغيير وتغير المعاملة من طرف الوسيط؟، خاصة إذا ما علمنا أن الطرف المغربي الذي يتخوف من ممارسته ضغوط على بعض الأطراف الليبية ينتمي لنفس التيار المسيطر على وفد مجلس الدولة.