تنتظم الانتخابات التشريعية في تونس يوم 26 أكتوبر الجاري، في ظل مشهد سياسي يُذكّر بانتخابات 2011 التي غلب عليها تشتت الأصوات الحزبية، لاسيما أمام سعي حزب النهضة الإسلامي إلى تغذية الانقسام بين من يُعرفون بالدستوريين المنتمين إلى النظام القديم.

وتشكو الأحزاب الديمقراطية من كثرة القائمات الحزبية المرشحة للبرلمان، حتى تجاوز عددها 1326 قائمة. وفي حين لم تُقدّم حركة النهضة مرشحا للانتخابات الرئاسية، فإنّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد قبلت 27 مترشحا بصفة رسمية من ضمن ما يفوق 70 مترشّحا.

ويؤكّد العارفون بالمشهد السياسي التونسي أنّ معظم المرشحين ينتمون إلى العائلة السياسية الليبرالية والعلمانية نفسها، غير أنّ الحزب الإسلامي عرف كيف يختلق حالة من الطمع لدى جمع من المرشحين بشأن دعمه خلال الاقتراع الرئاسي المقبل.

ويعتبرون أنه من أسباب تشتت الأحزاب الديمقراطية المواجهة لحزب النهضة الإسلامي وحلفائه هو قرار الأحزاب الكبرى المنافسة لها، وخاصة حزب نداء تونس، بدخول الانتخابات فُرادى وفق قائمات “حزبية” دقّت مسمارا في نعش الجبهات والتكتلات الحزبية السابقة.

وفي هذا الصدد انفضّ تحالف "الاتحاد من أجل تونس"، الذي كان يضمّ مجموعة من الأحزاب الديمقراطية بزعامة حزب "نداء تونس" ورئيسه الباجي قائد السبسي، بالإضافة إلى أربعة أحزاب أخرى من بينها المسار الديمقراطي والحزب الجمهوري، حيث لم يصمد هذا العمل الجبهوي أمام الخيارات الحزبية للحزب الأكبر، وفازت النزعات الفردية والشخصية على الجهود الوحدوية.

يُذكر أن تكتّل "الاتحاد من أجل تونس" الذي كان يُشكّل النواة الصلبة لما عُرف بـ”جبهة الإنقاذ” إلى جانب الجبهة الشعبية التي تضمّ نحو عشرة أحزاب، كان قد نجح في توحيد صفوف الديمقراطيين واليساريين ضدّ الإسلاميين، وتحديدا النهضة، بعد اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب والقيادي القومي العروبي محمد إبراهمي.

وكان من المفترض أن يتطوّر هذا التحالف السياسي إلى تحالف آخر انتخابي يتقدم إلى الاستحقاق التشريعي بقائمات مشتركة، غير أنّ الرغبة في زعامة تلك القائمات حالت بشكل مبكّر دون استكمال المشروع التوحيدي.

 

 

*نقلا عن العرب اللندنية