أثارت التصريحات التليفزيونية التي أدلى بها إسلام عامر نقيب المأذونين في مصر مطلع الشهر الجاري موجة جدل لم تتوقف في الأوساط الحقوقية النسوية، بعد رفضه تعيين المرأة كـ”مأذونة” لعقد الزواج.

فقد اعتبر نقيب المأذونين في مصر عامر نقيب أن اضطلاع المرأة بمهنة المأذون “مخالفا” للشريعة الإسلامية، وذلك لأن عقد الزواج يجب أن يقوم به رجل كامل العقلية لا يعتريه ما يعتري المرأة من أعراض الحيض والنفاس التي تترتب عليها أحكام شرعية منها عدم دخول المساجد، ومن المعروف أن غالبية عقود الزواج تتم الآن في المساجد، على حد تصريحاته.

وأضاف عامر، خلال لقاء تليفزيوني بثته إحدى القنوات الفضائية المصرية الخاصة، مؤخرا: “توثيق العقود في الشهر العقاري يختلف عن توثيق عقود الزواج”، موضحا أن “عدد أبناء مهنته في مصر يبلغ 6 آلاف و800 مأذون، بينهم 5 سيدات”، في إشارة إلى عدد المسجلين بالنقابة.

وأكد نقيب المأذونين، أن “أهم العقود في الشريعة الإسلامية هي عقود الزواج، وأن ما بني على باطل فهو باطل، وبالتالى فإن ما تعقده المأذونة من عقود زواج تكون باطلة شرعا”، متابعا “أخشى أن يكون ما يثمره الزواج أبناء غير شرعيين ليس لهم ذنب إلا أن والدهم ووالدتهم ذهبا إلى مأذونة لا يعترف الشرع بعملها”.

بدوره، استنكر سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف المصرية سابقا وأستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا (غير حكومية) ما جاء على لسان عامر من تصريحات.

وقال سالم: “التجرؤ على إصدار الفتاوى التي تبيح وتحرم أمرا بالغ الخطورة ويثير العديد من الأزمات في المجتمع؛ لذلك علينا أن نفرق بين الفتاوى التي تصدر عن أهل العلم وبين ما دون ذلك”.

وفند عبدالجليل الأسباب التي ساقها نقيب المأذونين لتحريم عمل المرأة كمأذون قائلا: “كل حفلات عقد الزواج أصبحت تقام اليوم في دور المناسبات وليست في المساجد وبالتالي لا ضير أبدا في أن تحضر المأذونة لعقد الزواج وهي حائض شأنها شأن باقي المدعوات اللاتي لا يمنعهن نفس العذر الشرعي عن الحضور”. وأضاف: “كما أن لكل مأذون مندوبا ينوب عنه في حالات الضرورة إذا ما تعذر ذهابه لعقد الزواج لأي سبب”.

وفي ما يتعلق بأهلية المرأة للقيام بهذا الدور، قال عبدالجليل إن “كل ما يقوم به المأذون هو توثيق عقد الزواج الذي يتم في الأصل بين ولي المرأة والزوج، وهي بطبيعة الحال وظيفة تستطيع المرأة القيام بها بكل يسر”.

واختتم عبدالجليل بالتأكيد على “شرعية كل حالات الزواج التي تمت على يد مأذونات”.

ومن جانبه قال الدكتور نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة “إذا كان المأذون امرأة فإن عقد الزواج يعتبر غير باطل”، وبين أن المرأة يمكن أن تكون مأذونة شرعية عند الضرورة إلا أنه لا يفضل ذلك لمبررات كثيرة منها العرف الاجتماعي في مصر. وذكر عوضين، أن الشرع أعطى الأولوية للرجل في أن يكون وليا للعروس، إلا أنه في حالة عدم وجود ولي لها من الرجال ولم تبلغ من العمر 25 عاما فيجوز لأمها أن تكون وليا لها.

من جانبها، وصفت نهاد أبو القمصان، مدير المركز المصري لحقوق المرأة (غير حكومي) تصريحات عامر بـ”المتاجرة بالدين”.

وقالت أبو القمصان: “ما جاء على لسان نقيب المأذونين تشويه للدين الإسلامي الذي كرم المرأة قبل أن يكون تشويها للمرأة المصرية نفسها”.

وتابعت أن “المرأة ليست كائنا معيبا أو منقوصا كي لا تتمكن من شغل نفس الوظائف الإدارية التي يشغلها الرجل”.

ومضت موضحة: “المأذون مجرد موظف في وزارة العدل، يتولى مهمة توثيق عقود الزواج، وليس له أي صبغة دينية”.

واختتمت الناشطة النسوية تصريحاتها بالتأكيد على “رفضها للفتاوى العنصرية التي تصدر عن رجال غير مختصين في دراسة الدين الإسلامي”.

بينما قللت ثناء السعيد، عضو المجلس القومي للمرأة (حكومي) من مدى جدوى فتوى نقيب المأذونين قائلة: “الدستور المصري ينص على المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في كافة مجالات العمل، وبالتالي يتعامل المركز القومي للمرأة مع أي دعوات تنطلق إعلاميا للترويج لعزل المرأة عن مهنة ما بوصفها دعوات مخالفة للدستور لا تستحق أن نعيرها اهتماما بالغا لأنها لن تغير شيئا على أرض الواقع”.

وأوضحت قائلة: “المجلس القومي للمرأة لعب دورا كبيرا منذ عام 2008 كي تتقلد المرأة وظيفتي المأذون والقاضي، لذلك نعتبر تلك التصريحات دعوة إلى وقف آلة الزمن والعودة بها إلى الوراء وهو أمر مستحيل الحدوث”.

وكانت أمل سليمان أول مأذونة يتم تعيينها في مصر أجرت مداخلة هاتفية خلال البرنامج الذي استضاف نقيب المأذونين تحدثت فيها عن أن عامر ليس نقيبا للمأذونين لأنه لم ينتخب من قبل عموم المأذونين بل هو نقيب في نقابة مستقلة وليست مهنية وبالتالي ليس له أي ولاية على عموم المأذونين.

وقالت: ”لا أعترف بنقابة المأذونين، فهم مجموعة من المأذونين اجتمعوا وأنشأوا جمعية وأطلقوا عليها نقابة المأذونين، وليس لهم الحق في تعيين المأذون، لأنه يُعين من وزارة العدل”. كما هددت بملاحقته قضائيا إذا لم يتوقف عن التشكيك في صحة عقود الزواج التي توثقها المرأة.

وقالت أمل سليمان عفيفي، إن نقابة المأذونين وهمية، وليست مهنية، وقرار تعيين امرأة مأذونة صدر بحيثيات قانونية عام 2008. وصرحت: ”أنا أول مأذونة في مصر، وتم تعييني بقرار قضائي، والمحكمة لم تعترض على تعييني على الإطلاق، وأي أحد “جاهل” يستطيع قراءته (القانون)، وفهمه”.

*نقلا عن العرب اللندنية