منذ إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، تتعاطى إيطاليا مع المشهد الليبي على أنها إرث إستعماري يمكنها من التواجد في الساحة الليبية كامتداد إستراتيجي لروما.

وقد أثار هذا السلوك الإيطالي امتعاض فاعلين دوليين آخرين لهم أطماع في الكعكة الليبية،إلا أنه شهد الموقف الإيطالي في الفترة الأخيرة هدوء ملحوظا إثر تقدم قوات الجيش الليبي نحو طرابلس في إطار عملية تحريرها من سطوة الميليشيات. من ذلك،استبعد نائب رئيس الوزراء الإيطالي، لويجي دي مايو إي تدخل محتمل في ليبيا.

وكتب دي مايو على موقع فيسبوك "نستبعد تماما أي تدخل عسكري محتمل في ليبيا، لا اليوم ولا أي وقت مطلقا، مثلما نستبعد أي دعم محتمل حتى ولو غير مباشر للدول الأخرى". وقال دي مايو الذي يرأس حزب حركة خمس نجوم الشريك في الائتلاف الحاكم، في رسالته "في ظل وجودنا في الحكومة لن تكرر إيطاليا تلك الأخطاء".

وكان دي مايو يشير إلى عام 2011، عندما ساعدت الغارات الجوية التي نفذها حلف شمال الأطلسي (ناتو) في الإطاحة بحكم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي حيث  تركت البلاد في حالة فوضى.

من جانب آخر، وصل القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر إلى روما مساء أمس الأربعاء، بحسب صحيفة «لاستامبا» الإيطالية.

ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية عن الصحيفة، قولها، إن المشير خليفة حفتر يغادر إلى باريس لاجتماع مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وأكد رئيس الحكومة الإيطالية كونتي الثلاثاء الماضي بعد استقباله رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج في روما، أنه يسعى للقاء المشير خليفة حفتر، مضيفًا أنه "في كل محادثاتي ما زلت أقول إن الحل لا يمكن أن يمر بالوسائل العسكرية".

ووصف كونتي، في تصريح للصحفيين على هامش منتدى للإدارة العامة في روما، لقائه مع حفتر بـالمطوّل قائلا "لقد دعوت إلى وقف إطلاق النار ونثق في أنه يمكن السير في طريق الحل السياسي". وأكد كونتي، قلقه تجاه تطورات الأوضاع الذي تعيشها ليبيا في الوقت الراهن.

وسبق الاجتماع بين كونتي وحفتر بمقر رئاسة الوزراء (قصر كيجي) لقاء للأول مع السفير الأمريكي لدى إيطاليا، لويس إيزنبرغ.

في نفس الإطار،قال السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي غريمالدي، إن الموقف الإيطالي واضح بشأن عدم دعم الهجوم الذي تشنه القوات التابعة للقيادة العامة منذ 4 إبريل الماضي، على ضواحي العاصمة طرابلس.

جاء ذلك خلال لقاء وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا صباح اليوم الخميس، سفير إيطاليا لدى ليبيا جوزيبي غريمالدي، بديوان وزارة الداخلية بالعاصمة طرابلس، لمناقشة المستجدات الأمنية والأوضاع الراهنة التي تمر بها العاصمة طرابلس، بحسب بيان صادر عن داخلية الوفاق.

وأكد السفير الإيطالي دعم بلاده، لحكومة الوفاق الوطني "باعتبارها الحكومة الشرعية والمعترف بها دولياً", مشيراً إلى أن "الموقف الإيطالي واضح بشأن عدم دعم ما قام به حفتر من هجوم على ضواحي العاصمة طرابلس".

يذكر أنه منذ الرابع من أفريل الماضي، تشن قوات الجيش الليبي هجوما للسيطرة على العاصمة طرابلس، التي يوجد فيها مقر الحكومة الانتقالية..

وتشهد العاصمة طرابلس اشتباكات عنيفة في عدد من المحاور حول العاصمة طرابلس بين الكتائب والقوات الموالية للمجلس الرئاسي، وقوات الجيش الوطني التابعة للمشير خليفة حفتر.

يرى مراقبون أن السياسة الإيطالية بقت مترددة ونزعت أكثر إلى التعويل على الدور الأممي لمواجهة الإرهاب في هذا البلد أو التوسط لتسوية الأزمة بين المتنازعين، وفق ما ذهب إليه رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي في تصريحات له في وقت سابق.

فالعلاقة الإيطالية اللليبية مدفوعة بالعامل الاقتصادي بشكل رئيسي إذ ترتبط بعلاقات اقتصادية ومعاملات تجارية كبيرة، لعل أهمها وأكبرها مشاريع النفط والغاز، والتي تمثل شركة "إيني" أهم أذرعها حيث تمتلك أهم امتيازات النفط والغاز في ليبيا إلى جانب غيرها من الشركات العالمية الأخرى التي تتنافس مع الشركات الوطنية الليبية، وتستورد إيطاليا من ليبيا  ما يتجاوز ربع وارداتها من الطاقة التي تمثل  80% من احتياجاتها من الطاقة، علاوة على اعتمادها على الغاز الليبي في تلبية 12% من احتياجاتها.