بدأت الحرب على طرابلس منذ الخامس من أبريل الماضي ولازالت قائمة إلى هذه اللحظة وأدت إلى خسائر مادية و كارثية في العديد من القطاعات.
تحتضن طرابلس أكبر مؤسستين تحركان عجلة الاقتصاد الليبي الريعي المعتمد على النفط، وهما المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، إضافة إلى أكبر مؤسسة استثمارية وهي المؤسسة الليبية للاستثمار النفطي لذلك تعتبر طرابلس عصب الإقتصاد الليبي بالتالي فإن الأحداث الأخيرة في طرابلس أثرت بشكل مباشر في المؤشرات الإقتصادية.
لم تتأثر عمليات انتاج النفط الليبي بالحرب الدائرة في العاصمة لسبب بسيط هو أن الحقول التي تنتج النفط والموانئ التي تصدره بعيدة عن طرابلس وما يدور فيها باستثناء ميناء الزاوية القريب نوعاً ما من محيط الاشتباكات، فالزاوية لا تبعد عن عاصمة ليبيا سوى أربعين كيلومتراً في اتجاه الغرب.
ويستشهد معارضو حكومة الوفاق المعترضون على تصريحات مسؤوليها بشأن الحرب في طرابلس وآثارها على الاقتصاد الليبي، بأن انتاج حقل الشرارة النفطي تجاوز ربع المليون برميل يومياً (285 ألف برميل يومياً).
يتهم مراقبون حكومة الوفاق بالتناقض ونشر دعاية سلبية لا أساس لها. ومنها ما أعلن الثلثاء 23 مايو (أيار) عن تخصيص مبلغ مليار دينار ليبي لتأمين السلع الأساسية، فمبلغ كهذا لا تستطيع حكومة تخنقها أزمة أن تخصص مصروفات لشهر واحد.
على الرغم من حالة الإستقرار الجزئية التي يعيشها الاقتصاد الليبي بسبب تواصل انتاج النفط وتصديره، فبالتأكيد الحرب الدائرة في العاصمة ذات آثار سلبية على بلد ذي نظام مركزي إذ تتمركز المؤسسات والإدارات والشركات الفاعلة في العاصمة طرابلس. وهذا ما أثر سلباً في النشاط الاقتصادي والخدمي. فقد أسهم في تأخر صرف رواتب المواطنين خارج العاصمة التي يصرف معظمها من طرابلس.
وتعتمد طرابلس في معظم دخلها على إنتاج النفط والغاز وقروض بدون فوائد من البنوك المحلية إلى المصرف المركزي بالإضافة إلى رسوم نسبتها 183% على تحويلات العملة الأجنبية بالأسعار الرسمية.
وفي ظل تراجع شديد في جباية الضرائب مركزيا، تراكم الدين العام ليصل إلى 68 مليار دينار في الغرب ويشمل ذلك التزامات لم تسددها الدولة مثل التأمينات الاجتماعية.
ويتوقع بعض المحللين أن تضطر حكومة السراج للحصول على قروض جديدة إذا استمر الصراع للسيطرة على طرابلس لمدة أطول.
ولا تزال حكومة طرابلس، على الرغم من نطاق سيطرتها المحدود، تدير ميزانية سنوية تبلغ حوالي 46.8 مليار دينار توجه بالأساس للرواتب ودعم الوقود.
ووفقًا لبيانات من صندوق النقد الدولي تبلغ نسبة دين حكومة السراج إلى الناتج المحلي الإجمالي 143%، وهو ما يجعلها إحدى أكثر الحكومات المدينة في العالم وفقا لذلك المقياس.
وأدى انتشار الفوضى وغياب القانون في البلاد إلى التوقف عن انشاء أي مشروعات كبرى للبنية التحتية منذ إثر الإطاحة بمعمر القذافي وهو ما يجعل المدارس والمستشفيات والطرق في حاجة ماسة للإصلاح والترميم.
في نفس الإطار،قال تقرير صادر عن مؤسسة كارنيغي البحثية ، إنه مع استمرار حالة الحرب في البلاد، لن يحتدم مستوى النزاع وحسب، إنما أيضاً طبيعته في إطار سعي الطرفَين إلى تعزيز قواعد الدعم وانتزاع أفضلية استراتيجية، متوقعاً أن يصبح الاقتصاد الليبي ساحة المعركة المقبلة بين الطرفين حيث يُسيطر حفتر على الحقول النفطية، فيما تُسيطر طرابلس على توزيع الأموال.
وكشفت شبكة بلومبيرغ الاقتصادية في تقرير لها أن الأوضاع الأمنية في ليبيا، في إشارة إلى التوتر الأمني الأخير بطرابلس، أثرت بشكل مباشر على الإنتاج العالمي للنفط وسط إشارات من منظمة أوبك وحلفائها على الاستمرار في خفظ الإنتاج إذا ما استمر النزاع في ليبيا ما يزيد مخاطر الاتجاه للإمداد من إيران وفنزويلا.