اجمد نظيف – بوابة افريقيا للاخبار ( خاص )

تنقسم القيادات و الشخصيات الجهادية في تونس الى رموز حركية تنظيمية و مراجع دينية شرعية لا تنخرط في العمل الحركي التنظيمي المباشر و تكتفي بالتوجيه المعنوي و الأدبي و الاستشارة الشرعية و الفتوة و تملك "ثقل روحي" لعناصر التنظيمات و الجماعات التي تحمل الفكرة الجهادية القائمة على مبادئ "الحاكمية و الخلافة و الجهاد المسلح" .

و بدورها تنقسم القيادات الجهادية التونسية الى قسم ناشط داخل البلاد،و أغلبهم في حالة تخفي و فرار من العدالة القضائية ،و قيادات و شخصيات تعمل خارج البلاد ،سواء في ليبيا للاشراف على العمل الجهادي داخل البلالد،أو منخرطة في تنظيمات جهادية اقليمية و دولية ،في سورية و مالي و الجزائر و العراق أو ذات نشاط خفي حاضرا أو سابقا في الخلايا النائمة بأوروبا،و بعضها الاخر معتقل على ذمة قضايا ارهابية لدى بعض الدول الاوروبية و الولايات المتحدة الامريكية .

المراجع الشرعية للتيار الجهادي في تونس

ويعتبر الشيخ الخطيب الادريسي ،المرجعية الشرعية الاعلى للتيار الجهادي في تونس ، فقد تتلمذ على يده العديد من الشباب الحمال للفكر الجهادي ، واسمه الكامل أبو أسامة الخطيب بن البخاري الادريسي ، من مواليد سنة 1954 بولاية سيدي بوزيد وسط البلاد ،تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بتونس ثم التحق بالتعليم الصحي فتخرج بخطة فني تمريض ،ثم غادر اواساط ثمنينات القرن الماضي (1985) الى المملكة العربية السعودية حيث عمل بالقطاع الصحي ثم اشتغل بطلب العلوم الشرعية على يد مشائخ المدرسة االسلفية التقليدية في الحجاز، و زعيم جماعة الاخوان المسلمين باليمن الشيخ عبد المجيد الزنداني.

قضي الشيخ الإدريسي تسع سنوات تلقى خلالها أصناف العلوم الشرعية ، كما احتك الشيخ الإدريسي بمجموعة من قادة ما كان يسمى بتيار "الصحوة الإسلامية"أو "السروريين" في المملكة العربية السعوديّة ليعود سنة 1994 إلى تونس و تحديدا الى مسقط رأسه في قرية "سيدي علي بن عون" ليتفرغ للتعليم الديني و نشر أفكاره الجهادية ،بالرغم من فقدانه لحاسة البصر سنة 1999 و أصبح مرجعا لشباب التيارات الجهادية في تونس ،ثم تم منعه من طرف الأمن التونسي سنة 2003 من التدريس خاصة بعد انخراط الدولة فيما عرف بالمجهود العالمي لمكافحة الارهاب و بالاخص بعد الهجوم الانتحاري الذي استهدف كنيسا يهوديا في جزيرة جربة جنوب شرق البلاد و تبنته مجموعة جهادية ،و سجن في أعقاب أحدث سليمان،التي دخلت فيها جماعة جهادية تطلق على نفسها "جند أسد بن الفرات" في مواجهات مسلحة مع الجيش و الامن التونسي ، بتهمة التستر على جرائم ارهابية .

و يرى الباحث التونسي في شؤون الجماعات الاسلامية ،هادي يحمد أن ،الخطيب الادريسي "ينادي بتطبيق الشريعة في تونس ويرى انها تتطلب في الوقت الحالي تكاتف الجيران (ليبيا على سبيل المثال) من أجل مغالبة الغرب المتغول علينا، ومما لا شك فيه ان الادريسي هو مفتي الجهاديين بلا منازع ويملك سلطة معنوية ودينية كبيرة على المئات من اتباع التيار السلفي الجهادي. وبالرغم مما يروج حول اختلافات له مع الزعيم الحركي لتنظيم انصار الشريعة، سيف الله بن حسين حول تقييمهما لضرورة اعلان الجهاد في هذه المرحلة في تونس، و لكن من المهم القول ان الشيخ الضرير لم يصدر حتى اليوم اي فتوى للجهاديين تمنع العنف. البعض يعتبر صمته تواطؤا والبعض الاخر يقول انه افتى فعلا للارهابيين".

الى جانب الشيخ الادريسي،تجمع عدد من مشائخ التيار الجهادي التونسي فيما يسمى بالـــ" الهيئة الشرعية للدعوة والاصلاح" و بينهم الشيخ محمد أبو بكر، الشيخ خميس الماجري أحد القيادات التاريخية لحركة النهضة الاخوانية الحاكمة سابقا، الشيخ محمد خليف،الشيخ أبو عاصم بن خليفة، الشيخ أبو صهيب الواصبي، الشيخ نزار المزغني، الشيخ عماد بن صالح المكنى بأبي عبد الله التونسيو الذي تم ترحيله من مصر في شهر أبريل/نيسان 2013 الماضي على خلفية المتاجرة وتزوير جوازات سفر مقابل أموال هامة، بحسب ما  ذكرت تقارير أمنية وقتها.

القيادات الحركية للتيار الجهادي في تونس

ارتبط النشاط الحركي الجهادي داخل تونس منذ سقوط نظام الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي في 14 يناير /كانون الثاني 2011 أبو عياض التونسي ،أمير و مؤسس جماعة أنصار الشريعة،و المتخفي عن الانظار منذ اتهامه خريف العام 2012 بالتورط في الهجوم على مقر السفارة الامريكية بتونس و حرق المدرسة الامريكية بتونس في 11 سبتمبر 2012.

وابو عياض ،اسمه الحقيقي  سيف الله بن حسين ولد في تونس العاصمة  سنة 1965، انتمى إلى الحركة الإسلامية التونسية في ثمانينات القرن الماضي،خرج من تونس سنة 1991 بعد انطلاق الحملة الأمنية ضد الإسلاميين متوجها إلى المغرب الأقصى حيث درس الحقوق . تابعته السلطات التونسية في المغرب فاضطر للخروج إلى لندن وتقدم بطلب اللجوء السياسي في 10 فيفري 1994 وبقي ينشط في السرّ هناك ولم يتلق الإجابة عن طلب اللجوء إلا في العام 2002 عندما كان متخفيا في باكستان وكان الرد بالرفض القطعي إضافة إلى عدم إمكانية الاستئناف، حيث اعتبر خطرا محدقا بالأمن القومي البريطاني.

في لندن تتلمذ  ايو عياض على يد المنظر الجهادي أبو قتادة الفلسطيني ،حيث كانت لندن يومها قاعدة إعلامية خلفية للجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية وتصدر فيها نشرية "الأنصار" بإشراف أبو قتادة و أبو مصعب السوري القيادي في تنظيم القاعدة ، انتقل بعدها إلى أفغانستان إبان حكم الطالبان و استقر هناك حتى اندلاع أحداث سبتمبر 2001 و أسس تجمع الجهاديين التونسيين في جلال أباد سنة 2000،و التقى في هذه الفترة زعيم القاعدة أسامة بن لادن في مقره في قندهار في سبتمبر 2000،ليخرج من أفغانستان في فبراير/شباط 2001 ويتنقل بين عدة دول وكانت آخر محطة هي تركيا أين وقع اعتقاله في 3 فبراير/شباط 2003. بعد شهر من اعتقاله في تركيا تم تسليمه للسلطات التونسية ليحاكم بتهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة  والى تنظيمات إسلامية مختلفة، لتكون جملة الأحكام في حقه 68 سنة قضى منها 8 سنوات قبل أن يتم الإفراج عنه في  مارس 2011 بعد الثورة.

و كانت السلطات التونسية قد صنفت في شهر أب/أغسطس 2013 جماعة أنصار الشريعة كتنظيم ارهابي متهمة أبو عياض "بالوقوف وراء اغتيال المعارضين العلمانيين محمد البراهمي في يوليو/تموز وشكري بلعيد في فبراير/شباط الماضيو بتخزين السلاح داخل البلاد و قتل عدد من عناصر الامن و الجيش في جبل الشعانبي على الحدود مع الجزائر و تشكيل خلايا نائمة في المدن و بمحاولة تأسيس"امارة اسلامية".

و من القيادات الاخرى الناشطة ضمن جماعة أنصار الشريعة نجد وناس الفقيه مسؤول التنظيم بولاية المهدية على الساحل الشرقي،و عادل الحنشي الناشط بولاية باجة و حسن بريك الذي تمت محاكته في قضة الهجوم على السفارة الامريكية و سيف الدين الرايس الناطق الرسمي باسم أنصار الشريعة و سامي الصيد الذي تمت محاكمته سابقا في عهد نظام بن علي بتهمة "الانضمام إلى تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية خارج أرض الوطن " بعد أسلمته السلطات الايطالية لتورطه فيما عرف بخلية "ميلانو الجهادية النائمة ذات العلاقة مع تنظيم القاعدة " لتونس في 3 يونيو/حزيران 2008 و حكم عليه  بالسجن مدة 12 عاما صادرة عن المحكمة العسكرية بتونس.

الى جانب قادة أنصار الشريعة توجد عناصر جهادية حركية أخرى تعمل ضمن مجموعات صغيرة و يتمحور نشاطها حول المساجد التي تحضى فيها بنفوذ كبير و بالاخص في الاحياء الشعبية حول العاصمة و في المدن الكبرى و خاصة "حي التضامن" و "دوار هيشر" و بين هؤلاء سليم القنطري المكنى بأبي أيوب التونسي و الذي كشفت تقارير اعلامية مؤخرا عن تحوله للقتال الى جانب "دولة العراق و الشام الاسلامية-داعش" في سورية في أكتوبر/تشرين 2013 الماضي.

و في تقرير نشره موقع "حقائق أونلاين" التونسي المتخصص في شؤون الجماعات جاء أن أبو أيوب التونسي معروف عنه أنه "من القيادات الدعوية الشابة في التيار السلفي الجهادي، ورغم الهجمة التي تعرض لها من قبل شق من التيار السلفي وخاصة من قبل امام مسجد المركب جامع المنار حسن السالمي واتهام هذا الاخير لابي أيوب للعمالة مع وزارة الداخلية فان ابا أيوب تحدى السالمي ودعاه الى ما اسماه المباهلة انذاك (المواجهة) وتدخلت قيادات في التيار السلفي الجهادي وعلى راسها الشيخ الخطيب الادريسي للوساطة بينهما".   

و يضيف التقرير الذي نشر في 13 نوفمبر 2013 :"ورغم عدم انتمائه تنظيميا الى أنصار الشريعة وعدم حضورة لمؤتمري سكرة (ماي 2011) والقيروان (ماي 2012) فان ابا ايوب يعد أحد ابرز القيادات الدعوية للتيار السلفي الجهادي في تونس. ورغم اختلافاته مع أبي عياض، زعيم تنظيم انصار الشريعة فان أبا أيوب يعد مقربا من الخطيب الادريسي المرجعية السلفية الجهادية الاولى في تونس.وقبل اعتلائه لمنبر مسجد القدس في وادي الليل بضواحي العاصمة عقب ثورة 14 جانفي (يناير)قضى ابو ايوب التونسي سنوات في المهجر الاروبي وتحديدا كامام في مسجد "ستان" في ضواحي العاصمة الفرنسية باريس."

جهاديون تونسيون في الخارج

يعود تاريخ انخراط الشباب التونسي في القتال تحت لواء التنظيمات الجهادية العالمية في بؤر التوتر في العالم الاسلامي الى ثمانينات القرن الماضي حين قاتل العشرات منهم في صفوف ما كان يعرف بـــ"الافغان العرب" ضد "الغزو السوفياتي" الى جانب الاحزاب الاسلامية الافغانية و تحت اشراف مؤسس و مدير "مكتب خدمات المجاهدين" القيادي الاخواني الفلسطيني عبدالله عزام .

و بعد أن وضعت الحرب الافغانية أوزارها توجه عدد من هؤلاء "الجهاديين التونسيين" الى البوسنة حيثوا شاركوا في القتال الى ضد الصرب خلال حرب الابادة العرقية بداية التسعينات،كما شارك العديد من الشباب التونسي في القتال في صفوف "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" بقيادة أبو مصعب الزرقاوي بعد احتلال العراق العام 2003،بينهم يسري الطريقي ،المكنى "بأبي قتادة التونسي" و الذي قام بعملية استهدفت قبّة الإمامين الهادي والعسكري وجرى اعتقاله ليحكم بالاعدام و لا يعود الى تونس الا رفاة العام 2011.

و كشف تقرير لشبكة "CNN" الامريكية حول المقاتلين التونسيين في صفوف القاعدة عن أن "العقل المخطط لهجوم مدريد في 2004 ، كان تونسيا، وقال مسؤول أمني إسباني، إن قائد الخلية وأحد الذين لقوا مصرعهم شخص تونسي الجنسية، يدعى سرحان بن عبدالمجيد فاخت.وفاخت، هو أحد ستة أشخاص تمت تسميتهم كمشتبه فيهم في التفجيرات، ضمن أمر الاعتقال الدولي الذي أصدرته المحكمة الأسبانية.وتقول مذكرة الاعتقال، إن سرحان بن عبد المجيد فاخت، الذي تطلق عليه وسائل الإعلام الأسبانية إسم "إل تونيثينو" أو التونسي، بدأ يدعو إلى الجهاد في مدريد بمنتصف عام 2003، إن لم يكن قبل ذلك."

و يضيف التقرير : "كما تبين للمحققين أنّ الشخص الغامض في شريط فيديو "القاعدة" الذي عثرت عليه القوات الأميركية في أفغانستان، هو كندي تونسي الأصل، يعيش في مونتريال، ويدعى عبد الرؤوف بن الحبيب بن يوسف الجدي، البالغ من العمر 36 سنة.وقد عثرت القوات الأميركية على الشريط وسط ركام البيت، الذي كان يسكنه محمد عاطف (ابو حفص المصري)، المسؤول العسكري السابق في تنظيم "القاعدة"، والذي قتل في القصف الاميركي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.وتفيد التقارير أن لعبد الرؤوف الجدي، ستة أسماء مستعارة، وأنه وصل إلى كندا في ابريل/ نيسان1991، وحصل على الجنسية الكندية عام 1995، ومن ثم على جواز سفر، باسم عبد الرؤوف جدي عام 1999."

كما عرج التقرير الامريكي على قضية لاعب كرة القدم الدولي التونسي المحترف، نزار الطرابلسي، "الذي أصدرت بحقه محكمة في بروكسل حكما بالسجن عشر سنوات عام 2003، بتهمة التخطيط لتفجير قاعدة عسكرية تابعة لحلف شمال الأطلسي في بلجيكا، بالنيابة عن تنظيم القاعدة ،واعترف طرابلسي علانية بدوره في تلك القضية، فيما نفى ضلوعه في مؤامرة مماثلة بباريس،التس سلمته منتصف العام الحالي الى الولايات المتحدة ليحاكم هناك.

و كانت وزارة الداخلية التونسية قد أصدرت في مايو/أيار 2013 الماضي دراسة حول الجهاديين  التونسيين المنتشرين في مناطق عديدة من البلدان التي تنشط فيها فروع لتنظيم القاعدة،كان قد نشرها بشكل حصري،موقع "حقائق أونلاين".

و تشير الدراسة الى "وجود حوالي 25 جهاديا ينشطون في صلب تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي في و 30 جهاديا انضموا الى الجماعات الجهادية في مالي قتل منهم حسب الاحصائية ستة اشخاص , و 24 جهاديا ينشطون صلب تنظيم القاعدة في اليمن،وفي ما يتعلق بالعراق فقد احصت المصالح المختصة وجود حوالي 40 تونسيا في الوقت الحالي اعتقل اغلبهم من قبل السلطات العراقية فيما بلغ عدد الجهاديين الذين انخرطوا في الجماعات الجهادية العراقية حوالي 326 مقاتلا منذ بداية الحرب في هذا البلد،الى جانب عن وجود 123 تونسيا يتدربون في الوقت الحالي في معسكرات تابعة للتنظيمات الجهادية في ليبيا،وفي ما يتعلق بأفغانستان فان الاعداد الحالية للمقاتلين التوانسة بحسب نفس المصادر لا تتجاوز بضع عشرات لان غالبيتهم خير اللاتحاق بالجماعات الجهادية في العراق وسوريا او عادوا الى المغرب العربي".

و كشف مؤخرا شريط مصور لكتيبة "الموقعون بالدماء" ، التي اندمجت مؤخرا مع جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا تحت تسمية "المرابطون" نشرته وكالة نواكشوط للأنباء الموريتانية، عن أسماء المقاتلين الأربعة الذين قاموا بعملية عين أمناس التي استهدفت مجمعا للغاز بالجزائر،ويتعلق الأمر بتونسيين ،"عزام التونسي"، و"أنيس التونسي"،كما كشفت الجماعة عن أسماء العناصر التونسية التي ثكنة فرنسية في مدينة "آكاديز وآرليت" في النيجر،و هم محمد المحظي المكنى "فاروق التونسي"، وأسامة عكار المكنى "مهند التونسي"