يصر رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبدالحميد الدبيبة،على التاكيد على عزمه على المضي بالبلاد قدما نحو الانتخابات العامة،بالرغم من اختيار البرلمان لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا واعتباره بأن ولاية حكومة الدبيبة قد انتهت فعليا وهو ما يثير مخاوف من قيان حكومتين وحدوث صدام يعمق الانقسامات ويجهض جهود التسوية المبذولة خلال الفترة الماضية.

وفي كلمة توجه بها إلى الليبيين، مساء الاثنين،أعلن الدبيبة،عن اطلاق ما أسماه "خطةعودة الأمانة للشعب"،والتي ستنهي كافة الأجسام السياسية الحالية، بما في ذلك حكومة الوحدة الوطنية. وتتضمن الخطة أربعة مسارات بشأن إجراء الانتخابات وإقرار الدستور، تقود إلى إجراء انتخابات برلمانية في يونيو المقبل.

وأوضح الدبيبة،أن المسار الاول للخطة يتمثل في تشكيل لجنة فنية حكومية تتولى صياغة قانون الانتخابات وتقديمه إلى مجلس الوزراء، الذي سيحيله بدوره إلى نواب البرلمان للموافقة عليه خلال أسبوعين.وفي حال تعطل هذا المسار، قال الدبيبة إنه سيتم العمل بالقانون رقم 2 لسنة 2021 بشأن الانتخابات البرلمانية أو القانون رقم 4 لسنة 2012 الذي نظم أول انتخابات تشريعية، وذلك حتى لا يكون هناك أي عذر لعدم إجراء الانتخابات.

ويتمثل المسار الثاني لخطة الدبيبة،في انطلاق العملية الانتخابية قبل انتهاء المرحلة التمهيدية لخارطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار، وفقا لجدول زمني تفصيلي تضعه المفوضية العليا للانتخابات بالتشاور مع الحكومة والمجلس الرئاسي، يتضمن تحديث سجل الناخبين ومنح الوقت الكافي للحملات الانتخابية.

بينما يتضمن المسار الثالث،إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور وفق التعديل العاشر للإعلان الدستوري وقانون الاستفتاء المحال للمفوضية، والذي عززه اتفاق الغردقة بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية.

أما المسار الرابع فيقضي بالعمل بخيار الاستشارة الإلكترونية في حال محاولة أي طرف استخدام القوة لمنع التصويت، ويكون ذلك بشفافية تامة وإشراف دولي يضمن سلامة التصويت ،واستشهد الدبيبة في هذا الصدد بآن كل عمليات التسجيل التي تمت في السابق تمت إلكترونيًّا عبر إرسال الرسائل النصية.

ووجه الدبيبة انتقادات شديدة إلى البرلمان،معتبرا أن تكليف المجلس لحكومة جديدة هو "مناورة فاشلة وإفساد للمشهد السياسي في ليبيا".وحذر الدبيبة من محاولة "الطبقة السياسية المهيمنة" الهروب من إجراء الانتخابات، وأكد أن هذا الأمر "يهدد بعودة الانقسام، وسيؤدي حتماً إلى الحرب مرة أخرى"،مشدّدا على أن "الانتخابات فقط هي الحل" وفق تعبيره.

وكان مجلس النواب الليبي قد عين مطلع الشهر الجاري ، وزير الداخلية السابق فتحي باشأغا (60 عاما) رئيسا للحكومة ليحل محل عبد الحميد الدبيبة.وجاء اختيار باشأغا للمنصب، بعد اعتماد مجلس النواب مؤخراً، خريطة طريق جديدة، بموجبها يعاد تشكيل الحكومة وتجرى الانتخابات في غضون 14 شهراً كحد أقصى.

وأعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح،في يناير الماضي، انتهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة التي "لم يعد لها شرعية"، مشيرا إلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة.وجاء ذلك بعد أكثر من 3 أسابيع من الموعد المقرر لإجراء الانتخابات الرئاسية، التي فشلت السلطات الليبية في عقدها، 24 ديسمبر الماضي.

وفي وقت سابق،اعلن فتحي باشاغا مشاوراته لتشكيل حكومته قبل عرضها على البرلمان لنيل ثقته،وطمأن باشاغا الليبيين بأن عملية التسليم والاستلام ستتم وفق الآليات القانونية والدستورية، وبالطرق السلمية، قائلا: "لن تكون هناك عوائق، خاصة أن الدبيبة شخصية مدنية محترمة، وينادي دوما بالابتعاد عن الحروب، ونحن على يقين بأنه يؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.

وفي المقابل،أعلن عبدالحميد الدبيبة عن تشكيل "لجنة وزارية برئاسة وزيرة العدل، تتولى اختيار فريق قانوني وطني مستقل لصياغة مقترح قانون الانتخابات، ضمن خطة عودة الأمانة للشعب التي سنعلن عنها نهاية هذا الأسبوع، وذلك لانطلاق العملية الانتخابية في يونيو المقبل"،مؤكدا إن قطار الانتخابات انطلق في ليبيا،وفق تعبيره.

وتتصاعد المخاوف من أن يؤدي تعتنت الاطراف الليبية الى عودة وضع الانقسام الذي سبق تعيين الدبيبة قبل حوالي عام، عندما كانت هناك حكومتان متناحرتان في الشرق والغرب،ويشير هؤلاء الى أن ذلك قد يكون بداية لوقوع صدامات وصراعات مسلحة خاصة وأن الأسابيع الأخيرة،قد شهدت احتشاد قوات مسلحة متنافسة في العاصمة وفق تقارير اعلامية مختلفة.

وفي ظل هذه المخاوف المتصاعدة،دعت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز خلال لقائها سفيرة كندا لدى ليبيا، إيزابيل سافارد،الى ضرورة الحفاظ على الهدوء في ليبيا.وسرعت ويليامز من تحركاتها مؤخرا لحلحلة الازمة، حيث التقت مختلف الأطراف السياسية، في محاولة لتقريب وجهات النظر، ودعت إلى ضرورة التوافق من أجل الحفاظ على الهدوء القائم في البلاد.

من جهة أخرى،تحدثت تقارير اعلامية عن تحركات داخلية لاحتواء الازمة ومنع الصدام،ونقلت "العربية نت" عن مصادر ليبية قولها، إن مجموعة من أعيان وقيادات مدينة مصراتة، توصلت إلى تسوية بين باشاغا والدبيبة، من أجل تسليم واستلام السلطة بشكل سلمي.وتحدثت مصادر أخرى عن لقاء ثلاثي مرتقب سيجمع بين رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وعبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، ويعقد الأسبوع المقبل في أنقرة، بهدف الخروج من المأزق السياسي، حتّى لا تنجرّ البلاد إلى الحرب وفق ما أوردت "العربية نت".

وعانت ليبيا طويلا من الصراعات والحروب في ظل الانقسامات التي شهدتها البلاد وحالة التشظي خلال السنوات الماضية. وأدت عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة إلى تشكيل حكومة مطلع عام 2021 لإدارة المرحلة الانتقالية حتى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية،لكن مع تأجيل الانتخابات بات الوضع معقدا واصبحت المخاوف كبيرة من العودة مجددا الى مربع الصراعات والحروب.