أثار التضارب في التصريحات بين الجانب التونسي و الامريكي كثيرا من الغموض حول مصير أمير جماعة أنصار الشريعة السلفية الجهادية بتونس،أبو عياض،المعروف بسيف الله بن حسين. فبعد أن أكدت وكالة الانباء الرسمية التونسية خبر اعتقال ابو عياض في مدينة مصراته الليبية فجر الاثنين 30 ديسمبر 2013خلال عملية خاصة بين القوات الامريكية المختصة و قوات ليبية نفت الادارة الامريكية اي علما لها بالعملية  أو أي مشاركة قوات لها في أي عمليات في ليبيا ضد زعيم جماعة أنصار الشريعة التونسية ، وقال متحدث باسم القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا إن الجيش الأميركي لم يشارك في أي عملية الاثنين ضد زعيم جماعة أنصار الشريعة ، نافياً ما ذكرته وسائل إعلام رسمية تونسية من أن قوات أميركية وليبية اعتقلت الزعيم الجهادي.

و في ذات السياق ،نفت جماعة أنصار الشريعة بتونس خبر اعتقال أميرها سيف الله بن حسين، وقالت في بيان رسمي نشر،الاثنين،على موقع الرسمي  :" تنفي أنصار الشريعة بتونس أي خبر يفيد اعتقال أميرها الشيخ أبي عياض التونسي حفظه الله تعالى وبارك فيه .ويُذكر أن وسائل إعلام الكذب والشائعات تداولت صباح اليوم خبرا يفيد اعتقال أمير أنصار الشريعة بتونس حفظه الله تعالى بواسطة قوات أمريكية مختصة في محاولة من هذه الواجهات الإعلامية للعب لعبة قذرة هدفها دفع شباب التيار إلى الرد المادّي وتأكيدا لتحذيرات الطواغيت وجندهم بمناسبة رأس السنة الصليبية."

و أضاف البيان "و تشدّ أنصار الشريعة بتونس على أيادي شبابها خاصة وشباب التيار السلفي عامة لأن يربؤوا بأنفسهم عن مثل هذه الشائعات التي لا يتغذى ناشروها ولا تنتعش سوقهم إلا بالكذب والتزوير، ساء ما يزرون،كما تؤكد أن دعوة أنصار الشريعة بتونس باقية .بإذن الله تعالى، ما بقي فينا عرق ينبض أو عين تطرف، وأن اعتقال قواعدها وقاداتها ، على حد السواء، لا يزيدنا بإذن الله تعالى إلا ثباتا وإصرارا على المضيّ قدما."

كما نفت السفارة الأميركية في تونس في بيان لها على صفحتها الرسمية على فيسبوك خبر اعتقال قوات أميركية خاصة لزعيم تنظيم أنصار الشريعة التونسي سيف الله بن حسين في عملية أمنية بمدينة مصراتة الليبية.وقالت السفارة إنها تنفي نفيا قاطعا قيام قوات أميركية باعتقال بن حسين المكني بـ"أبي عياض" الذي نشرته وسائل إعلام محلية في تونس كما دعت إلى التوجه الى السلطات الليبية للحصول على أية معلومات إضافية بخصوص خبر اعتقال "أبو عياض".المجلس المحلي لمدينة مصراته نفى بدوره الحادثة كما نفى تواجد زعيم أنصار الشريعة بالمدينة .

و بالرغم من كل هذا التضارب فان السلطات التونسية و حتى الساعة لم تصدر أي بيان رسمي حول الحادثة،باستثناء الخبر الذي بثته وكالة تونس افريقيا للانباء (وكالة الانباء الرسمية التونسية) نقلا عم مصدر امني وصفتها بــ"المأذون" و الذي أكد فيه خبر اعتقال أبو عياض .

وسائل اعلام محلية تونسية أشارت الى أن العملية كانت شبيهة بعملية اعتقال القيادي في التيار الجهادي الليبي أبو أنس الليبي (نزيه الرقيعي) في شهر أكتوبر/نشرين الاول 2013 الماضي،و كشفت  نقلا عن مصارد ديبلوماسية أن "قوات امريكية خاصة مدعومة بقوات ليبية ومجموعة من الاهالي القت فجر اليوم  بمدينة مصراطة القبض على ابو عياض رفقة اربعة أو خمسة مرافقين له من بينهم تونسيين، وقد تم اقتياده الى مكان غير معلوم.و أشارت الى أن أربعة جنود  أمريكيين أصيبوا خلال تبادل لإطلاق النار بين الجانبين أثناء عملية القبض على أبو عياض.

من جانبها كشفت جريدة الشرق الاوسط في عددها الصادرـالثلاثاء 31 ديسمبر/كانون الاول 2013 نقلا عن  مصادر ليبية رفيعة المستوى أن اعتقال أبو عياض حدث في مدينة صبراتة الليبية، وليس مدينة مصراتة، كما أعلنت وكالة الأنباء التونسية، مؤكدة أن أبو عياض كان في حماية مفتاح الذوادي، أحد قادة الجماعة الليبية المقاتلة سابقا وينتمي إلى منطقة صبراتة الليبية، والذي استضافه طويلا منذ فراره من تونس، إثر اتهامه بالضلوع في أحداث العنف التي عرفتها السفارة الأميركية بتونس في سبتمبر (أيلول) 2012.وأكدت المصادر ذاتها، التي طلبت عدم تعريفها، أن عملية اعتقال أبو عياض سبقتها ترتيبات استخباراتية، شاركت فيها عناصر استخباراتية عربية، وأنه جرى رصده منذ مدة في المنطقة، إضافة إلى أن طائرات من دون طيار كانت تضع المنطقة تحت المراقبة قبل اعتقاله.

يُشار إلى أن "أبوعياض" متوارٍ عن الأنظار منذ سبتمبر 2012، وتشتبه السلطات التونسية في وقوفه وراء تظاهرة احتجاجية ضد فيلم مسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم) تطورت إلى هجوم على السفارة الأميركية في تونس في سبتمبر 2012، ما أسفر عن سقوط أربعة قتلى في صفوف المهاجمين، كما تتهمه السلطات بالوقوف خلف عمليات اغتيال وهجمات، وبارتباطه بتنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد المغرب".

بيوغرافيا موجزة  لأبي عياض التونسي

من بين قادة التيار الجهادي في تونس ما بعد "الربيع العربي " برز  أبو عياض التونسي الى الحد الذي دفع البعض الى اعتبار ممثلا اميرا للسلفية الجهادية في تونس. وابو عياض  اسمه الحقيقي  سيف الله بن حسين ولد في تونس العاصمة  سنة 1965، انتمى إلى الحركة الإسلامية التونسية في ثمانينات القرن الماضي،خرج من تونس سنة 1991 بعد انطلاق الحملة الأمنية ضد الإسلاميين متوجها إلى المغرب الأقصى حيث درس الحقوق .تابعته السلطات التونسية في المغرب فاضطر للخروج إلى لندن وتقدم بطلب اللجوء السياسي في 10 فيفري 1994 وبقي ينشط في السرّ هناك ولم يتلق الإجابة عن طلب اللجوء إلا في العام 2002 عندما كان متخفيا في باكستان وكان الرد بالرفض القطعي إضافة إلى عدم إمكانية الاستئناف، حيث اعتبر خطرا محدقا بالأمن القومي البريطاني.

في لندن تتلمذ  ايو عياض على يد المنظر الجهادي أبو قتادة الفلسطيني ،حيث كانت لندن يومها قاعدة إعلامية خلفية للجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية وتصدر فيها نشرية "الأنصار" بإشراف أبو قتادة و أبو مصعب السوري القيادي في تنظيم القاعدة . ويقول "بن حسين "متحدثا عن هذه الفترة "عندما كنت في لندن كانت لي علاقة وطيدة ولصيقة بالشيخ أبو قتادة -فك الله أسره- وتعلمت منه الكثير، وأتأسف لأني لم أتمكن من التفرغ لطلب العلم من الشيخ فالأشغال الدعوية كانت تصرفني عن طلب العلم من تلميذ وأستاذه، لكن هذا لا يمنع إني استفدت منه قدر الإمكان لأنه مدرسة حقيقية".

بعد الفترة اللندنية انتقل أبو عياض إلى أفغانستان إبان حكم الطالبان و استقر هناك حتى اندلاع أحداث سبتمبر 2001 و أسس تجمع الجهاديين التونسيين في جلال أباد سنة 2000،و التقى في هذه الفترة زعيم القاعدة أسامة بن لادن في مقره في قندهار في سبتمبر 2000،ليخرج  من أفغانستان في فيفري 2001 ويتنقل بين عدة دول وكانت آخر محطة هي تركيا أين وقع اعتقاله في 3 فيفري 2003 بسبب خطإ ارتكبه أحد رفاقه حين ذكره بكنيته في اتصال هاتفي .بعد شهر من اعتقاله في تركيا تم تسليمه للسلطات التونسية ليحاكم بتهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة  والى تنظيمات إسلامية مختلفة، لتكون جملة الأحكام في حقه 68 سنة قضى منها 8 سنوات قبل أن يتم الإفراج عنه في  مارس 2011 بعد الثورة.