يبدو أن وزارة الثقافة والتنمية المعرفية التابعة لحكومة الوحدة، لم تسلم من عدوى الانقسام وتفشي الخلافات الداخلية، شأنها في ذلك شأن غيرها من مختلف القطاعات، إلا أن المختلف في حالة وزارة الثقافة أن من يقود موجة الخلافات ويفاقم حالة التشظي هما وكيلا الوزيرة اللذين يفترض أن يكونا جناحي الوزارة لتحقيق أهدافها إن كانت هناك أهداف واحدة من الأساس، فقد كشفت مراسلات الوكيلين عبدالباسط بوقندة، ووداد الدويني، أو بالأحرى "الوشاية" التي قدمها إلى رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة عن طريق وزير شؤون الحكومة عادل جمعة، وما احتوته تلك المذكرة "الوشاية" من تفاصيل أقل ما يقال في وصف محتواها إنها أبعد ما تكون عن روح الوزارة التي يفترض أن تكون مسؤولة عن تسيير قطاع الثقافة، فقد كشفت عن مناخ عاصف وبيئة طاردة، وأظهرت لغة غلبت عليها روح تصفية الحسابات ، ودارت في مجمل تفاصيلها حول تأليب رئيس الحكومة والمجموعة المحيطة به الذين تمت الإشارة إليهم بالاسم في سياق مهاجمتهم من قبل الوزيرة" كما ورد بالتفصيل في تلك المراسلة" التي يبدو أن نشرها في هذا التوقيت يؤكد أن الهدف منها النيل من السيدة مبروكة عثمان، وتصفيتها مهنيا أو نبذها على أقل تقدير بإظهارها تحمل العداء للجميع.

شكوى أم وشاية؟

فتقرير الشكوى الذي مُهر بتوقيع الوكيلين بوقندة والدويني، بدأ وكأنه محاولة يائسة وربما لن تكون الأخيرة، ليكشف عن صراع خفي بدأ يبرز للعلن .. صراع تحول إلى حرب شرسة يحاول فيها الوكيلان اسقاط الوزيرة من كرسي الوزارة..

وهما يعرفان أن كثيرا مما أورداه في الشكوى التي أرسلاها إلى وزير الدولة لشؤون الحكومة، ليس بذي بال فاختصاصات الوزير في أي قطاع تعلو على اختصاصات الوكلاء ومحاولاتهما اصطياد الكلمات من فم الوزيرة للإيقاع بينها وبين "فريق عمل عبدالحميد الدبيبة" عادل جمعة، ووليد اللافي، وابراهيم الدبيبة، والشركسي، والصلابي، الذين ذكروا بالأسماء إنما يدخل في باب القيل والقال والوشاية والكيدية، وهو ما يجب ان  يترفع عنه كل إنسان فما بالك بمن يشغل منصبا في إدارة قطاع الثقافة والمعرفة.

أما بقية التهم التي أوردها الوكيلان، ومن بينها عدم اهتمام الحكومة بالثقافة وعدم تخصيص ميزانيات لعملها، تصب في صالح الوزيرة التي تعمل في ظروف لا تحسد عليها ولا يمكن تحميلها وزر ظروف ليست مسؤولة عنها.

وكانت وزيرة الثقافة مبروكة توغي ردّت على ما أكاله لها وكيلا الوزارة من تهم، مؤكدة أن كل ما ورد في شكوى (أبو قندة ووداد) غير صحيح، وأنها تنفيه نفيا قاطعا، مؤكدة أنها وزيرة الثقافة لكل الليبيين وليس لفئة أو مدينة بعينها، وباب الوزارة مفتوح للجميع، وذلك ردا على إدعاء أنها تمثل مكون التبو فقط.

 توغي ترد وتطالب بالتحقيق

وقالت توغي، في تصريحات صحفية إنها ستطالب بفتح تحقيق عاجل في كل ما ورد في الخطاب الموجه إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عادل جمعة ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، وكل ما فيه من إدعاءات وصفتها  بالباطلة.

ودعت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي إلى تحري الدقة والمصداقية في كل ما ورد في الخطاب، محملة المسؤولية القانونية الكاملة لكل من نشر هذا الخطاب.

وبين اتهامات وكيلي الوزارة وما احتواه خطابهما المشترك من تفاصيل، وبين ردود الوزيرة على ذلك بالنفي، والمطالبة بالتحقيق، وفي ظل الصورة الضبابية للمشهد، تبقى الحقيقة الوحيدة الواضحة في هذا الشأن أن وزارة الثقافة التي تتطلب طبيعة عملها الحد الأدنى من الصفاء والرقي قد وقعت في براثن الخلافات وأصبحت ضحية جديدة ضمن قائمة طويلة من ضحايا الانقسام والتشظي الذي صار السمة المشتركة لمعظم القطاعات في ليبيا.