جماعة "بوكو حرام" المتشددة في نيجيريا، لديها تاريخ من الإقرارات، والإشادة بالجماعات التي تتبنى عقيدة أيدولوجية مماثلة، ومن بينها تنظيم "القاعدة".

لكن يعتقد خبراء أن إعلان زعيم الجماعة "أبو بكر شيكاو"، مؤخرا الولاء لتنظيم "داعش" ومبايعته زعيم التنظيم "أبو بكر البغدادي" خليفة، يهدف إلى اجتذاب مزيد من العناصر في صفوف الجماعة، والحصول علي دعم مالي ولوجستي من الخارج، ما يعتبر نقطة تحول.

وفي حديث لوكالة الأناضول، قال بنيامين أهوديب، الذي يدرس مادة الدبلوماسية في جامعة ولاية "لاغوس"، إن "الولاء مؤشر على أن بوكو حرام، تتحالف مع الحركة الجهادية العالمية، وهذا يدعو للقلق".

وحذر من أن هذا يمثل "تحديا للمجتمع الدولي ككل، ويضع الدولة النيجيرية في حالة تأهب، ودلالته أن هذا ليس مجرد تمرد محلي، ولكن أكثر منه حركة إرهابية دولية".

وأعلنت جماعة "بوكو حرام" النيجيرية المتشددة، السبت الماضي، مبايعة أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم "داعش" الذي يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق، منذ يونيو/ حزيران الماضي.

وقال أبو بكر شيكاو، زعيم جماعة أهل السنة والدعوة للجهاد، وهو اسم تطلقه "بوكو حرام" على نفسها، في رسالة صوتبة مدتها حوالي 10 دقائق: "نعلن مبايعتنا للخليفة، وسنسمع له ونطيعه في أوقات العسر واليسر"، بحسب موقع "سايت" المتخصص في رصد مواقع الجماعات الجهادية والمنظمات العنصرية على الإنترنت في أنحاء العالم.

وأضاف "شيكاو" أن جماعته بايعت (أبو بكر) البغدادي "لأنه لا يوجد علاج للاختلاف الذي تشهده الأمة (الإسلامية) إلا الخلافة"، مضيفا: "ندعو جميع المسلمين للانضمام إلينا".

ورأى الخبير "أهوديب"، أن التعهد بالولاء "لا يعني فقط أن بوكو حرام، تحظى حقيقة بالدعم الخارجي، لكنه يشير إلى الاتجاه الذي يأتي منه هذا الدعم".

واعتبر أن "هذا في حد ذاته يدل على أن بوكو حرام لا تعمل من تلقاء نفسها، كما يعتقد البعض ولكنها تتلقى دعم الأجنبي".

واستبعد أن تقدم "بوكو حرام" على "تجنيد مقاتلين أجانب" لأنها لن تتمكن من الانصهار في المجتمعات المحلية، وسيتم التعرف عليها بسهولة من قبل قوات الأمن".

ورجح أنها قد تلجأ إلى "تعزيز حملة التجنيد الداخلي"، مشيرا إلى أن "هذا يعني أيضا أنها في الوقت الراهن تحصل على مزيد من الدعم الدولي".

وفي بداية حملتها العنيفة، عام 2009 وحتى عام 2012، حاولت "بوكو حرام" حشد المسلمين المحليين وراء أفعالها، ولكن مناورتها باءت بالفشل.

وفي عدة مناسبات، أدان الجماعة، الزعماء الدينين والجماعات الإسلامية، ومن بينها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في نيجيريا، غير ان ما أضر بقضيتهم هو تلك الهجمات المتكررة على العلماء المسلمين البارزين، والزعماء في منطقة الشمال.

من جانبه، اعتبر عليو محمود، وهو مناضل حقوقي بارز يقيم في ولاية "كانو" (شمال غرب)، أن رسالة "بوكو حرام" الأخيرة كانت أقوى من الدعاية الأيديولوجية المعتادة.

وقال في حديث لوكالة الأناضول: "هذا يتطلب من نيجيريا أسانيد أقوى تعتمد على نصوص الشريعة الإسلامية".

وأضاف: "ذلك لأن شيكاو يتلاعب بوضوح بالنصوص الإلهية لبيع دعوته للحصول على الدعم العالمي للخلافة بقيادة البغدادي".

فيما يرى باتريك أغبامو، وهو محلل أمني أفريقي، أن "بوكو حرام" يرد على التحالف الإقليمي الذي يضم دول الجوار النيجر والكاميرون وتشاد التي تحارب الآن إلى جانب القوات النيجيرية.

واعتبر في حديث لوكالة الأناضول، أن "هناك خطر كبير على نيجيريا جراء هذا التحالف مع داعش، لأن بوكو حرام سوف تحصل على مزيد من الدعم في مجال التخطيط الاستراتيجي".

ورجح أنه "سيكون هناك المزيد من المتعاطفين في جميع أنحاء العالم، وحتى الآن يبدو أنهم يحصلون على المزيد من المجندين يوما بعد يوم".

وشن الجيش النيجيري مؤخرا، عددا من الغارات الجوية والبرية على معاقل "بوكو حرام"، وحرر العديد من المدن والمناطق في هذه العملية.

وخلال الأشهر الأخيرة، سيطرت جماعة "بوكو حرام" على العديد من البلدات، والقرى في ولايات "بورنو"، و"يوبي"، و"أداماوا"، الواقعة في شمال شرق البلاد، معلنة إياها جزءا من "الخلافة الإسلامية" التي أعلنتها بشكل أحادي، قبل أن تعلن الحكومة النيجيرية تمكنها من استعادة الكثير من البلدات في هذه الولايات الثلاث.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، نجح تنظيم "داعش" في السيطرة على مساحات واسعة بسوريا والعراق، معلنا ما اسماه "دولة الخلافة الإسلامية" على هذه المناطق ومبايعاً "البغدادي" خليفة للمسلمين، فيما تخوض قوات حكومية عراقية وسورية أخرى كردية معارك ضارية مع التنظيم مدعومة بغطاء جوي من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة، لاستعادة هذه المناطق