تقع في جنوب أوغندا، ويمتد تاريخها إلى حقبة أقدم بكثير من الجمهورية المعلنة حاليا في البلاد، واشتق منها اسم أوغندا الحديثة،.. إنها مملكة "بوغندا"، التي تعتبر واحدة من أقدم الممالك التقليدية في شرق أفريقيا، إذ يرجع تاريخها إلى نحو 1000 عام.

وفي الوقت الراهن، تغطي مساحة هذه المملكة المنطقة الوسطى في أوغندا بأسرها، وتشمل العاصمة كمبالا، في حين يمثل سكانها البالغ عددهم 6 ملايين ما يربو على 20% من إجمالي سكان البلاد.

وفي حديث لوكالة الأناضول، قال النائب الثاني لرئيس مجلس وزراء بوغندا الإقليمي، سيمامبو محمود، الذي يشغل أيضا منصب وزير الثقافة في المملكة: "بوغندا مملكة حتى من دون اعتراف الحكومة المركزية، ونعتقد أن لدينا عناصر تؤهلنا أن نكون ملكيين"، حيث أنها لا تتمتع بحكم ذاتي، وسلطة حكامها شرفية فقط على رعايها.

ويتداول السكان المحليون رواية "بوغندا" بعدة طرق مختلفة، وهو الأمر الذي يعزوه محمود، إلى حقيقة أن "لا يتم توثيق معظم تاريخ المنطقة، ولكن يحفظه حديث الفم".

وأضاف: "يقول البعض إنها (القصص) أساطير، والبعض الآخر يقول أنها واقعية، وخاصة تلك المتعلقة بحقبة الملوك الـ35 الأول".

ولكن معظم النسخ من القصة تتفق على أن مملكة بوغندا بدأت كمنطقة صغيرة تعرف باسم "مواوا" قبل القرن الثاني، وكان يطلق على سكانها، "بالاسانغي"، وكانوا يعيشون في عشائر تعتمد على الصيد.

وغزت المنطقة عشائر أجنبية، بقيادة "كاتو كينتو"، الذي يعتقد أنه ينحدر من الحبشة التي تعرف في العصر الحديث باسم إثيوبيا، وهزم "بيمبا موسوتا"، آخر حكام المنطقة من السكان الأصليين، وأسس مملكة بوغندا الجديدة، التي أصبح أول ملوكها.

وتابع: "يقال أن رأس موسوتا قطعت، وهي مدفونة الآن في مزار ناكيبوكا في ناغالابي جنوبي أوغندا، الذي أصبح موقعا لتتويج جميع ملوك بوغندا لاحقا، ويعرفون محليا باسم كاباكاس".

غير أن "كاباكا" الأكثر شهرة، هو "فريدريك والوغيمبي موتيسا الأول"، الذي شهدت حقبته ظهور كل من الديانات الإسلامية والمسيحية في المنطقة.

وولد "موتيسا الأول" لكاباكا "سسيكاباكا سسونا"، الذي، كان ينتشر الرق في حقبته حيث يستقبل تجار العاج والرقيق من العرب، وفي وقت لاحق جاءت مجموعة ثانية من العرب ليس فقط من أجل التجارة، ولكن لنشر الدين الإسلامي الجديد.

وأوضح محمود أنهم "لاقوا استقبالا حارا، ولكن كاباكا سسونا لم يغير ديانته".

وعندما توفي كاباكا "سسونا"، اعتلى كاباكا "موتيسا الأول" العرش ليكون الملك الـ32 لبوغندا، وأمر في نهاية المطاف جميع رعاياه باعتناق الإسلام، بينما رحب بأول المستكشفين، والمبشرين البريطانيين في بوغندا.

وكان موتيسا تعب من رؤية رعاياه يعانون تحت نير العبودية، والتقى المستكشف التبشيري الأوروبي هنري مورتون ستانلي، الذي بعث من خلاله برسالة إلى فيكتوريا ملكة إنجلترا في عام 1875، يسألها إرسال المبشرين لتعليم رعاياه حول النظافة والحضارة الحديثة، وفقا لمحمود الذي أشار إلى أن الرسالة سألت الملكة فيكتوريا أيضا كيف لامرأة أن تحكم بدون ملك.

وجاء في الرسالة: "هو (الملك) يطلب يد الملكة (من أجل الزواج)، ويسأل كيف يمكن لامرأة أن تحكم من دون رجل بجانبها. وأنا هنا، لماذا لا تأتي ونتزوج ونحكم كلا البلدين"، وهو الاقتراح الذي لم يصل إلى الملكة، قط حيث فشل الرسل في توصيل الرسالة.

وفي عام 1962، تلقت المملكة ضربة عندما نالت أوغندا استقلالها عن التاج البريطاني، وبعد فترة وجيزة، ألغى حزب "المؤتمر الشعبي" الحاكم في أوغندا، بقيادة الرئيس الراحل ميلتون أوبوتي، جميع أشكال الملكية في البلاد.

واندلعت أزمة سياسية في أوغندا عام 1966، عندما هاجم جيش الرئيس "أوبوتي" لوبيري (القصر الملكي في بوغندا) بغرض القبض على الملك فريدريك والوغيمبي موتيسا الثاني.

ونجح "كاباكا" الأخير في الإفلات من الأسر، وبمساعدة العديد من الموالين المخلصين، تمكن من الفرار إلى المنفى، لتنتهي حقبة الملكية في أوغندا التي استمرت لعقود.

واستمر الحال كما هو عليه، حتى عام 1993 قبل عودة الملوك التقليديين في أوغندا، ومن بينهم ملك بوغندا، بعد أن تولي السلطة الرئيس يوري موسيفيني في أعقاب انقلاب ضد "أوبوتي".

وفي الوقت الراهن، يحكم الملك رونالد مويندا موتيبي الثاني، ابن موتيسا الثاني، مملكة بوغندا التي تحظى حاليا بدرجة كبيرة من الاستقلال عن الحكومة المركزية.

وعاد الملك رونالد (59 عاما)، الذي تلقى تعليمه في بريطانيا، إلى أوغندا عام 1986 بعد 20 عاما قضاها في المنفى لتولي منصبه التقليدية بصفته "كاباكا" الـ36 للمملكة.

ويتوج الملك على يد "كاتيكيرو" أو "كاباكا أويبويرو" التي تترجم على أنها "رئيس الوزراء"، وهو المنصب الذي يشغله حاليا بيتر تشارلز ماييغا.

ثم يعين الملك رئيس وزراء يختاره لمساعدته على إدارة شؤون المملكة، على أن يحتفظ بحق فصله في أي وقت إذا فشل في أداء واجباته.

ومضى محمود قائلا: "بالنسبة لنا، كاتيكيرو هو الجسر للملك، ثم تعقبه حكومة تنفيذية تتألف من 21 وزيرا ورؤساء مقاطعات.

ومملكة "بوغندا" لها أيضا برلمانها الخاص المعروف باسم "بوغندا لوكيكو"، ويضم 170 نائبا من مختلف الجماعات العرقية والهيئات المهنية وجماعات المصالح الخاصة وممثلي مناطق مختلفة من المملكة، لكنه برلمان محلي يبحث أمور المملكة التي لا تتمتع بحكم ذاتي .