لا تزال مهنة المسحراتي"بوطبيلة" تتحدى الزمن وتقاوم الإندثار وتميز ليالي رمضان بتونس من مدنها العتيقة في مختلف الولايات إلى أحيائها الراقية بالعاصمة وغيرها.

عادة رمضانية تنشر البهجة في ليالي رمضان وتعيد الزمن عقودا إلى الوراء، رجل بزيه المميز وطبله الصغير يجوب الأحياء والشوارع لإيقاظ الناس للسحور. تختلف الروايات حول أصل هذه المهنة التي لا تكليف فيها . ويؤكّد المؤرخون أنها إلى عهد الرسولصلى الله عليه وسلم أين كان الصحابي الجليل بلال ابن رباح يؤذن لإيقاظ الناس للسحور. 

والرواية الأكثر دقة هي أن ول شخص قام بمهنة بوطبيلة بالمعنى المتعارف عليه،كان بمصر عام 228 هجرية، وهو "إسحاق ابن عقبة" والي مصر، الذي كان ويذهب سائراًعلى قدميه من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص وينادي الناس بالسحور.

أما وصولها إلى تونس فيقول بعض المؤرخون أنها  مهنة قديمة أخذها الأغالبة عن العباسيين. فيما يقول آخرون أنها انتقلت إلى بلدان المغرب العربي الكبير بشمال إفريقيا في عهد الدولة الفاطمية.

"يا نايم وحّد الدايم..يا غافي وحد الله..جاء رمضان يزوركم..يا نايم وحد الدايم..لي خلقك ما ينساك" وغيرها مما يردّده بوطبيلة الذي مازال يجوب المدن التونسية من قلب العاصمة ومدينتها العتيقة وأحيائها الشعبية والراقية كالمرسى التي حافظت بلديتها على هذا التقليد وشجّعته ومدينة بنزرت التي تعج بالتاريخ ومدينة المهدية موطن الفاطميين ومدينة صفاقس عاصمة الجنوب وثاني أكبر المدن التونسية بمدينتها العتيقة الجميلة المفعمة بالحياة والتقاليد. 

كذلك يواصل بوطبيلة جولاته في ولاية المنستير الساحلية الخلابة وسوسة جوهرة الساحل التونسي وولاية باجة ومدينتها العتيقة الشهيرة بمخارق باجة، أهم وأبرز تقليد رمضاني في الحلويات الشعبية التونسية، وولاية جندوبة بخيراتها وتقاليدها وولايات الجنوب التونسي التي تحافظ على الكثير من معظم التقاليد الرمضانية أهمها بوطبيلة الذي مازال يجوب مدنين وتطاوين وقبلي وقابس وتوزر وغيرهم.

بوطبيلة أو المسحراتي أجمل عادات رمضان بالمنطقة العربية عامة وتونس خاصة، مهنة تقاوم الإندثار وتتحدى الزمن والتطور والتكنولوجيا من أجل الصمود لرواية تاريخ ومروث  من العادات والتقاليد  التي تجمع المسلمين وتميز الشهر الكريم