تخوض تونس اليوم غمار إنتخاباتها البرلمانية في ظل صراع بين قوى سياسية إسلامية وليبيرالية ويسارية وتقدمية ومنحدرة من صلب النظام السابق ، يحاول كل منها إيجابية تدفع به الى المساهمة في رسم ملامح المرحلة القادمة التي يرى المراقبون أنها ستكون مفصلية في تحديد مستقبل البلاد ،خصوصا وأن البرلمان القادم سيشّكل أسس الحكم لمدة خمسة أعوام ، وستكون له سلطة تشكيل الحكومات وعزلها وتزكية برامجها أو رفضها ،وتحديد السياسات وسنّ القوانين والنظر في الإتفاقيات الدولية وتوجيه دفة السلطة التنفيذية ومراقبتها 

وتتنافس عشرات الأحزاب السياسية ومئات القوائم الإنتخابية اليوم على 217 مقعد بمجلس نواب الشعب القادم ،إلا أن المواجهة الحقيقة تبقى بين عدد محدود من الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة والمؤثرة والتي تنقسم الى سباق الدرجة الأولى من أجل أغلبية المقاعد ،وسباق الدرجة الثانية من أجل الحصول على عدد من المقاعد يوفر لأصحابه فرصة التفاوض حول الإنضمام الى الإئتلاف الحاكم ، وسباق الدرجة الثالثة الذي يحقق لأصحابه المشاركة في البرلمان ولكنو دون فاعلية تذكر بسبب قلّة عدد المقاعد وفقدان القدرة على التأثير 

ومما يزيد في أهمية إنتخابات اليوم أن عددا من الأحزاب التي تخوضها ، ستدفع بزعمائها الى سباق الرئاسة يوم 23 نوفمبر القادم ، ومنهم الباجي قائد السبسي عن حركة نداء تونس ، وكمال مرجان عن حزب المبادرة ،وعبد الرحيم الزواري عن الحركة الدستورية ،وسليم الرياحي عن  الإتحاد الوطني الحر ، ومحمد الحامدي التحالف الديمقراطي ، وأحمد نجيب الشابي عن الحزب الجمهوري ،وعبد الرؤوف العيادي عن حركة وفاء ، والمنصف المرزوقي عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ( وإن كان أعلن خوضه الإنتخابات بصفته مستقلا) ومصطفى بن جعفر عن حزب التكتّل الذي يبدو أنه سيكون اليوم خارج التنافس الإنتخابي بسبب تراجع شعبيته والإنشقاقات التي ضربت عموده الفقري 

وفي ما يلي وقفة عند أهم الأحزاب السياسية التي تخوض إنتخابات اليوم مع لمحات عن خلفيات تأسيسها وبرامجها التي تقدمت بها الى جمهور الناخبين 

 

نداء تونس وهيبة الدولة

يعتبر حزب حركة  نداء تونس من أهم القوى السياسية التي تخوض اليوم غمار المنافسة على مقاعد البرلمان التونسي كما يطمح زعيمها الباجي قائد السبسي الى كسب رهان الوصول الى سدّة الحكم في قصر الرئاسة بقرطاج خلال إنتخابات نوفمبر القادم ، بدأ نشاط الحركة يوم 26 يناير 2012 عندما قدّم السبسي بيانه الأول الى الشعب حول الوضع السياسي الذي كان سائدا آنذاك ،ثم تحولت الى حزب  سياسي يوم 16 يونيو  من العام ذاتهمن أجل إحداث التوزان السياسي في البلاد وكسر إحتكار الإسلاميين للمشهد 

يؤكد حزب حركة نداء تونس استناده للفكر الإصلاحي التونسي والتراث الإنساني العالمي وقيم الحرية والعدالة الاجتماعية،  ويشير ميثاق الحزب إلى أن عضويته مفتوحة أمام مختلف التيارات الفكرية والسياسية التي تشترك معه في الإيمان بالدولة والتمسك بالفصل الأول من دستور 1954 الذي ينص على أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها »، كما يشدد الحزب على تمسكه بـ"المكاسب العصرية" للدولة التونسية التي تحققت منذ خمسين عاما، وفي مقدمتها قانون  الأحوال الشخصية،  ويتضمن ميثاق الحزب التأكيد على المواطنة والاعتراف بالديمقراطية والتداول على السلطة وتحقيق العدالة الاجتماعية، ورفض العنف في الحوار مع المخالفين في الرأي، وعدم الإقصاء.

ويضم الحزب شخصيات سياسية ذات مرجعيات يسارية ونقابية وليبيرالية وبورقيبية تجمع على ضرورة ضمان هيبة ومدنية وحداثة الدولة والحفاظ  على خصوصية المجتمع ، وكان لنداء تونس فضل  في تشكيل جبهة الإنقاذ أواخر يوليو 2013 والتي كان لها دور في تحريك الشارع للضغط على  حكومة الترويكا بعد إغتيال القيادي المعارض محمد البراهمي مما أقنع حركة النهضة بالمشاركة في الحوار الذي إنتهى الى التوافق حول الدستور وتشكيل حكومة مستقلة في يناير 2014 

وبمناسبة الإنتخابات البرلمانية ، قدم الباجي قائد السبسي زعيم حركة نداء تونس مخططا لدفع التنمية الشاملة بجميع جهات البلاد يمتد على 10 سنوات كاملة ،وقال  إن الكلفة الإجمالية لهذا المخطط تُقدر بنحو 50 مليار دينار تونسي (نحو 30 مليار دولار)، وتوقع أن تبرز نتائج هذا البرنامج خلال السنوات الـ5 الأولى من الحكم ،مشيرا الى إن إنجاز البرنامج يبقى رهين أمرين أساسيين؛ الأول يتمثل في تشكيل حكومة عصرية تتماشى ومتطلبات القرن الحادي والعشرين. والثاني يكمن في توفير الأمن واسترجاع هبة الدولة والتمسك بالهوية التونسية.

ودعا قائد السبسي إلى مقاومة ظاهرة الإرهاب، وقال إنه ليس من عادات التونسيين، واتهم من حكموا خلال السنوات الماضية (في إشارة إلى حكم الترويكا) بتسهيل انتشار الإرهاب والتساهل مع مستعملي العنف، على حد قوله.

حركة النهضة وطموح العودة الى الحكم 

ترجع بدايات حركة  النهضة إلى أواخر الستينات عندما كانت تحمل  اسم الجماعة الإسلامية قبل أن تقيم أول لقاءاتها التنظيمية بصفة سرية في أبريل 1972 ، وفي عام 1974 سمح لأعضاء الجماعة بإصدار مجلة «المعرفة »التي أصبحت المنبر الفعلي لأفكار الحركة في مواجهة المدّ اليساري والترويج للفكر الإخواني ،و في أغسطس 1979 أقيم بشكل سري المؤتمر التأسيسي للجماعة الإسلامية  الذي تمت فيه المصادقة على قانونها الأساسي الذي انبنت على أساسه هيكلة التنظيم،  ثم أقامت الجماعة مؤتمرها الثاني (بشكل سري أيضا) في مدينة سوسة يومي 9 و10 أبريل 1981 في نفس الفترة الذي عقد فيها الحزب الاشتراكي الدستوري مؤتمره الاستثنائي الذي أعلن فيه الرئيس الحبيب بورقيبة أنه لا يرى مانعا في وجود أحزاب أخرى إلى جانب الحزب الحاكم. أقر المؤتمر الثاني للحركة ضرورة اللجوء إلى العمل العلني كما أقر تغيير الاسم ليصبح "حركة الاتجاه الإسلامي ». التي تم الإعلان رسميا في 6 يونيو 1981 أثناء مؤتمر صحفي عقده الغنوشي وعبد الفتاح مورو

تقدمّت الحركة في اليوم نفسه بطلب إلى للحصول على اعتماد رسمي دون أن تتلقى أي رد من السلطات ،وفي 18 يوليو 1981 ألقت السلطات القبض على قيادات الحركة ليقدموا في شهر سبتمبر للمحاكمة بتهم: الانتماء إلى جمعية غير مرخص بها، النيل من كرامة رئيس الجمهورية‏، نشر أنباء كاذبة، توزيع منشورات معادية ،حيث حكم على الغنوشي ومورو بالسجن لعشر سنوات ولم يفرج عن الأول إلا في أغسطس 1984 إثر وساطة من الوزير الأول محمد مزالي في حين أطلق سراح الثاني عام 1983. شهد عام 1985 تحسنا في علاقة الحركة بالحكومة التي سمحت بإنشاء الاتحاد العام التونسي للطلبة المقرب منها، و في يوليو 1986 بدت بوادر الصدام مع السلطات فلجأ مورو إلى السعودية، وفي مارس 1987 القي القبض على الغنوشي في حين اتهمت الحكومة التونسية إيران بتمويل الحركة. شهدت الصدامات أوجها سنة 1987 مع الحكم على الغنوشي بالأشغال الشاقة مدى الحياة وإتهام الحكومة للحركة بالتورط في التفجيرات التي استهدفت 4 نزل في جهة الساحل.

يشتبه تورط حركة النهضة في أعمال عنف منها الاعتداء إلى شعبة التجمع الدستوري الديمقراطي في باب سويقة في 17 فبراير 1991 وكذلك تفجيرات نزل في سوسة والمنستير سنة 1986 مما أسفر على جرح 13 سائحاً. وقد اعترفت الحركة بمسؤوليتها عن أحداث باب سويقة فقط في فبراير 2011  مؤكدة أنها أخطاء فردية من قبل بعض شباب الحركة الذين كانوا يعانون من القمع وفي ظل غياب قيادات الحركة سواء بالنفي أو بالسجن.

وعندما أطاح زين العابدين بن علي بالرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة في 7 نوفمبر 1987 ، رحّبت الحركة بذلك بينما أمر بن علي بالإفراج عن أغلب أعضائها المسجونين. وفي 7 نوفمبر 1988 كانت الحركة من الممضين على وثيقة الميثاق الوطني التي دعا إليها بن علي كقاعدة لتنظيم العمل السياسي في البلاد ،ثم  شاركت  في الانتخابات التشريعية في أبريل 1989 تحت لوائح مستقلة متحصلة على حوالي 13% من الأصوات ، في فبراير 1989 غيرت الحركة اسمها إلى "حركة النهضة" للتقيد بقانون الأحزاب الذي يمنع "إقامة أحزاب على أساس ديني" إلا أن طلبها بالترخيص جوبه بالرفض من طرف السلطة ،وفي 28 مايو 1989 غادر راشد الغنوشي البلاد في إتجاه الجزائر،و في مايو 1991 أعلنت الحكومة إبطال مؤامرة خططت لها النهضة  لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي.

بعد الإطاحة بالنظام السابق ،وجدت حركة النهضة المجال فسيحا للتحرّك العلني وتنظيم صفوفها كجناح محلي لمشروع الإسلام السياسي في المنطقة وإرتبطت بتحالف إقليمية ودولية ترتبط بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين ، وعلى اثر الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي التي إنتظمت في أكتوبر 2011، فازت حركة النهضة ب89 مقعدا من اصل 217 أي حوالي 42% من المقاعد، ودخلت في ائتلاف حاكم مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات و أطلق عليه الترويكا غير أنها إلتجأت الى التخلي عن الحكم في يناير 2013 بعد الحراك الشعبي الغاضب نتيجة تدهو الأوضاع الأمنية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية في البلاد 

وتخوض النهضة الإنتخابات البرلمانية ببرنامج من أهم نقاطه التخطيط لعدد من الإصلاحات الاقتصادية التي تمكن من المحافظة على التوازنات المالية الداخلية والخارجية على المدى المتوسط والبعيد وانتهاج سياسة صناعية، بالإضافة إلى القيام بعدد من الإصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار وإصلاح القطاع المصرفي والمالي وإصلاح جبائي واستيعاب القطاع الموازي في القطاع المنظم.

ويتضمن البرنامج كذلك إعداد استراتيجيا دقيقة للنهوض بالتشغيل والتقليص من البطالة وتنمية القطاع الفلاحي والمحافظة على البيئة والثروات الطبيعية وتحسين الخدمات الصحية وإصلاح المنظومة التربوية ومقاومة الإرهاب، علاوة عن دعم الهيئات المستقلة ومنظمات المجتمع المدني وترسيخ وحدة المجتمع وتدعيم مكاسب المرأة وتوسيعها وإتاحة الفرصة للشباب للمشاركة الفاعلة في الحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية. 

الجبهة الشعبية أو البديل اليساري 

يحاول تحالف الجبهة الشعبية اليساري تحقيق نتائج مهمة في إنتخابات اليوم نظرا لرصيد قياداتها النضالي الطويل منذ أواسط الستينيات من القرن الماضي عندما عارض اليسار التونسي سياسات الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة ثم الإذيس المخلوع زين العابدين بن علي ،والجبهة الشعبية  ائتلاف سياسي تونسي يضم 11 حزبا وتجمعا يساريا وقوميا وبيئيا، بالإضافة إلى عدد من المفكرين المستقلين ،تأسّس في 7 أكتوبر 2012، وأسندت مهمة الناطق باسمها لحمة الهمامي، الأمين العام لحزب العمال

ويضم ّ التحالف كلا من حزب العمال بقيادة حمة الهمامي ، وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد الذي تعرّض زعيمه شكري بلعيد للإغتيال في فبراير 2013 ، والتيار الشعبي الذي إغتيل مؤسسه محمد البراهمي في يوليو من العام ذاته ، إضافة الى  «الوطنيون الديمقراطيون »  وحزب النضال التقدمي و حزب الطليعة العربي الديمقراطي و  حركة البعث بتونس و رابطة اليسار العمالي و  حزب تونس الخضراء ،و الجبهة الشعبية الوحدوية ، والحزب الشعبي للحرية والتقدم ،حزب القطب

كان للجبهة الشعبية دور كبير في تجييش الشارع ضد حكم الترويكا بعد إغتيال بلعيد والبراهمي ،وساهمت في جبهة الإنقاذ وإعتصام الرحيل في صيف 2013 ، وهي تعتبرنفسها في خلاف مبدئي مع قوى الإسلام السياسي وخاصة حركة النهضة التي تتهمها بالتورط سياسيا على الإقل في إغتيال إثنين من قيادتها 

وقال حمّة الهمامي إن البرنامج الإنتخابي للحركة يتمحور حول انقاذ البلاد و اخراجها من الازمة التي عاشتها خلال السنوات الاخيرة مبينا ان هذه الازمة ليست قضاء و قدرا حسب منظور الجبهة بل يمكن انهاؤها في حال توفرت الارادة السياسية الحقيقية الكفيلة بإنهاء ازمة تونس و اصلاح اوضاعها،وفق تعبيره

 و اوضح االهمامي أن برنامج الجبهة اعد من قبل خبراء و اطارات جبهوية و تم فيه اعتماد المقترحات المباشرة للتونسيين من مختلف الفئات و الجهات مؤكدا ان هذا البرنامج ينطلق اساسا من طموحات و مطالب الشعب التونسي ويرتبط بواقع البلاد الراهن و امكانياتها كما انه يقطع مع مرحلة النظام السابق و الامها وكذلك مع مرحلة الترويكا مشيرا الى ان الترويكا ارتكبت جرائم على حساب تونس ، و شدد الهمامي على ان برنامج الجبهة الانتخابي يتمحور حول ضمان كرامة التونسيين و تحقيق العدالة الاجتماعية و المساوة بين جميع التونسيين وبناء تونس الجديدة مستطردا ان هذا الرهان مرتبط بارادة الناخبين وارادة الشعب. و بين في سياق متصل ان بناء مجتمع عامل و عادل و متضامن و القضاء على الفقر و الجهل و المرض وغلاء الاسعار هو لب برنامج الجبهة الشعبية الاجتماعي.

كما دعا الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية التونسيين و خصوصا الشباب الى ممارسة حقهم الانتخابي لسد الطريق امام القوى الرجعية وقوى الدكتاتورية بوجهيها مضيفا ان هناك حملات لتنفير الشباب من المشاركة في المعركة السياسية وممارسة حقهم الانتخابي. و تابع في ذات الاطار ان التصويت النافع هو التصويت للجبهة الشعبية مؤكدا ان بعض الجهات كانت تستنكر الاستقطاب في السابق اصبحت اليوم معه و تنادي به مبينا ان الاستقطاب الحقيقي يتم بين القوى التي تريد اخراج البلاد من الازمة وبين اخرى تعمل على مواصلة تكريس الازمة مضيفا ان الجبهة الشعبية في طليعة القوى التي تسعى الى انهاء الازمة التي تعيشها البلاد في السنوات الاخيرة.

حزب المبادرة وإرث بورقيبة

في إبريل 2011 ، بادر أخر وزير للخارجية في النظام السابق كمال مرجان الى تأسيس حزب المبادرة كأول حزب ينحدر من صلب حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا ، وفي أكتوبر من العام ذاته ، خاض الحزب الوليد إنتخابات المجلس الوطني التأسيسي وحصل على خمسة مقاعد ، في الوقت الذي كان فيه زعيمه ممنوعا من السفر ويتعرّض لحملة إعلامية شرسة كونه يعتبر من رموز عهد بن علي ،وكان يٌنظر إليه على أنه مرشح واشنطن لخلافة الرئيس المخلوع 

ومنذ تأسيسه ، عرف حزب المبادرة إندماج عدد من الأحزاب الأخرى صلبه ،كان أخرها في يوليو الماضي عندما تم الإعلان عن إدماج 4 أحزاب فيه وهي حزب حركة التونسي وحزب الاستقلال وحزب الخيار الثالث وحزب تونس الغد ،وفي العام 2013 شكّلت أربعة أحزاب هي المبادرة لكمال مرجان والوطن الحر لمحمد جغام الوحدة والإصلاح لعز الدين بو عافية وزرقاء اليمامة لتوفيق حمزة إئتلافا حمل في ما بعد إسم حزب المبادرة الوطنية الدستورية في إشارة الى مرجعيته كاإمتداد للحزب الحر الدستوري الذي حمل في عهد بن علي إسم التجمّع الدستوري الديمقراطي 

وخلال الحملة الإنتخابية البرلمانية قال رئيس حزب المبادرة كمال مرجان ان قائمات حزبه ستحقق مفاجات سارة في عدد هام من الدوائر الانتخابية داخل البلاد  رغم ما أشيع من أن حزب المبادرة يبقى حكرا على جهة الساحل، وتوقع مرجان  أن يتضاعف عدد نواب المبادرة بعد الانتخابات التشريعية عشرة مرات مؤكدا انهم سيتحملون مسؤولية تمثيل جميع التونسيين والدفاع عن ترسيخ قيم التضامن بين مختلف الشرائح والفئات وتحقيق التوزيع العادل للثروات.

وأوضح مرجان أن حزبه يتقدم للانتخابات التشريعية بمشروع سياسي واقتصادي واجتماعي يأمل من خلاله في المساهمة في بناء مستقبل البلاد عبر تفعيل مساهمة الدوائر المحلية والجهوية في صنع القرار السياسي وتعزيز دورها في تحقيق التنمية ، وذكر في هذا الصدد بأن حزب المبادرة كان أول من اقترح النظر في تقسيم ولايات الجمهورية الى خمسة أقاليم اقتصادية تجمع عددا من الولايات المتجاورة وتتمتع بالشخصية القانونية التي تسمح لها بصلاحيات واسعة في اتخاذ القرار ، مؤكدا أنه سيتعاون في المرحلة القادمة مع أكبر عدد ممكن من الاحزاب التي تتفق معه في البرامج والاهداف وذلكبهدف وضع برنامج عمل مشترك قادر على انقاذ البلاد ومواجهة الصعوبات التي تعترض الاقتصاد الوطني والتي تستوجب بحسب تعبيره اصلاحات هيكلية وقرارات جريئة تكون مدعومة بمساندة شعبية.

ويرجح المراقبون أن تدعم حركة النهضة كمال مرجان في ترشّحه للإنتخابات الرئاسية نظرا للتقارب  السياسي بينهما رغم الخلافات العقائدية 

الحزب الجمهوري تتحدّاه مواقفه 

يبدو الحزب الجمهوري من أبرز الأحزاب التي تراهن على تحقيق نتائج إيجابية في الإنتخابات البرلمانية والرئاسية غير أن المراقبين يستبعدون ذلك في ظل تراجع شعبية الحزب خصوصا نتيجة مواقفه التي إتخذها للتقرّب من حركة النهضة ومنها مناوئته الصريحة لثورة الثلاثين من يونيو المصرية ودفاعه عن نظام الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي ،وإنسحابه من تحالف الإتحاد من أجل تونس الذي كانت تقوده حركة نداء تونس ، ومن جبهة الإنقاذ الوطني 

يعود تاريخ الحزب الى العام 1983 عندما تأسس تحت إسم الحزب الديمقراطي التقدمي ، و نشط دون ترخيص قانوني إلى 13 نوفمبر  1988 حيث تحصل على التأشيرة ،   أصدر جريدة الموقف سنة 1984 التي انطلقت في شكل مجلة و تعرضت عديد المرات إلى الإيقاف و المصادرة ،كما شارك في مختلف المحطات الانتخابية التي جعل منها مناسبة لتسليط الضوء على الأوضاع التونسية و تعبئة الطاقات من أجل الإصلاح السياسي ، و اتسمت سياسته بالقطيعة مع نظام الحكم السابق بعد تراجعه عن تعهداته، وبالدفاع عن الحركة الإسلامية و كل مكونات المجتمع ، كما   كان من أول الأطراف التي شهرت بالفساد في دواليب الدولة و العائلات القريبة من الحكم في ندوة صحفية شهيرة في 2003 ،و رفض الاستفتاء على تحوير الدسـتور(2001) و دعا إلى مقاطعته ،و انسحب من انتخابات 2004 ليلة الاقتراع في حركة مدوية حولت وجهة الإعلام العالمي من حملة للحكم إلى تركيز على أوضاع الاستبداد و الانغلاق في تونس

وكان الحزب   وراء إطلاق إضراب الجوع المعروف بإضراب 18 أكتوبر بمناسبة انعقاد قمة المعلومات في 2005 لثمانية شخصيات وطنية (من بينها أحمد نجيب الشابي الأمين العام آنذاك) من أجل إطلاق الحريات و سن العفو العام و تحرير الإعلام ،.كما كان له دور فعال في تأسيس هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات من أجل تجميع مختلف الأطراف السياسية و الفكرية حول عقد ديمقراطي يضمن حق الاختلاف و التعايش في مجتمع ديمقراطي و تعددي ، وفي الرابع في ديسمبر 2006 إنتخب الحزب مية الجريبي أمينة عامة خلفا لنجيب الشابي لتكون أول امرأة تتحمل هذه المسؤولية في تونس

ساهم الحزب الديمقراطي التقدمي في قيادة الحراك لشعبي الذي أطاح بنظام بن علي وتولى زعيمه أحمد نجيب الشابي الإشراف على حقيبة التنمية الجهوية في حكومة محمد الغنوشي الثانية ، وعند الإعلان عن نتائج إنتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر 2011 خاب أمل قادة الحزب بسبب ضعف نتائجهم حيث لم يفوزوا إلا  ب16 مقعد و111067 صوت ، فإختاروا الإنضمام الى صفوف المعارضة ، وفي ابريل 2012 غيّر الحزب إسمه الى الحزب الجمهوري بعد إن إنضمت إليه أطياف سياسية أخرى سرعان ما تخلت عنه ، ثم تعرّض الحزب الى إنشقاقات ، والى إنسحاب تسعة نواب من كتلته بالمجلس التأسيسي ،أعلنوا في ما بعد عن تأسيس التحالف الديمقراطي بزعامة محمد الحامدي 

من بين أبرز النقاط التي تضمنها البرنامج الإنتخابي للحزب الجمهوري إعادة سلطة الدولة والتمسك بإحداث هيئة وطنية لمكافحة الارهاب وصندوق لمكافحة هذه الظاهرة، إضافة إلى رسم استراتيجية جديدة لمكافحته و رعاية عائلات ضحاياه من الأمنيين هذا الى جانب دفع دفّة المشاريع العمرانيّة على كامل تراب الجمهورية و تسليم 22000 مسكن اجتماعي كلّ سنة ،كما سيعمل الحزب على مراجعة جدول الضريبة على الدخل بالنسبة الى الشرائح الإجتماعية الضعيفة وإصلاح المنظمة الجبائية ودفع عجلة الاستثمار. 

الاتحاد الوطني الحر وحرب الإتهمامات 

يدخل حزب الإتحاد الوطني الحر غمار التنافس الإنتخابي بأمل في الحصول على 20 معقد داخل مجلس نواب الشعب بعد إن إكتفي بمقعد واحد في المجلس الوطني التأسيسي ، كما يطمح رئيسه سليم الرياحي أن يكون منافسا جيدا خلال الإنتخابات الرئاسية أواخر نوفمبر القادم 

والاتحاد الوطني الحر  حزب سياسي تونسي تأسس في 19 مايو 2011 عقب الثورة على يد رجل الأعمال سليم الرياحي. رئيس الحزب سليم الرياحي،الذي  عاد من ليبيا في يناير 2011، و لديه ثروة في مجالات الطاقة والعقارات قيل عنها الكثير في ما بعد وخصوصا من حيث التشكيك في مصادرها ، يدافع الحزب عن مبدإ  التأسيس لمجتمع حديث على أساس اقتصاد السوق. و لوحظ أن حملته الانتخابية كانت مكلفة ، مما جعل البعض يوجه له   تهمة "شراء" أصوات الناخبين ، وخلال فترة الحملة الإنتخابية تعرّض الرياحي الى هجومات إعلامية توجتها قناة « نسمة » ببرنامج خاص إتهمته فيه بإستغلال معاناة التونسيين من خلال تقديم قصة طفلة مريضة بالسرطان ، وعدها بتسفيرها الى فرنسا على حسابه لمعالجتها ثم تخلى عنها مما تسبّب في موتها ،كما ترّض الرياحي لتهمة أخرى وهي تزوير التزكيات للترشح للإنتخابات الرئاسية 

يتضمّن البرنامج الإنتخابي لحزب الإتحاد الوطني الحر 10 نقاط، منها "إجتثاث الإرهاب من تونس خلال فترة لاتتجاوز ستة أشهر، وخلق مناخ أمن بتوفير الإمكانيات اللازمة وظروف العمل الملائمة للأمنيين والعسكريين"، و"القضاء على الفوارق الصحية والإجتماعية"، و"بعث مشاريع كبرى وصغرى بكافة الولايات"، و"إعطاء الأولوية في التشغيل لأبناء كل جهة، بما يوفر طاقة تشغيل جملية تستوعب 422 ألف عاطل عن العمل". 

الحركة الدستورية ورهان « الأزلام »

في نوفمبر 2013 أعلن حزب الحركة الدستورية عن ولادته إمتداد للحزب الحر الدستوري والتجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا » ، وأكدت الحركة الدستورية في بيانها الممضى من طرف مؤسسها الدكتور حامد القروي تواصلها التاريخي مع «حركة الإصلاح في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومع النضال التحريري وبناء الدولة الحديثة التي حققت المكاسب والإنجازات بفضل زعماء ورواد في كل مراحلها وفي مقدمتهم الزعيم الراحل المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة»،  وجددت الحركة الدستورية تمسّكها ب«ثوابت التيار الدستوري منذ تأسيس الحزب سنة 1920 وخلال كافة مراحل المسيرة الوطنية وبناء الجمهورية ومؤسساتها، وبمكاسبها وإنجازاتها الرائدة في مختلف المجالات، وفي مقدمتها حرية المرأة وحقوق الطفل والأسرة وتعميم التعليم وإجباريته ومجانيته والصحة وتحسين ظروف العيش وإقامة مؤسسات الدولة الجديدة »

ويعتبر حزب الحركة الدستورية إحياءا لحزب التجمّع الدستوري الديمقراطي الذي تم حلّه بحكم قضائي في مارس 2011 ، ويتزعمه حامد القروي الذي تولى منصب الوزير الأول في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي لمدة 11 عاما ، والذي أكد في تصريحاته صحفيا أنه لا يخشى صفة الأزلام ،مردفا « صفة الأزلام لا يطلقها علينا سوى الأقزام » 

 وقال القروي،  "إن الدستوريين أخطأوا وقاموا بنقدهم الذاتي وبمراجعة أخطائهم، وهم الآن عائدون للمشاركة في صنع القرار"، على حد تعبيره، موضحا أن حزبه سيدعم بقوة تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات ، وأضاف  أن الدستوريين أخطأوا في السابق عندما لم يحترموا بيان 7 نوفمبر 1987 وعندما ابتعدوا عن النهج الديمقراطي، "وهو ما أدى الى الاستبداد والفساد"، لكنه أشار في المقابل الى أن الحركة الدستورية لها إسهامات في صون وبناء الدولة الحديثة وعصرنة الإدارة.

ونفى القروي ما يروج عن عقد حزبه صفقة مع حركة النهضة، لكنه أفاد في المقابل أن حزبه إذا حصل على مقاعد في البرلمان القادم فسيعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تحقق الاستقرار لتونس وتعيد الأمل للتونسيين، وفق تعبيره.

وتطمح الحركة الدستورية الى تحقيق حضور مهم في البرلمان القادم يؤهّلها للتحالف مع القوى القريبة منها فكريا من أجل تشكيل الحكومة القادمة ،كما تستعد الحركة لخوض الإنتخابات الرئاسية من خلال مرشّحها عبد الرحيم الزواري آخر وزير للنقل في عهد بن علي 

التحالف الديمقراطي والمفاجأة 

يتجه حزب تونسي صغير وهو حزب التحالف الديمقراطي الى إحداث المفاجأة حسب أغلب المراقبين حيث ينتظر أن يحصل على ما بين 15و 20 مقعدا بمجلس نواب الشعب ( البرلمان القادم ) ، ويعمل الحزب على كسر الإستقطاب الثنائي حسب تصريحات زعيمه محمد الحامدي الذي يقود 30 قائمة في الإنتخابات البرلمانية ويستعد لخوض غمار التنافس على كرسي الرئاسة في قصر قرطاج 

وقال  الحامدى  أن التحالف الديمقراطى يرفض أن تختزل الحياة السياسية فى ثنائية حزبية كاذبة جربها الشعب التونسى وتأكد من سوء تسييرها لشوون البلاد وعجزها عن توفير حلول للمشاكل المتراكمة حسب تقديره، زوأشار الى أن برنامج حزبه الانتخابى يسعى بالخصوص لضمان الاستقرار السياسى والامنى والاجتماعى ومقاومة الارهاب وسيعمل من أجل تحديد موعد لتنظيم الانتخابات البلدية والجهوية.

وفى ما يتعلق بحكومة الوحدة الوطنية اعتبر الحامدى ان هذا الطرح يبقى غير واضح مؤكدا أن حزبه لا يمكنه أن يتحالف الا مع من يشاركه نفس التوجهات وهو يقترح قيام ائتلاف واسع بعد الانتخابات القادمة يتم تشكيله من مختلف الفائزين من العائلة الديمقراطية على أساس برنامج مشترك .

ونبه فى نفس الاطار الى خطورة خطاب التنقيص والتشكيك فى قيمة وصدق الفاعلين السياسيين محذرا فى الان نفسه من العزوف عن المشاركة السياسية وممارسة حق الانتخاب باعتبار أن ذلك يخدم من وصفها بالاحزاب العقائدية .

في نوفمبر 2012 تمّ الإعلان عن ميلاد "حزب التحالف الديمقراطي" الذي يضم التيار الإصلاحي الديمقراطي المنشق عن الحزب الجمهوري والذي يتزعّمه محمد الحامدي ،وخلال عامين نجح الحزب في تأكيد حضوره من خلال فاعية الكتلة التي أنشأها في المجلس الوطني التأسيسي ومن خلال ذكاء قياداته في التعامل مع أجهزة الإعلام إضافة الى إصراره على إستقلالية مواقفه 

حزب الياقات السوداء يتقدّم 

يعتقد المراقبون أن حزب آفاق تونس الذي يسمّى بحزب ذوي الياقات السوداء لطبيعته النخبوية الذي ظهر بها  سيكون من جملة المراهنين على المراتب الأولى للصف الثاني من الأحزاب الحاضرة في البرلمان القادم ، وآفاق تونس تأسس بعيد الثورة على أيادي  عدد من الإطارات العليا ويزعمه حاليا ياسين ابراهيم

يلخّص الحزب برنامجه الإنتخابي في أربعة محاور أساسية حول كيفية إعادة بناء المواطنة وقيم التضامن واللحمة الاجتماعية وإعادة بناء الدولة وتحديد دورها وبناء النجاح الاقتصادي الذي سيعطي إشعاعا لكافة المجالات الأخرى.  وكشف قيس العلاني منسق البرامج في حزب «آفاق تونس» أن البرنامج أعدّ داخل مخبر اقتصادي واجتماعي من طرف 90 شخصا مقسمين على 15 لجنة وأن العمل على إعداده استغرق سنة كاملة .

من جهته أوضح رياض الموخر القيادي ب « آفاق تونس» أن الحزب  يطمح إلى جعل تونس واحدة من أفضل خمس اقتصادات على الصعيد المتوسّطي وأن يمكّنها من أفضل نظام تربوي وصحّي على المستوى الإفريقي، في إطار دولة القانون التي تكرّس الديمقراطية وتضمن كلّ الحريات، ليجعل منها مثالا يحتذى به في مجالات التنمية البشرية وجودة الحياة.

وفي حديثه عن المحاور الكبرى التي ركز عليها حزبهم في مشروعهم الانتخابي , اقر رياض الموخر انها ترمي إلى إعادة بناء تونس الحديثة على حد تعبيره وأضاف « نريد إعادة بناء دولة تضع المواطن في قلب توجّهاتها لكي تضمن له الكرامة والأمن والازدهار, دولة قويّة ومحترمة بفعل كفاءتها وبجودة الخدمات التي تسديها للمواطنين وللمؤسّسات وتضمن إعادة توزيع الثروات بهدف التقليص من التفاوتات ومحاربة الفقر والهشاشة والنهوض بمجالات التربية والصحة وتركّز اهتمامها على البنية التحتية والطاقات المتجدّدة والتكنولوجيا.»

وبالنسبة للميدان الاقتصادي قال الموخر إن المشروع يقوم على نموذج تنموي جديد يضع المواطن في جوهره ويعطي الأولوية إلى اقتصاد إنتاجي على حساب اقتصاد ريعي، ويزيل الحواجز ويبسّط الإجراءات ويحرّر الطاقات للاستثمار والتجديد ويعيد الاعتبار للعمل كقيمة أساسية، متابعا« إنّ نموذجنا للتنمية قائم على اقتصاد العمل والإنتاج والقيمة المضافة ويطمح إلى إعادة التوازن لمصادر الثروة الوطنية وذلك لصالح القطاعات المنتجة والمبتكرة ولصالح الفلاحة والصناعة والخدمات».

وأوضح الموخر في سياق متصل حرص حزبهم على إعادة بناء الدولة من خلال إرساء ديمقراطية قائمة على دولة القانون ومنظومة أمنية جمهورية وفعالة متحدثا بالمناسبة عن إعادة الروح في المرفق العمومي وجعله في خدمة المجتمع المدني والمنشآت وعن كيفية جعل دولة فاعلة اقتصاديا في القطاعات الإستراتيجية وفك عزلة المناطق الداخلية وتحويل الجهات إلى حلقات أساسية في المنظومتين الاقتصادية والاجتماعية . 

المؤتمر من أجل الجمهورية والصورة الضبابية  

يحاول حزب المؤتمر من أجل الجمهورية تحقيق نتائج إيجابية في الإنتخابات البرلمانية غير أن نتائج أغلب عمليات سبر الأراء تضعه في مرتبة متأخرة مقارنة بالأحزاب الكبرى المؤثرة مثل نداء تونس والنهضة ،المؤتمر حزب سياسي تونسي تأسس في 25 يوليو 2001. ولكنه لم يحصل على الموافقة القانونية إلا في 8 مارس 2011، بعد نجاح الثورة التونسية. يترأسه شرفيًا المنصف المرزوقي ويتولى أمانته العامة حاليا عماد الدائمي أحد المحسوبين سابقا على الفكر الإخواني عندما كان عضوا ناشطا في إتحاد طلبة حركة النهضة قبل هجرته الى السودان في بداية التسعينيات لمواصلة دراسته فيها 

حصل حزب المؤتمر الذي كان يسمى حزب القيادات بلا قواعد على 26 مقعدا داخل المجلس التأسيسي في إنتخابات أكتوبر 2011 ،ويرد المراقبون هذه النتيجة الى إيعاز النهضة لقواعدها بالتصويت للحزب الذي دخل معها في تحالف الترويكا ليتم تكليف المنصف المرزوقي بمهمة رئيس الدولة ، وبعد أشهر تعرّض الحزب الى إنشقاقات في كوادره إنجرّ عنها تأسيس أحزاب أخرى من بينها حركة وفاء لعبد الرؤوف العيادي والتيار الديمقراطي لمحمد عبّو وحزب  حركة الإقلاع للطاهر هميلة

وخلال الأعوام الثلاثة الماضية تعّرض الرئيس المنصف المرزوقي الى إنتقادات عدة بسبب مواقفه الداخلية والخارجية سرعان ما أثّرت على حزبه الذي كان على علاقة متينة بروابط حماية الثورة المنحلّة وبالجماعات السلفية ،كما عرفت علاقة الحزب بحليفته حركة النهضة تشنّجا واضحا وصل الى حد تبادل الإتهمامات خلال الفترة الماضية ، ويرى المراقبون أن المواقف الراديكالية لحزب المؤتمر ودعواته الى العزل والإقصاء ورفضه الإنخراط في الحوار الوطني في صيف 2013 ومناوئته للإتحاد العام التونسي للشغل وتشكيكه في ظاهرة الإرهاب وهجومه على الإعلام  وحديثه المستمر عن مخططات إنقلابية في البلاد ورفضه المصالحة الوطنية ودفاعه عن الإخوان المسلمين في مصر وليبيا أضرّت بصورته في الشارع التونسي

يتضمن البرنامج الأنتخابي لحزب المؤتمر نقاطا عدة منها  اصلاح هياكل الدولة على أساس الدستور ومقاومة الفساد عبر إجراءات عملية  وترسيخ اللامركزية في كافة جهات البلاد قصد تحقيق تنمية عادلة وإرساء إصلاحات عميقة المنظومة العقارية ،إضافة الى بناء اقتصاد اجتماعي تضامني قائم على التنمية العادلة وتوفير مواطن الشغل للجميع وتثمين القدرات الإنتاجية.

كما تحدث البرنامج على تقليص نسبة الفقر وإصلاح القطاع الصحي من خلال مكافحة الأمراض الخطيرة وتقليص التفاوت الجهوي ، اضافة الى اصلاح التعليم ودعم التكوين المهني والبحث العلمي 

حركة وفاء والرفض الدائم 

تعتبر حركة وفاء ذات المواقف الثورية الراديكالية  والرفض الدائم كما يسمّيها عدد كبير من التونسيين من أبرز التيارات التي تخوض الإنتخابات البرلمانية التونسية على أمل الفوز بعدد محترم من المقاعد غير أن الملاحظين يستبعدون ذلك في ظل إتساع دائرة الداعين للمصالحة والتقارب بين ألوان الطيف السياسي المختلفة ، وتراهن الحركة على التيار السلفي المتشدد وأنصار روابط حماية الثورة المنحلة وأسر ضحايا ومصابي الثورة والثوريين الراديكاليين في التصويت لها 

وحركة وفاء  حزب تونسي تأسس في 25 يوليو 2012 اثر انشقاق عبد الرؤوف العيادي ومجموعة من نواب المجلس الوطني التأسيسي عن  حزب المؤتمر من أجل الجمهورية. تقدم وفاء نفسها على أنها "حركة سياسية وطنية ذات رسالة حضارية تستلهم أهدافها من ثورة 17 ديسمبر - 14 يناير 2011 في دولة المستقلة واستكمال مهام التحرر الوطني سياسيا واقتصاديا وإقامة النظام الجمهوري بمؤسساته الديمقراطية وتوفير شروط المواطنة بما تقتضيه من حقوق وواجبات"

وخلال الحملة الإنتخابية ، قال  العيادي انه لا يمكن بناء الجديد على أنقاض القديم معتبرا أن الفساد في حاجة الى الاستبداد لكي يحتمي به ، مشيرا  الى أن المكاسب التي تحققت غداة الثورة قد وقع التراجع عنها اثر عودة منظومة الفساد، حسب رأيه مؤكدا أنه "لا مجال لاعادة بناء الدولة برموز لا يحملون مشروع الثورة » ، وذكر أن حركة وفاء التي وصفها بضمير الثورة ستكون شريكا فاعلا في بناء الوطن داعيا الناخبين الى أن يختاروا يوم الإنتخاب الاصلح ومن يخاطب أذهانهم من أجل انتصار الثورة ووفاء لارواح شهدائها، على حد تعبيره.

وأعلن العيادي انه يتوقع أن تتحصّل الحركة على أكثر من 25 مقعدا في مجلس النواب المقبل. و اكد ان رجال الاعمال التونسيين لم يطرقوا باب الحركة لأن الحزب يتعرّض لحملات تشويه كبيرة مشيرا الى ان اختيار الحزب لشعار المحاسبة تسبب في عدم انضمام رجال الاعمال لقائماته المرشحة للانتخابات التشريعية .وعبّر العيادي عن مخاوفه من عمليات التشويش على المسار الانتخابي من خلال استعمال المال السياسي الفاسد وكذلك تدخل قوى اقليمية ودولية للتأثير على العملية الانتخابية. كما دعا العيادي التونسيين إلى التصدي لتدخل الأطراف الأجنبية التي ترمي إلى تغيير مسار الانتخابات من أجل فرض أجنداتها السياسية ووصايتها على البلاد حسب قوله موضحا ان حزبه يسير ضد التيار المضاد للثورة. و اكد ان حركته حافظت على جميع نوابها في المجلس الوطني التأسيسي وأنهم ترأسوا جميع قائماتها في الانتخابات التشريعيّة القادمة داخل البلاد و خارجها.و اكد ان حزبه سيحدث مفاجأة في الانتخابات القادمة. 

الإتحاد من أجل تونس أو شتات تحالف 

من بين القوى التي تخوض إنتخابات اليوم بأمل في الحصول على 25 مقعدا بالبرلمان القادم ، تحالف الإتحاد من أجل تونس وهو تحالف كان أعلن   الباجي قائد السبسي مؤسس حركة نداء تونس في 7 ديسمبر 2012 عن تكوينه كجبهة سياسية واسعة النطاق تضم خمسة أحزاب وقد صنف ذلك كمحاولة لتجميع القوى اليسارية والديمقراطية المشتتة.

وقد ضمّ الحزب أولا كل من نداء تونس والحزب الجمهوري وحزب المسار الديمقراطي الإجتماعي وحزب العمل والحزب الإشتراكي ،ثم إنسحب الحزب الجمهوري بسبب تنافس زعيمه أحمد نجيب الشابي على الترشح للإنتخبات الرئاسية مع الباجي قائد السبسي ،وفي ابريل الماضي أعلنت حركة نداء تونس أنها ستخوض الإنتخابات البرلمانية لقوئمها الخاصة ،ثم إختار الحزب الإشتراكي الإتجاه ذاتها ، ليقرّر كل من حزب المسار وحزب العمل الديمقراطي  وبعض المستقلين دخول السابق البرلماني بقوائم تحمل إسم الإتحاد من أجل تونس 

ينقسم البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للاتحاد،  الى جزأين كبيرين يتضمن الأول تصورا لعمل الحكومة لمدة 100 يوم، ويقترح ضمن برنامج استعجالي إجراءات وحلولا تهدف الى استكمال تركيز مؤسسات الجمهورية الثانية، وسن القوانين المنسجمة مع روح وفلسفة الدستور الجديد ، بينما يتضمن الجزء الثاني  وهو "تقليدي » حسب زعيم المسار سمير الطيب ،جملة النقاط التي يقترحها الحزب لإصلاح مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وفي مقدمتها القطاع المالي والجبائي والمنظومة التربوية.

وقال  الطيب إن البرنامج "منحاز الى الفئات الفقيرة والمهمشة وحتى الفئات المتوسطة التي قاربت خط الفقر"، كما انه يراعي خصوصيات كل جهة، حيث تتمثل اولوية جهة القصرين في دعم الاستقرار والأمن، وفي سيدي بوزيد تتمثل في تحسين البنية التحتية ودعم الاستثمار، في حين تفتقر جهة الجريد وتوزر الى الماء، وتعاني جهة الساحل من مشاكل في القطاعين الصناعي والسياحي.

كما اقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية ترأسها شخصية وطنية مستقلة تسند من قبل الاحزاب السياسية في صورة ما اذا افرزت الانتخابات التشريعية ما نعته ب"المشهد السياسي المبعثر".