البهارات والحبوب المستخدمة في مطبخ غرب افريقيا تعدّ فريدة من نوعها على الصعيد العالمي، وهذا ما يمنح مذاق الأكل في المنطقة طعما مختلفا لا يميّز أيّ مطبخ آخر غيره، وهوية خاصة به، تجعل هذا المذاق مختلفا عن نظيره في بقية بلدان القارة السمراء، وفقا لـ “أومو باه”، وهي مصمّمة موقع “وصفات افريقية” الإلكتروني، وهي أيضا طبّاخة مستقرة بغينيا كوناكري.
وعن الخصوصية التي تميّز المطبخ في بلدان الغرب الافريقي، أوضحت “باه” أنّ “هناك بهارات لا توجد سوى في غرب إفريقيا مثل “سومبارا” (بالغينية، وتسمى “ناتاتو” بالسينغالية، “داداوا” أو “ايرو” بالنيجيرية). وقد قررت باه، عبر إطلاق موقعها الإلكتروني في 2012 أن تعرّف بالمطبخ الأفريقي، الغائب عن الشبكة العنكبوتية.
بهارات “سومابارا” تعرض في جميع أسواق غرب إفريقيا، وهو مشتق من تحويل بذور “نيري”، وهي شجرة بقولية متوفرة في المنطقة. ويعرف بأنه “الخردل التقليدي” لإفريقيا، ويستعمل بكثرة من قبل الطهاة، رغم رائحته القوية نسبيا. وهو يضفي طعما طيّبا ورائحة تدغدغ الأنفس عند إعداده، وهذا ما جعله عنصرا أساسيا في العديد من الوجبات.
ويعد “سومابارا” في شكل صلصة، ويرافق الأكلات الأخرى، مثل الكسكسي أو الأرز كما هو الحال في بوركينا فاسو، أين يعرف طبق “مويكولغو” شعبية كبيرة بين جميع السكان (وهو طبق أرز يرافقه “سومبارا” فقط).
وبالإضافة إلى مذاقه، يحتوي هذا البهار “الساحر” على البروتينات وفيتامين “سي”، وهو يشتهر أيضا بالعديد من المنافع الطبية، على غرار تعديل ضغط الدم، وفقا لبعض من طلبت الأناضول رأيهم في هذه البهارات من سكان مالي.
والمعروف عن سكان غرب إفريقيا هو ولعهم الشديد بالتوابل والبهارات المتنوعة مثل الريحان والزنجبيل والزعفران (بالنسبة لحساء الأسماك) والكركم وجوزة الطيب والفلفل وحبات المانغو البرية والفلفل (الطازج المجفف أو في شكل مسحوق)، والأكثر شهرة هو “بيلي- بيلي” (الفلفل الأحمر)، بحسب شهادات متفرّقة للأناضول.
أمّا في الكاميرون، فيعطي فلفل “بانجا” الأبيض خاصية للمطبخ في المنطقة. تقول الطاهية هنريات ايكيل، صاحبة مطعم محلي في قلب مدينة دوالا الواقعة على الساحل الكاميروني، في تصريح للأناضول: “نستعمل كثيرا الفلفل الأبيض الذي نجده في الكاميرون وفي بلدان أخرى في غرب إفريقيا، إذ يتميّز برائحة ونكهة وطعم فريد من نوعه، كما أنّه ليس مكلفا بالمرّة، وهو قادر على تغيير مذاق أي وجبة يضاف إليها”.
وفي 2013، تحصل فلفل بانجا على أول “مؤشر جغرافي محمي”، وهو ما يعتبر تميزا حقيقيا لهذا المنتج الذي يشيد به الطهاة والمتذوقون حول العالم.
وتستعمل البامية والبصل أيضا في كثير من الوصفات في بلدان غرب إفريقيا، حسب أومو باه. كما تستخدم البامية، وهي إحدى الخضراوات الإفريقية المعروفة، نيئة أو مطبوخة وأحيانا مجففة. وتتضمن أيضا العديد من المكونات المغذية.
وتعتبر صلصة البامية إحدى الصلصات الأكثر شهرة في غرب إفريقيا، وفقا لصاحبة موقع “وصفات افريقية”. ويطلق على هذه الصلصة (في غرب إفريقيا، تعتبر كلمة “صلصة” كلمة عامة تعني الأطباق التي تستعمل فيها الصلصة بما في ذلك اللحوم أو الأسماك والخضراوات) اسم “سوبوكاندجا” في السينغال، “كوبي” في كوت ديفوار، تاكو في غينيا، الخ. ويمكن أن يقع إعدادها مع لحوم البقر والأغنام والماعز والدجاج وحتى مع الأسماك الطازجة أو المدخنة، حسب الطاهية.
ويتميز المطبخ في غرب إفريقيا أيضا بالاستخدام الكبير للحبوب، حسب كل المتخصصين في الطهي. وقد صنفت الأكاديمية الوطنية للصحافة أكثر من ألفي نوع من الحبوب في القارة الإفريقية وكثير منها يوجد في غربها، من ذلك الذرة والمانيوك والبطاطا والذرة الرفيعة، إلى جانب الموز أو البطاطا الحلوة، والتي ترافق في كثير من الأحيان الأطباق التقليدية وتمثل أهم المنتجات الزراعية والغذائية الإفريقية.
ومن بين الحبوب المستخدمة، نجد الفونيو (أبيض أو أسود) ويعتبر من أقدم الحبوب في إفريقيا. وفي مالي، يقال إن بذور الفونيو، المسماة “بو”، هي “نواة العالم”. ويستخدم الفونيو في الكسكسي والفطائر والدقيق، ومعروف بفوائده الغذائية الهامة ويوصى به لمرضى السكري، وفقا للمجلات الصحية.
وإضافة إلى إستخدام توابل فريدة من نوعها، يتميز غرب إفريقيا أيضا بطريقة خلق مزيج فريد منها. فيمكن أن نجد في نفس الوصفة، مزيجا من اللحوم والدواجن والأسماك والخضراوات مثل وصفات صلصات الورقات المطبوخة، التي تعد من غينيا إلى الكونغو، مرورا بمالي، وفقا لخصوصيات كل بلد، حسب باه.
كما أن لكل بلد طبقه الوطني، على غرار أطباق “دو لوف” التشادي، “بوساكا” الايفواري أو “كوسيكو” في بنين. وتستعمل فيها كلها البهارات والحبوب التي تعطي نكهات فريدة ليس للوجبات فحسب، وإنما لمطبخ المنطقة بأسرها.