مازال عشرات المعتصمين يرابطون قرب البوابة الحدودية برأس الجدير من الجانب التونسي من أجل فتح المعبر الذي تجاوزت فترة إغلاقة شهرا ونصف الشهر دون وجود أي أمل في فتحه خلال الفترة المقبلة رغم المجهودات المبذولة من طرف بعض الجمعيات المدنية في البلدين.


غلق المعبر يؤثر على حركة الطريق بين بنقردان ورأس الجدير

على مسافة تتجاوز ال30 كيلومترا تنقلت بوابة إفريقيا الإخبارية من مدينة بنقردان إلى رأس الجدير من أجل معرفة مصير عشرات المعتصمين من تجار ومواطنين مساندين وجمعيات محلية ممن يطالبون بفتح المعبر الذي يعتبر ذا أهمية كبرى في أعمالهم باعتبارهم مواطنين بسطاء يبحثون عن لقمة عيش وجدوها مع أشقائهم الليبيين منذ عشرات السنين في ظل غياب أي أفق تشغيلي في بلادهم. وخلال كامل الطريق كانت الحركة منعدمة إلا من خلال بوابتين للحرس التونسي مكلفتين بمراقبة الحركة على طوله، وهو مشهد غير معتاد حيث كان الطريق من الأكثر حركة ونشاط في البلاد خلال الظروف العادية للمعبر وتمر منه يوميا مئات السيارات التونسية والليبية.

فتح المعبر مصلحة للشعبين

خلال زيارتها للمعتصمين في بوابة "القيطون" القريبة من رأس الجدير، استطلعت بوابة إفريقيا الإخبارية أراء عدد من الشباب المعتصم حول إشكالية غلق المعبر، حيث أكد أغلبهم أن بقاء المعبر مغلقا كامل هذه الفترة ليس في صالح الشعبين. فبالإضافة إلى النشاط الاعتيادي في التجارة البينية هناك عديد الحالات الصحية والعائلية التي يمكن أن تمنع من الحركة في الجانبين وقد أكدوا أنهم تعرضوا إلى عديد الحالات ولم يرفضوا مرورها نظرا لأن المسألة إنسانية خاصة في علاقة بالعائلات والنساء.

وأضاف المعتصمون أنهم يواصلون مطالباتهم للسلطات من الجانبين بضرورة فتح المعبر وتسهيل الحركة فيه بعيدا عن التضييقات التي قد تحصل في الجهتين لأن العلاقة التي تربط الشعبين تتجاوز الجيرة إلى علاقات مصاهرة وترابط عائلي لا يمكن من خلالهما بقاء الحالة على ما هي عليه.

ثناء على التعامل الإيجابي مع الحالات الإنسانية

خلال وجودنا وسط خيام المعتصمين، صادفنا مرور عدد من سيارات الإسعاف الليبية القادمة أو الذاهبة إلى تونس. وقد لاحظنا تعاملا إيجابيا من قبل الموجودين، حيث أكدوا لنا أن هناك قرارا في الأصل بمنع كل حركة في الاتجاهين إلى حين الاتفاق على آليات حقيقية يفتح من خلالها المعبر، لكنهم أكدوا لنا، وقد عاينا ذلك أيضا، أن كل الحالات الإنسانية بقيت لها أحقية العبور مراعاة لظروف المرضى والنساء. وهذا ما استطلعناه من خلال تصريحات الموجودين داخل سيارات الإسعاف الذين أكدوا أن التعامل معهم كان في كنف الاحترام وأكدوا أنهم لم يتعرّضوا لأي تضييقات خلال تواجدهم على كامل الطريق.

أدوار مهمة للمجتمع المدني

في وسط مدينة بنقردان لا حديث بين الناس أيضا إلا عن غلق المعبر وما تسبب فيه من مشاكل للتجار الصغار الذي وجدوا أنفسهم بلا أي موارد باعتبار أن نسبة كبيرة منهم تشتغل على التجارة مع ليبيا منذ سنوات وليست لديهم أفاق كبيرة للبحث عن بدائل أخرى. ولذلك وجدت النظمات الأهلية في موقع تحمل المسؤولية من خلال التواصل اليومي مع الناس ومع المسؤولين المحليين لإيجاد حلول عاجلة للأزمة.

الناشط المدني والمتحدث باسم جمعية الأخوة التونسية الليبية عادل ناجي، أكد في تصريحه لبوابة إفريقيا الإخبارية، أنهم يساندون الاعتصام ويعتبرونه مشروعا نظرا لطول مدة غلق المعبر، مشيرا إلى ضرورة العمل على إيجاد الحلول العاجلة لفتحه لأن ما يقع اعتبره "معضلة" لا يجب تجاهلها. وأضاف أن العلاقات التاريخية بين الشعبين تفرض على الجميع تجاوز بعض العراقيل، معتبرا أن للعمل الأهلي أهمية كبرى في معالجة عدة قضايا حصلت خلال السنوات الماضية، ولهذا دعا إلى التشاور بين جميع الأطراف المدنية والبلدية في مدينة بنقردان إلى مزيد الضغط من أجل تحريك الملف الذي بقيت مشاكله تتراكم طيلة ثمان سنوات والحلول خلال كامل تلك الفترة كانت دائما ظرفية وليست دائمة.