ليبيا - مراسل البوابة  

هل عبارة طارق متري مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا في في مؤتمره الصحفي الأسبوع الماضي في توصيف الأوضاع الأمنية في ليبيا بأنها ” مصدر قلق ” تعبر عن الواقع الذي تعيشه البلاد الآن؟.

واقع الحال لا يزكي هذا التوصيف خاصة بعد الهجوم الانتحاري على قاعدة للجيش خارج بنغازي الذي أدى إلى قتل ما لا يقل عن ستة وإصابة 15 يوم الأحد ليمثل نقلة نوعية في المشهد الليبي. فقد ذكر مصدر أمني أن المهاجم فجر نفسه في سيارة أمام قاعدة برسيس الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا خارج بنغازي.

وقالت مصادر طبية إن كل القتلى جنود ولكن المصادر الأمنية قالت إن المهاجم كان من بين القتلى. وقال معتز العقوري وهو شرطي يعمل في تلك البوابة الواقعة على بعد 50 كلم شرقي بنغازي إن “سبعة أشخاص على الأقل قتلوا وتم التعرف على هويتهم بينما لم يتم التعرف على قتلى آخرين تمزقوا أشلاء نتيجة هجوم انتحاري نفذه مجهول كان يقود سيارة نوع تويوتا بيك أب رباعية الدفع”. وأضاف العقوري الذي كان بعيدا نسبيا عن مكان الانفجار أن “ثمانية أشخاص آخرين أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة ونقلوا جميعا إلى مستشفى مدينة توكرة  وأنه من المرجح نقلهم إلى مستشفيات مدينة بنغازي عقب وصول الإسعاف وإجراء التأمينات اللازمة”. وأوضح أن “الانتحاري حينما وصل إلى البوابة أقدم على تفجير السيارة التي يستقلها في نقطة التمركز حيث كان يجري أفراد البوابة الاستيقاف الاعتيادي الليلي لتأمين مدخل مدينة بنغازي”.

وأشار إلى أنه “من بين القتلى والجرحى مدنيون تزامن مرورهم بالبوابة ساعة الانفجار خلال عملية التدقيق والتفتيش الاعتيادية”.

وذكر شهود عيان لفرانس برس أن حفرة عميقة خلفها الانفجار الذي قالوا إن دويه سمع في مختلف أحياء المنطقة.

ويفرض أبناء تلك المنطقة إجراءات أمنية صارمة للدخول والخروج من مدينة بنغازي، ومعظم أفراد هذه البوابة من قبيلة واحدة وفي مجملهم ضباط وجنود في الجيش والشرطة.

وكان آمر البوابة فرج العبدلي الذي أصيب هو الآخر جراء هذا الهجوم بإصابات متوسطة الخطورة أعلن في 28 نوفمبر الماضي أن “أفراد البوابة تمكنوا من ضبط أربعة أشخاص قادمين من شرق ليبيا إلى بنغازي وبحوزتهم أسلحة وأموال ومتفجرات وقوائم لأشخاص يعتزمون تصفيتهم”.

وخلال نقل هؤلاء المتهمين إلى معسكر القوات الخاصة والصاعقة في مدينة بنغازي تعرض أفراد من مشاة البحرية في القوات الخاصة إلى كمين في مدخل مدينة بنغازي قتل على إثره ثلاثة جنود من الجيش وأصيب ثلاثة آخرون بجروح بليغة. ومنذ ذلك الحين تعرضت تلك البوابة للعديد من التهديدات بسب إلقاء القبض على الأربعة الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن.

بنغازي.. مدينة الاغتيالات

وتحولت مدينة بنغازي إلى مدينة الاغتيالات السياسية والأمنية، حيث تضاعفت مؤخراً عمليات الاغتيال آخرها عملية العقيد في المخابرات ببنغازي الجمعة.

ويضاف الاغتيال الجديد في مدينة بنغازي، الجمعة، لما يقارب السبعين اغتيالاً في صفوف قيادات أمنية وسياسية في المدينة منذ نهاية الثورة. مقتل ضابط في الاستخبارات العسكرية في مدينة درنة، العقيد فتح الله القزيري، أعاد موضوع الاغتيالات إلى الواجهة.

فسلسلة الاغتيالات بدأت في بنغازي منذ الثامن والعشرين يوليو ألفين وأحد عشر عند مقتل عبدالفتاح يونس، رئيس أركان الجيش الليبي سابقاً، الذي قاد الثورة بعد انشقاقه على القذافي، وتبعه بأشهر مقتل القاضي الليبي جمعة حسن الجازوي الذي أمر باعتقال اللواء عبدالفتاح يونس قبل مقتله.

وطالت أهم الاغتيالات أيضاً عبدالسلام المسماري، أحد أهم المعارضين لنظام القذافي وأحد مؤسسي المجلس الوطني الانتقالي، إضافة لمقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنس بعد الهجوم على السفارة الأمريكية.

الاغتيالات التي استهدفت خصوصاً قيادات عسكرية أغلبها كانت ضمن جيش القذافي، طالت أيضاً العميد محمد هدية الفيتوري آمر الذخيرة والتسليح بالجيش الليبي قبل اغتيال العميد جمعة الكاديكي في سبتمبر الماضي، وهو القيادي في جهاز الاستخبارات الليبية، وآخر الاغتيالات طالت أيضاً آمر قوات درع ليبيا في مدينة درنة العقيد عدنان النويصري.

وتزامنت الاغتيالات مع تحول مدينة بنغازي في المقابل لبيئة حاضنة لعدد كبير من الجماعات المتطرفة، أهمها جماعات تابعة للقاعدة وأخرى لأنصار الشريعة، حيث كانت وسائل إعلام قد كشفت قبل أيام احتضان بنغازي لأكبر تجمع تنسيقي لقيادات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجماعات أخرى مرتبطة بأنصار الشريعة في بلدان مغاربية.

انتشار هذه الجماعات في المدينة بالإضافة لسلسة الاغتيالات، حول بنغازي لبؤرة توتر أمني كبيرة، كثيراً ما رفضها السكان الذين خرجوا في أكثر من مناسبة للتظاهر ضد انتشار المسلحين في أرجاء المدينة.

حقول النفط تتحول إلى حقول للدم إلى ذلك أفادت مصادر السبت بالعثور على جثث 5 ضباط ليبيين مقتولين رميا بالرصاص في أحد حقول النفط جنوب ليبيا. وفي وقت سابق، أكد وزير النفط الليبي عبدالباري العروسي أن مشكلة إمدادات النفط في ليبيا سيتم التغلب عليها قريبا، وأن كل الخيارات واردة بما في ذلك اللجوء إلى العمل العسكري من أجل فك الحصار المفروض على موانئ تصدير النفط من قبضة المليشيات التي تسيطر عليها منذ يوليو الماضي. وأوضح الوزير أن الدخل الليبي تأثر بالمشكلة الموجودة حاليا، حيث انخفض إنتاج النفط من 1.6 مليون برميل يوميا إلى نحو 250 ألف برميل نتيجة إغلاق الموانئ، مشيرا إلى أن الشعب الليبي مع هذا الخيار لحل إشكالية وصول النفط إلى الموانئ. في غضون ذلك، اجتمع بعض من أعيان وشيوخ المنطقة الشرقية ببنغازي وذلك بعد تهديدهم باستخدام القوة لإنهاء أزمة إغلاق الحقول النفطية بالمنطقة ورفضهم لهذه التهديدات وتكليف المكتب التنفيذي لإقليم برقة بالبدء في عمليات بيع وتصدير النفط بعد عرقلة المفاوضات بين المطالبين بفيدرالية برقة والحكومة المركزية.

“لوكربي” مجددا

 وفي سياق آخر تعهدت الولايات المتحدة وبريطانيا وليبيا يوم السبت بتوفير الدعم الكامل لمحققيهم الذين يسعون لتقديم من كانوا وراء تفجير طائرة الركاب الأمريكية فوق لوكربي باسكتلندا عام 1988 للعدالة. وفي بيان مشترك بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والعشرين على حادث الطائرة التابعة لشركة بان أمريكان الذي قتل فيه 270 شخصا قالت الحكومات الثلاث إنها مصممة على كشف الحقيقة وراء مثل هذا الهجوم في بريطانيا. وقالت الدول الثلاث في بيان أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية “نريد أن يقدم للعدالة جميع أولئك المسؤولين عن هذا العمل الإرهابي الأكثر وحشية وأن نفهم السبب في ارتكابه.” ومضى البيان يقول “نحن ملتزمون بالتعاون التام من أجل كشف الحقائق كاملة في هذه القضية.” وأضاف نحن جميعا سنقدم الدعم الكامل لفريق التحقيق لتمكينهم من استكمال تحرياتهم بنجاح.” وترغب حكومة طرابلس التي تحاول ترسيخ سلطتها بعد أن ساعدت القوة الجوية لحلف شمال الأطلسي المعارضين في الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011 أن تظهر استعدادها لمساعدة شركائها الغربيين في توضيح كثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها بشأن لوكربي وهو هجوم تسبب في معاناة ليبيا من العزلة الدولية سنوات عديدة.

وأشاد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون “بثبات وصمود” أولئك الذين تأثروا بالتفجير في الوقت الذي أقيمت فيه الصلوات في الذكرى السنوية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة. ومعظم ضحايا التفجير الذي وقع فوق لوكربي باسكتلندا أمريكيون كانوا في طريق عودتهم من أوروبا حيث أمضوا عطلة عيد الميلاد. وتوفي 11 شخصا على الأرض مع سقوط الطائرة التي كانت متجهة إلى نيويورك بعد وقوع انفجار على متنها بعد نحو 38 دقيقة من إقلاعها من مطار هيثرو بلندن. وكان ضابط المخابرات الليبي عبد الباسط المقرحي الشخص الوحيد الذي أدين في الهجوم. ووجد أنه مذنب بالاشتراك مع آخرين في التفجير الذي وقع عام 2001 لكن أفرج عنه من السجن لأسباب إنسانية بعد ثماني سنوات وسط جدل كبير في كل من بريطانيا والولايات المتحدة. وتوفي المقرحي في العام الماضي بالسرطان.

وأكد المقرحي دائما أنه بريء وتفكر أسرته في تقديم طعن آخر لتبرئة اسمه. وفي عام 2003 قبل القذافي مسؤولية ليبيا عن التفجير ودفع تعويضات لأسر الضحايا لكنه لم يعترف شخصيا بأنه أصدر الأمر بالهجوم. وبعد الإطاحة به وقتله في عام 2011 عين مدعيان ليبيان للعمل مع المحققين الاسكتلنديين والأمريكيين الذين يحاولون تحديد هوية المرتكبين الآخرين. والرجل الذي يريدون سؤاله هو عبد الله السنوسي المدير السابق لمخابرات القذافي الذي ينتظر محاكمته في ليبيا في جرائم حرب تشير مزاعم إلى أنه ارتكبها أثناء انتفاضة 2011 .وفي الأسبوع الماضي قال وزير العدل الليبي صلاح المرغني إنه يزمع السماح لممثلي الادعاء بالتحدث إلى السنوسي.