قالت وكالة بلومبيرج الأمريكية إن المقر شديد التحصين بغربي العاصمة الليبية طرابلس للمبعوث الخاص لللأمم المتحدة إلى ليببا غسان سلامه يزوده بمقعد جانبي بينما تخوض قوتان معركة مستمرة منذ أربعة أشهر للسيطرة على البلاد.

وبصفته المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا تتمثل مهمته في إنهاء القتال بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا ومنافسها الرئيسي قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر المتمركز في شرقي  البلاد وتدعمه طموحات القوى الإقليمية. وبعد عدة انتكاسات قال سلامه إن المسيرة التي وصلت إلى طريق مسدود في طرابلس تعزز حجته بأنه لا يمكن لأحد الفوز.

وأضاف سلامه "حسنًا، إذا لم يكن هناك شيء قاطع ، ماذا نفعل الآن؟ هذا ما نحن فيه "، موضحا "هذا يسمح لجهودنا المتواضعة في مختلف العواصم التي تهتم بالقضية الليبية أن تكون مثمرة أكثر من أي وقت مضى".

وسيكون تفاؤل سلامه محل ترحيب سكان ليبيا البالغ عددهم 6.4 مليون نسمة، الذين عانوا لسنوات من العنف منذ الإطاحة بالرئيس الراحل معمر القذافي ومقتله إثر أحداث عامة 2011 التي دعمها حلف الشمال الأطلسي . ومنذ ذلك الوقت أصبحت أجزاء من ليبيا ملجأ للمهربين الذين يغذون المهاجرين إلى أوروبا ومقاتلي تنظيم داعش الإرهابي. مما تسبب في إنهيار الاقتصاد وانتشرت المعاناة.

ولكن لتحقيق هذا التفاؤل على أرض الواقع سيتعين على سلامه التغلب على انعدام الثقة العميق في ليبيا –الدولة العضوة في منظمة أوبك التي تتمتع بأكبر احتياطي نفطي في أفريقيا- والأجندات المتباينة في الخارج.

واستقطب الهجوم على طرابلس الذي شنه حفتر في أبريل تدخلًا عسكريًا من جانب العديد من القوى إلى جانبه، بينما تدعم تركيا بشكل علني حكومة الوفاق بقيادة رئيس الوزراء فايز السراج التي تتخذ من طرابلس مقراً لها.

وفي الوقت نفسه  فشل أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في إصدار قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار بعد أن هددت الولايات المتحدة باستخدام حق النقض ضد مشروع بريطاني. وقال الفرنسيون والأمريكيون إنهم يفضلون التمسك باتفاقية سلام.

وأشارت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دعم مبدئي لحفتر بمجرد أن بدأ هجومه وكانت فرنسا قد دعمته بهدوء بينما كانت تدفع باتجاه السلام. ولكن بالنسبة للجزء الأكبر فإن واشنطن المضطربة تراقب من الخطوط الجانبية.

وقال سلامه "كان النهج الأمريكي هو القول: لا أعطوا الحرب فرصة، وعندما نحتاج إلى قرار فلدينا قرار"، مضيفا  "كان هناك بعض الشعور في بعض البلدان بأنه يمكن كسب الحرب من جانب واحد أو آخر. أعتقد أن الأمر قد تلاشى ببطء ".

النزاعات المركزية

وافقت حكومة سراج وحفتر على هدنة مؤقتة اقترحتها الأمم المتحدة خلال عطلة عيد الأضحى المبارك هذا الشهر. استؤنف القتال منذ ذلك الحين، لكن مع الإدراك المتزايد من كلا الجانبين لن يكون هناك نصر حاسم. أكثر من ألف شخص - معظمهم من المقاتلين- لقوا حتفهم منذ أبريل  فيما نزوح الالاف.

ويضغط سلامه من أجل عقد اجتماع الشهر المقبل للقوى العالمية والدول الإقليمية التي لها مصلحة في الصراع لاستعادة وقف إطلاق النار وفرض حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة منذ فترة طويلة لكنه غير مطبق على نطاق واسع.

وقال سلامه إن هناك اهتمامًا بالاجتماع الذي سيتعين عليه معالجة النزاعات المثيرة للجدل في قلب الاقتتال الداخلي.

وبصرف النظر عن وضع وقف لإطلاق النار يجب على الأطراف "القيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والمالية التي من شأنها أن تزيل بطريقة أو بأخرى أسباب أو ذريعة المواجهة العسكرية الجديدة".

ويشمل ذلك توحيد البنك المركزي الذي تم تقسيمه بين الغرب والشرق والاتفاق على كيفية إدارة المؤسسة الوطنية للنفط  وإجراء مراجعة لكيفية إنفاق الموارد المالية.

إن سلامه  الذي شهدت مسيرته الدبلوماسية إصابته خلال تفجير عام 2003 في مقر الأمم المتحدة في بغداد له مصلحة شخصية في السلام. ففي أغسطس  أدى انفجار سيارة مفخخة في شرق ليبيا إلى مقتل ثلاثة من موظفيه.

وقال "لقد كنت في صراعات أخرى" ، وأضاف مشيرا إلى ندبة على جبينه من انفجار بغداد "احتفظت بها كتذكار لبقية حياتي".