رفض عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة الجزائري، المبعد من مسؤولياته في الدولة بقرار من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ قرابة شهر، إحالته على «لجنة الانضباط» بحزب الرئيس «جبهة التحرير الوطني»، بحجة أنه لم يفعل شيئا يستحق تنحيته من حزبه، وقال إنه سيبقى مناضلا فيه.
ونقل قياديون في «جبهة التحرير» عن بلخادم عندما زاروه أمس في إقامته بأعالي العاصمة، بأنه لا ينوي الاستجابة لاستدعاء محتمل من هيئة التأديب في الحزب صاحب الأغلبية، وقال بهذا الخصوص: «لم أرتكب أي خطأ يستحق إحالتي على لجنة الانضباط».
وذكر قيادي في الحزب لـ«الشرق الأوسط» كان من بين الذين زاروا بلخادم «وجدناه مرتاح الضمير يغمره شعور بأنه أدى واجبه تجاه الجزائر، وتجاه حزبه خلال فترة رئاسة بوتفليقة للجزائر. ولكنه يشعر أيضا بمرارة، فهو يعتقد أن أشخاصا أوغروا صدر بوتفليقة بأكاذيب وأراجيف منسوبة إليه، أخطرها أن بلخادم انتقل إلى صف معارضي بوتفليقة، وأنه يريد استخلافه في الحكم بسبب المرض الذي ألمَّ بالرئيس، على خلفية إصابته بجلطة في الدماغ».
ويتحاشى بلخادم الخوض في موضوع إبعاده مع الصحافة، وقال في اتصال هاتفي: «من حق الرئيس أن يقيلني من منصب المسؤولية في الدولة، فالدستور يمنحه هذه الصلاحية. أما صفة النضال في جبهة التحرير، فليس من حق أي أحد أن ينزعها مني».
وأضاف القيادي الحزبي، أن بلخادم «وصف التعليمات التي رفعها بوتفليقة لأمين عام الحزب (عمار سعداني)، لتنحيته من كل هياكل الحزب بالانتقام والعنف. فهو يعتقد أنه لا دخل لبوتفليقة في شؤون جبهة التحرير، وأن كونه رئيسها الشرفي لا يعطيه الحق في شطب المناضلين والقياديين من الحزب كيفما يحلو له ومن دون توضيح الأسباب».
ومن المفارقات أن بلخادم هو من اقترح منح «الرئاسة الشرفية» لبوتفليقة في مؤتمر الحزب، الذي عقد مطلع 2005. وكانت «الجبهة» حينها قد خرجت من صراع قسمها إلى نصفين، أحدهما ساند ترشح بوتفليقة لولاية ثانية في انتخابات 2004، والنصف الثاني دعم ترشح الأمين العام السابق علي بن فليس للرئاسة، وكان هذا الانقسام يعكس خلافا حادا بين مسؤولين نافذين في الجيش والمخابرات، حول جدوى استمرار بوتفليقة في الحكم.
وكان بوتفليقة قد أصدر في 26 أغسطس (آب) الماضي قرارا بتنحية بلخادم من منصبه كوزير دولة مستشار خاص لديه، كما عمل على محاولة محو آثاره من الحزب، الذي كان بلخادم أمينه العام لمدة 10 سنوات (2003 - 2013). ولم يذكر الرئيس سبب قراره الذي وصف بـ«الزلزال السياسي»، على اعتبار أن بلخادم كان أحد أبرز المقربين منه و«رجله المطيع»، بحسب تعبير الصحافة. واللافت أيضا أن إقالته جاءت مباشرة بعد مشاركته في اجتماع للمعارضة، بحث موضوع «تغيير النظام»، وحضره 3 رؤساء وزراء سابقين يعدون من أشد خصوم بوتفليقة، وهم مولود حمروش، وسيد أحمد غزالي، وأحمد بن بيتور، وكلهم يمارسون ضغطا من أجل رحيل بوتفليقة عن الحكم بذريعة أن حالته الصحية لا تسمح له بمواصلة مهامه.
ولتبرير وجوده في ذلك الاجتماع قال بلخادم: «لقد تلقيت دعوة كرئيس حكومة سابق لمناقشة موضوع سياسي يهم كل الجزائريين، ثم أليست المعارضة شريكا للسلطة؟ ألم يتعهد الرئيس في مسودة الدستور الجديد الذي نترقبه بمنح فرصة أكبر للمعارضة لتقوم بدورها في المجتمع؟ هل حضوري ذلك الاجتماع جناية؟».
والمثير في هذه القضية أن بلخادم يشكك في أن بوتفليقة هو الذي اتخذ ضده الإجراءات العقابية، على أساس أنه مريض و«مغيب» عما يجري في البلاد، بدليل أنه لم يدخل مكتبه الرئاسي منذ شهور طويلة. وتفادى عمار سعداني، أمين عام الحزب الحالي، في لقاء مع صحافيين أول من أمس، التأكيد أنه كان يعتزم إحالة بلخادم على هيئة التأديب. وقال بهذا الخصوص: «هذا الأمر يتكفل به القانون الأساسي للحزب».

*الشرق الاوسط