حذر الكاتب الصحفي محمد بعيو أصحاب السلطة من الفشل في حماة الشعب الليبي من وباء كورونا مؤكدا أن الشعب في هذه الحالة سيثور وسينتفض للحياة التي هي حقه المقدس.

وقال بعيو في تدوينة له بموقع "فيسبوك" بعنوان "الوباء يطوينا..على السلطة أن تحمينا لا أن تحتمي بنا" "في شهر مارس من العام الماضي 2020، ومع ظهور وباء الكورونا في لـــيـبـيـــا، كنت واحداً من سبعة أشخاص يجتمعون ويعملون كمجموعة للتفكير والتحليل والإستشارات والمقترحات، لمساعدة وبرئاسة السيد فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني آنذاك، منهم وزراء مفوضون، ومنهم مستشارون للرئيس، ومنهم مدير لشركة قابضة كبرى، ووكيل لوزارة خدماتية حساسة" مضيفا أنه "بعد نقاشات مستفيضة وتواصلات مع ذوي الإختصاص مفيدة، وضعنا الإستراتيجية الوطنية الشاملة لمواجهة جائحة وباء كورونا، متضمنة عدة توصيات وبرامج، كان يجب تنفيذها سلة واحدة متكاملة، لكنها وكما هو الطبيعي أن يحدث في ظل غياب الدولة، وتشظي السلطة، وفشل الإدارة العامة، وانقسامات البلاد والشعب أفقياً وعمودياً، لم تُنفذ بصورة عامة وشاملة، وتم إفشالها والإلتفاف عليها، وانتهت تلك المجموعة وتوقفت أعمالها، مثلما ينتهي إلى التشرذم والتمزق كل عمل ليبي جماعي، خاصةً إذا لم تكن تلك الجماعة المتأسلمة المتأخونة المتمكنة، صاحبة المبادرة إليه، أو على الأقل المشاركة فيه والإستفادة منه".

وأضاف بعيو أن الخطة كانت تقوم على ثلاث ركائز هي "إعلان حالة الطواريء الوطنية الشاملة، استناداً إلى القوانين السارية، والتي تعطي السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة في مثل هذه الأحوال، تصل إلى درجة التشريع بإصدار مراسيم أو قرارات بقوانين، ويدخل في ذلك حظر التجول العام أو النسبي، ووضع اليد على المرافق الطبية الخاصة [مؤقتاً] في سبيل مواجهة الجائحة وآثارها، والإنفاق الإستثنائي وبالتجاوز لتوفير المتطلبات والمستلزمات اللازمة لمقاومة الوباء وحماية الأرواح وتأمين الطبابة والإستشفاء والوقاية والحماية، وتوفير الغذاء ومتطلبات المعيشة وتوزيعها، وكذلك تقديم الخدمات بأيسر السبل التي تحد من الازدحام والاختلاط" مبينا أنه "تم تنفيذ هذه الإجراءات نسبياً، خاصة إعلان الطواريء، وتوفير التجهيزات الطبية مع ماشاب ذلك من تجاوزات ومخالفات، ربما لم تكن كبيرة كما تم الترويج لها، وهي بالتأكيد ليست بذلك المستوى الذي عمل على تضخيمه إعلام الأجندات الحزبية والتبعيات الأجنبية، لحرق أشخاص تمردوا على التيار الإسلاموي، أو لم يكن ولاؤهم له مؤكداً بالدرجة الكافية".

وبين بعيو أن الخطة كانت تقوم أيضا على "توفير مظلة أمان مجتعي إقتصادي نسبي بقيمة تبلغ نحو 10 مليار دينار، تتضمن مساعدات نقدية مباشرة متساوية للعائلات، تزيد نسبياً للعائلات المهجرة من بيوتها، وكذلك لأصحاب الأعمال الحرة الذين لا يتقاضون مرتبات مستقرة من الدولة، والذين فقدوا وظائفهم، أو تعثرت أعمالهم بسبب الحجر والحظر، وإيقاف تحصيل الضرائب وأقساط القروض، وتوفير أغذية الأطفال ومستلزمات المعاقين بمجانية كاملة أو نسبية، وغيرها من الإجراءات التي اتبعتها واتخذتها عدة دول في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا في مواجهة وباء كورونا، ضمن ما يُعرف في علم الإقتصاد بسياسة التيسير الكمّي" وأضاف "هذه المظلة تعذر تنفيذها، بسبب عجز المجلس الرئاسي والحكومة عن تدبير الموارد المالية، رغم التوصية بإقتطاعها من فوائض الأموال المتوفرة لصالح الحكومة لدى مصرف لـــيـبـيـــا المركزي، عن ضريبة النقد الأجنبي، وهي فوائض زادت عن الــ 50 مليار دينار، لا أحد يدري أين ضاعت وما هو مصيرها".

وزاد بعيو أن الإجراءات تقوم أيضا على " العمل على فتح الاعتمادات المستندية لاستيراد الغذاء والدواء، بكميات كبيرة، وشراء المنتجات الغذائية المحلية، وبناء مخزون استراتيجي وطني من الأغذية والأدوية، تحسباً لارتفاع أسعارها عالمياً بسبب زيادة الطلب ونقص العرض، وتوقف أو تعطل المصانع على مستوى العالم، ولصعوبة الشحن بأنواعه، ولامتناع دول كثيرة عن تصدير منتجاتها" وأضاف "هذه الخطوة لم تتم أيضاً، بسبب تعنت ورفض مصرف لـــيـبـيـــا المركزي تسهيل الإستيراد، وتعمد جماعات سياسية مسلحة إفشال تلك الخطة، في إطار حربها التي صارت معلنة ضد المجلس الرئاسي وبالذات ضد رئيسه الذي اعتبرته رافضاً لسطوتها وهيمنتها" مشيرا لإجراءات "كثيرة مساندة ومساعدة لخطة المواجهة الوطنية الشاملة لجائحة وباء كورونا، لو تحققت وأُنجزت لكانت الأوضاع بالتأكيد أقل سوءً بكثير، مما عاناه الشعب الليبي ولا يزال يعانيه من خسائر في الأرواح ومصائب ومصاعب، خفف منها التضامن والتآزر والتكافل الوطني المجتمعي، والروح الوطنية بل والفدائية العالية للعاملين في القطاع الصحي العلاجي والوقائي، وكذلك للإدارات الناجحة لبعض الشركات والجهات العاملة في الداخلية، وفي حماية البيئة والنظافة والخدمات".

وأردف بعيو "الــيــوم.. ونحن في ذروة فصل الصيف، يعود وباء كورونا في متحوره الخطير دلتا، ليهاجم من جديد، وبصورة أشرس وأخطر كثيراً، مما فعله السنة الماضية، وبما ينذر بفترة قد تطول من الإصابات والوفيات والكوارث".

ودعا بعيو"السلطتين التشريعية مجلس النواب، والتنفيذية المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية،، أن تتآزرا وتتعاونا وتتكاملا، وتواكبهما بالرقابة والتصحيح والتوجيه السلطتان القضائية والرقابية، وأن يترك الجميع خلافاتهم وتناقضاتهم، وأن يتوحدوا لحماية شعبهم من هذا الموت الزاحف بلا هوادة" مضيفا عليهم في هذا السبيل "إعلان حالة الطواريء الوطنية العامة، بكل متطلباتها ومشتملاتها وإجراءاتها حتى القاسية منها، وتخصيص الموارد اللازمة دون تأخير ولا تردد، واعتبار ميزانية هذا العام، التي لا يزال النزاع غير الضروري عليها محتدماً، ميزانية طواريء ما عدا المرتبات والمعاشات والدعم والإعانات، وووضع وتنفيذ برنامج الأمان الإقتصادي الوطني الشامل، وتوفير اللقاحات المناسبة لكل المواطنين والمقيمين".

وأضاف بعيو "التحدي خطير جداً والمهمة صعبة ولازمة، وعليكم يا من امتلكتم الزمام وسيطرتم على المقدرات وأمسكتم الأختام، أن تكونوا في مستوى التحدي والمسؤولية، وأن تعملوا وتعملوا وإلاّ فإن الشعب الليبي إذ يرى الموت الزاحف إليه على متون الوباء وأجنحة البلاء، سينتفض ويثور، ويستلم زمام أمره بالإنتخابات أو بدونها، بل إن الأمر أخطر من أن يتم إضاعة الوقت إلى حين الإنتخابات، التي تفصلنا عنها خمسة أشهر كاملة هي وقت ثمين جداً، ثمنه الأرواح وهي أغلى ثمن".

وختم بعيو بالقول "إذا تنازعتم وفشلتم يا أصحاب السلطة في حماية الشعب من الوباء، فهو حتماً سيثور عليكم، وسينتفض للحياة التي هي حقه المقدس، قبل انتفاضة الموت الذي نؤمن به قدراً، لكننا لن نقبل به قتلاً".