هاجم رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، والكاتب الصحفي محمد بعيو،رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ورئيس المصرف المركزي الصديق الكبير متهما اياهم بالفساد.

وقال بعيو في تدوينة على صفحته بموقع "فيسبوك"،انه "حيثما وُجدت سوق سوداء أو غير قانونية لأي سلعة {عرضاً يستجيب للطلب وسعراً يجد مشترياً} فإنها تتغلب لا محالة على السوق الرسمية القانونية، بل إن السلطة ذاتها بأدواتها المختلفة التي يُفترض فيها أن تكون الحارس الشرعي والقانوني للعرض والطلب السلعي والإستقرار الإقتصادي بجميع وجوهه، قد تصبح اللاعب الأساسي في السوق السوداء والمتسبب الحقيقي في وجودها والحارس القوي لبقائها واستمرارها، وهنا تمارس تلك السلطة عبر ثنائية المنع والترك سطوتها على تلك السوق المؤذية جداً لمعيشة الفرد واقتصاد الدولة، وتتحول من مسؤولية الحماية إلى إجرامية الجناية".

واضاف بعيو قائلا:"منذ ثلاثة أشهر بدأت الفجوة تزداد وتتسع بين سعر العملات الصعبة في السوقين الرسمي والسوداء في لـيـبـيـا، فبعدما كان الفرق مثلاً بين سعر الدولار في المصارف وفي دكاكين الصرافة غير الشرعية والمحمية بالسلاح غير الشرعي لا تزيد عن 300 إلى 500 درهم، وصلت اليوم إلى أكثر من دينارين أي ألفي درهم أي ما نسبته نحو 40 % وهي نسبة مرتفعة تجعل من الصعب على السلطة النقدية مواجهتها في ظل حقيقة وجود طلب متزايد على العملات الصعبة، تغذيه كتلة نقدية ضخمة تتحرك خارج النظام المصرفي ربما تبلغ نحو 40 مليار دينار أو أكثر تتوجه معظمها بشكل أو بآخر إلى السوق السوداء التي سوف تتغول أكثر طالما أن العرض الرسمي للعملات الصعبة غير قادر على تلبية كل أو معظم الطلب وطالما بقي النظام المصرفي معطلاً عن العمل في ظل التعطيل المتعمد والمتواصل منذ 12 عاماً لأهم أدوات السياسة النقدية وهما الإئتمان وسعر الفائدة". 

وإذا كان من المعروف في الاقتصاد الليبي المشوه {والذي لا يعترف علم الاقتصاد بانتسابه إليه} أن الحزانة العامة هي المصدر الوحيد لجميع الأموال التي تتوفر في السوق من خلال المصدرين الرئيسيين للدينار وهُما المرتبات وما في حكمها والتي تتجاوز الـ 50 مليار دينار سنويا تمثل نحو 40 % من الإنفاق العام بمجاليه الشعبي والحكومي، فإن الإنفاق الحكومي ومعظمه استهلاكي وليس تنموي استثماري، إنفاق بل إهدار يشوبه التبديد ويعتريه الفساد، والذي ارتفع في السنوات الثلاث الأخيرة التي سيطرت فيها حكومة الدبيبات العائلية الفاسدة غير الشرعية على السلطة، إلى مستويات فلكية لم يسبق لها مثيل في عمر الدولة الليبية {الذي تجاوز السبعين عاماً}، حيث تم إنفاق ما يزيد عن 300 مليار دينار اتجهت جميعها إلى الطلب على الدولار واليورو فاستهلكت وحدها ودون حساب الطلب الشعبي والشخصي الممول من المرتبات والأعمال الحرة، ما يزيد عن 60 مليار دولار تم تمويل معظمها من النظام المصرفي في ظل تواطؤ بل وتحالف الصديق الكبير المحافظ الذي لا يحافظ إلاّ على بقائه المؤبد في منصبه، والذي انهار في عهده غير الميمون الذي دخل عامه الثاني عشر النظام المصرفي الليبي ولحقه التخلف الشديد والفشل الأكيد، بل إن المحافظ أتاح المزيد من الأموال السهلة للحكومة الدبيباتية، عندما خفض بقرار فردي قيمة الدينار الليبي بنسبة 70 % فأصبح المواطن الذي كان يملك 1000دينار مالكاً لـ 300 دينار بين ليلةٍ سوداء وضحاها الأشد سواداً، فعظّم الكتلة النقدية المتاحة للحكومة الناتجة عن تحويل إيرادات مبيعات النفط من الدولار إلى الدينار، وبعدما كان متاحاً للسلطة التنفيذية نحو 30 مليار دينار سنوياً أصبح المتاح للدبيبات ثلاث أضعاف ذلك المبلغ مضافً إليه إمكانية الاستدانة المنفلتة من النظام المصرفي {الدين العام} الذي تجاوز الـ 200 مليار دينار تمثل نحو ضعف الناتج المحلي الإجمالي، فزاد نهم السلطة الفاسدة إلى الإنفاق المتجه في أغلبه إلى النهب والفساد والرشاوى، وهو ما كان يعلمه الصديق الكبير بل ما كان شريكاً فيه منذ البداية وحتى النهاية". 

وتابع بعيو:"هذا من ناحية المسؤولية المباشرة للسطتين التنفيذية الفاسدة والنقدية الفاشلة في طرابلس، عن تغول السوق السوداء والتداعي الأقرب إلى الانهيار للدينار وانهيار مستوى معيشة الليبيين إلى درجة أصبح نحو 70 % غير قادرين على الحصول على الغذاء الأساسي وبعض الدواء، رغم ضخامة الإنفاق النقدي والتدفقات الدينارية التي يحرقها التضخم فتغدو الدخول تحت جبروته عدماً معدوما وتصبح تحت نيرانه ودخانه هباءً منثورا".

واستطرد قائلا:"أما من الناحية الأخرى والتي لا يكتمل تحليل كارثة انهيار الدينار بدون الولوج إليها والإحاطة بها، فإن الحقيقة المائلة لعيون المبصرين من الخبراء الحقيقيين والمحللين الموضوعيين تقول / إن الاقتصاد الليبي الريعي البدائي المتخلف مكشوف بالكامل على الخارج، حيث أنه يعتمد مدخلاً وحيداً للتدفقات النقدية هو تصدير النفط الخام والغاز، ويعاني ألف مخرج للعملات الصعبة باستيراد لـيـبـيـا لكل شيء من بذور المعدنوس والطماطم إلى السيارات والسلاح وكل الطعام وكل الكساء وكل الدواء والوقود، عدا تهريب العملات والذهب، وبحث أثرياء الفوضى وانهيار الدولة والمجرمين عن ملاذات خارجية آمنة موهومة لأموالهم الحرام يرسلونها إليها اليوم ليلحقوا بها غداً إن استطاعوا، وبإذن الله لن يستطيعوا وسيرون أموالهم وأعمالهم حسرات عليهم في الدنيا ثم في الآخرة.

أقول / إن الإنكشاف الكامل للإقتصاد الليبي على الخارج يزيده الإنكشاف السيادي والسياسي حيث أنّ لـيـبـيـا اللادولة المستباحة الفاشلة المحتلة الأكثر دخلاً مباشرا بالعملات الصعبة من جيرانها والأقل سكاناً وإنفاقاً، أصبحت منذ 2011 ملعباً لدول الجوار المأزومة اقتصادياً ونقدياً تحصل منه على مبالغ كبيرة من العملات الصعبة سواء من خلال تحويلات مواطنيها العاملين في بلادنا، وإن تكن تحويلات غير رسمية أي غير بنكية لكنها توفر أموالاً وسبل معيشة لبضعة ملايين من مواطنيها، أومن خلال شراء العملات الصعبة بدينارات تستطيع الحصول عليها بطرق متعددة لا يتسع المجال لشرحها، كما أن الحرب العدوانية على غزة تنعكس مباشرة على سوق العملة في لـيـبـيـا حيث يتزايد الطلب وتتجه أموال كثيرة إلى هناك من خلال الشبكة الأخطبوطية الخطيرة لجماعة الإخوان المسلمين، التي تملك مليارات الدولارات اكتنزتها خلال حقبة سيطرتها على طرابلس والمصرف المركزي التي بدأت خريف 2011 ولا تزال باقية وقوية حتى الآن في شتاء 2024". 

واشار بعيو الى ان "هذا جانب من تحليل أسباب أزمة الدينار الليبي التي تنعكس سلباً على جودة حياة الليبيين المتدنية جداً، أما الجانب الآخر من الصورة فهو محاولة للإجابة التي تبدأ بالسؤال الوجودي الكبير {ولـكـن كـيـف الـحـل}.."

وختم تدوينته قائلا:"نعم هناك حلول متعددة تقدمها سياسة وإدارة اقتصادية شاملة واعية، وخطوات تشريعية وقانونية وتنفيذية لازمة، ضمن وصفةٍ علاجية واحدة متكاملة، سأطرحها بمشيئة الله في مقالتي القادمة كي لا أكون واصفاً للداء دون توصيف الدواء".