استعرض الكاتب الصحفي محمد بعيو ملامح تدهور الأوضاع في ليبيا قائلا إن الثورة وجبت لإسقاط الطبقة السياسية المسيطرة منذ عشر سنين، عبر صناديق الإقتراع، والتداول السلمي، والإنتخابات، والتدافع المجتعي المدني الحقيقي.

ونشر بعيو في تدوينة بموقع "فيسبوك" بعنوان "أمام حقائق الثراء وواقع البؤس..ألا تكون الثورة وجَبَت" وقال "عندما تقول {منظمة الهجرة الدولية}، إنّ نحو ربع مليون ليبي لا يزالون مشردين داخل بلادهم قسراً، هذا بالطبع عدا عشرات آلاف المهجرين في الخار ج قهراُ وعندما يقول {برنامج الأغذية العالمي - الـفـاو} إنّ أكثر من مليون ليبي تحت خط الفقر الغذائي، وليس فقط الفقر المعيشي، [فذلك يقبع تحته أكثر من نصف تعداد الشعب الليبي] بفعل الفساد والنهب والتخريب والتهريب، والتوحش الديناصوري للصوص المال العام والإعتمادات والمضاربات، والسياسات النقدية المصرفية الإجرامية".

وأضاف بعيو "عندما تقول {منظمة الأمم المتحدة للطفولة - اليونيسيف} إنّ أكثر من نصف مليون طفل ليبي بحاجة للمساعدات الإنسانية، وأن عشرات آلاف الأطفال الليبيين لا يذهبون إلى المدارس، وعشرات الآلاف يتركون مقاعد الدراسة مبكراً، لأسباب متعددة، منها التهجير والتشريد، والفقر والعوز والعجز العائلي عن توفير متطلبات وظروف تعليمهم، رغم مجانية التعليم".

وزاد بعيو "عندما يكون هذا كله الواقع، بل أقل مما هو الواقع على حقيقته، في بلادنا التي لازالت تُسمّى كذباً وزوراً [دولــة]، فيها سلطات وحكومات ومجالس ومؤسسات وبيروقراطيات وجيوش وقوات، ودخل مباشر بالعملة الصعبة يتجاوز سنوياً 25 مليار دولار، تعادل أكثر من 100 مليار دينار، وفي نظامها المصرفي الوطني حجم نقود حقيقية سيولة وودائع يتجاوز 130 مليار دينار، وتمتلك احتياطيات نقدية حرة ومتاحة تتجازو 50 مليار دولار، واحتياطي من الذهب يتجاوز 116 طن، يجعل لـــيـبـيـــا تحتل المرتبة الثالثة عربياً، والـ 33 عالمياً من حيث احتياطيات الذهب التي لا تتجاوز قيمتها رغم ضخامتها ما نسبته 8 % من إجمالي احتياطيات مصرف لـــيـبـيـــا المركزي من الأصول بالعملات الصعبة، وفي بلادنا استثمارات بالعملة الصعبة تبلغ نحو 70 مليار دولار، عدا عشرات المليارات قيمة الصناديق والأصول النقدية، المندمجة في الإقتصاد الكلّي، دون أي جدوى أو فاعلية، بسبب الفشل والفساد وسوء الإدارة، والفقدان التام للحوكمة الرشيدة، وانعدام الرقابة والشفافية، عدا حقيقة أن لـــيـبـيـــا من الدول القليلة في العالم التي لا تعاني من مشكلة الديون الخارجية".

وأردف بعيو "أمام هذه الحقائق والوقائع والمعطيات والمعلومات، الفظيعة الفاجعة من جهة، والدامغة الساطعة من جهة أخرى، وأمام هذه المتناقضات العجيبة بين دولة غنية بالمفهوم النسبي والمؤشرات العامة، وشعب فقير بائس مسحوق مُهان، ربع تعداده جوعى، وثلاثة أرباعه فقراء محرومون، وكله على بعضه من البائسين اليائسين، الفاقدين للأمان والإطمئنان والطموح والأمل، المفتقدين للتنمية والإستقرار والخدمات والحقوق، ماعدا بضعة آلاف من المحظوظين مؤقتاً بامتلاك نِعمة هي أقرب إلى الزوال، بسبب ارتهانها بالظلم وليس ارتباطها بالعدالة".

وقال بعيو "ألا تكون الثورة وجبت، وصارت فرض عين على كل الليبيين، وليست فرض كفاية، وليس من ثورة أوجب للقيام من إسقاط كل الطبقة السياسية المسيطرة منذ عشر سنين، عبر صناديق الإقتراع، والتداول السلمي، والإنتخابات، والتدافع المجتعي المدني الحقيقي" وأردف "هذا ما يجعلنا نتمسك حتى الموت، وحد التضحية، بالموعد الأخير لإنهاء الكارثة الوجودية التي تهددنا وطناً وشعباً، والميعاد الأول للميلاد الجديد، موعد 24 ديسمبر 2021، لإنتخاب السلطة التشريعية، والرئيس".

وختم بعيو بالقول "الرئيس القوي الأمين، يقود ثورة الحق والعدل والتنمية والبناء، قبل أن يبتعلنا وحش الفناء، ونصبح {لاسمح الله} أثراً بعد عين".