تجدّد مسلسل الاشتباكات الدامية بمحيط مُعسكر اليرموك ومنطقة الخلة جنوب طرابلس، صباح الأربعاء، في ثاني خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الذي اُبرم مساء أمس. وخلّفت هذه المعارك الطاحنة وضعا إنسانيا صعبا سرّع بتحرّك المؤسسات الإغاثية فضلا عن حملة الإدانة الدولية الواسعة.

أزمة الكهرباء 

طالت تأثيرات الصراع الدائر على أرض العاصمة الليبية طرابلس الكهرباء كأهم القطاعات حيوية، حيث أعلنت الشركة العامة للكهرباء إصابة خط نقل الطاقة الهضبة - عين زارة جهد 220 ك.ف اليوم الأربعاء. إذ بلغت درجة تغطية التيار الكهربائي أدناها، وحذّر المكتب الإعلامي للشركة أن خط نقل الطاقة أصيب جراء الاشتباكات الجارية في العاصمة طرابلس محذرة من أن ذلك يؤدي إلى محدودية نقل الطاقة مشددة على أن وضع الشبكة في حالة حرجة.

الصليب الأحمر يحذّر

أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلقها بشأن السرعة القياسية لتدهور الوضع الإنساني في ليبيا، وتطور التوتر الذي اندلع منذ بداية الأسبوع الجاري إلى مواجهات مسلحة في بعض مناطق طرابلس. وأشارت اللجنة في بيان لها اليوم عن تقارير ذكرت أن عددًا غير محدد من الأشخاص لقي مصرعه بينما هرع عشرات الجرحى، ومن بينهم مدنيون، إلى المرافق الطبية طلبًا للعلاج.

وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية بليبيا السيد كارل ماتلي: "يساور اللجنة الدولية قلق بشأن الوضع الآخذ في التدهور سريعًا في طرابلس". وأضاف : "طواقمنا تعمل في الميدان لتقييم الاحتياجات وتقديم الدعم اللازم وعلى رأس أولوياتنا في الوقت الحالي مد يد العون للمرافق الصحية التي تقدم العلاج للجرحى".

وأكد رئيس بعثة اللجنة الدولية بليبيا على أن اللجنة الدولية تبقى على تواصل مع جميع المجموعات التي تعد طرفًا في هذه الاشتباكات من أجل تيسير تسليم المساعدات الإنسانية للمحتاجين. وأوضح أن اللجنة تدعم أيضًا المستجيبين الأوائل في الهلال الأحمر الليبي، بمواد التضميد وأطقم الإسعافات الأولية التي تكفي للتعامل مع أكثر من 80 حالة إصابة تتراوح درجة خطورتها بين المتوسطة والحادة. وأضاف ماتلي قائلًا: "سنواصل متابعة الوضع عن كثب حتى نكون على إطلاع أفضل للاحتياجات الإنسانية ومن ثم نلبيها".

وحثت اللجنة الدولية في الوقت نفسه، جميع حملة السلاح على تجنب وقوع ضحايا من المدنيين وعدم استهداف الأعيان المدنية، وتيسير وصول آمن لطواقم الصليب الأحمر والهلال الأحمر الذين يقدمون مساعدات منقذة للأرواح.

البعثة الأممية تدين

أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها إزاء الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة طرابلس منذ مساء أمس الأحد، داعية جميع الأطراف لوقف جميع الأعمال العسكرية على الفور. وقالت البعثة الأممية، في بيان مساء اليوم الاثنين: "تتابع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بقلق شديد الاشتباكات الجارية في طرابلس وما حولها وتدعو جميع الأطراف إلى الوقف الفوري لجميع الأعمال العسكرية".

وأضاف البيان: "تعرب البعثة عن القلق من استخدام النيران العشوائية والأسلحة الثقيلة في المناطق السكنية ذات الكثافة السكانية العالية مما يهدد أرواح المدنيين، وتذكّر جميع الأطراف بواجبها في حماية المدنيين وفقاً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان". وشددت البعثة في بيانها على ضرورة "عدم السعي إلى تحقيق الأهداف السياسية عن طريق العنف"، محذرة من أن "تزايد المجموعات المسلحة والأعمال العدائية والخطاب العدائي ينذر بخطر حدوث مواجهة عسكرية واسعة النطاق".

تحركات سريعة لديبلوماسية الدول الغربية

تفاعلت مختلف الإدارات الخارجية للدول الغربية سريعا مع المستجدات الخطيرة التي تدور في ليبيا حيث عبر سفراء والقائمون بأعمال كل من فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا لدى طرابلس عن "بالغ قلقهم إزاء المصادمات الأخيرة حول وداخل العاصمة الليبية والتي تزعزع استقرار الوضع الحالي و تعرض حياة المدنيين الأبرياء للخطر". وأوضح المسؤولون أن "أي محاولة لتقويض الأمن الليبي غير مقبولة وتعارض بشدة أمال الشعب الليبي، وأضافوا أن المجتمع الدولي يراقب عن كثب الوضع في ليبيا".

وتابع المسؤولون "نحن نحذر من أي تصعيد جديد وندعو كل الأطراف للعمل معا من أجل ضبط النفس واستعادة السلام والانخراط في حوار سلمي. ونأكد على دعمنا لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا الدكتور غسان سلامة الذي يعمل من أجل تسهيل حوار لدعم وحدة وأمن ورخاء لليبيا".

وأكد المسؤولون أن "السعي لنحقق الأهداف السياسية عبر العنف لن يؤدي سوى إلى تفاقم معاناة الشعب الليبي ويهدد بالمزيد من عدم الاستقرار، وشددوا على أن هؤلاء الذين يقوضون السلام والأمن والاستقرار في ليبيا سيجرى محاسبتهم".