انحدرت أسعار النفط العالمية أمس إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من أربع سنوات، وتقهقر خام برنت تحت حاجز 77 دولارا للبرميل في نهاية التعاملات الأوروبية، لكنه استعاد بعض خسائره في وقت لاحق، في وقت استبعدت فيه وكالة الطاقة العالمية عودة الأسعار إلى الارتفاع في المستقبل المنظور.

قالت وكالة الطاقة الدولية أمس إن سوق النفط دخلت حقبة جديدة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني وطفرة الإنتاج الصخري الأميركي، مما يجعل العودة سريعا إلى الأسعار المرتفعة أمرا مستبعدا.

وأضافت أن موازين العرض والطلب تنبئ بأن تدهور الأسعار لم يبلغ مداه بعد، رغم التكهنات بأن التكلفة المرتفعة لإنتاج النفط الصخري قد تصنع نقطة توازن جديدة لأسعار برنت في نطاق 80 إلى 90 دولارا للبرميل.

وأكدت الوكالة، التي تحجم عادة عن التكهن بأسعار النفط، إن الأسعار قد تتراجع بدرجة أكبر في 2015 بعد انخفاضها إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2010.

وذكرت في تقريرها الشهري أنه ما لم تقع أي تعطيلات جديدة في إمدادات النفط فإن “الضغوط النزولية على السعر قد تتصاعد في النصف الأول من العام المقبل”.

وفقدت أسعار النفط أكثر من 30 بالمئة من قيمتها منذ ذروة يونيو، تحت وطأة قوة الدولار الأميركي وتخمة المعروض، متجاهلة في ذات الوقت تأثير تعطيلات الإنتاج الليبي.

وقالت الوكالة التي تمثل مصالح الدول الصناعية إن “الضغوط على أوبك لخفض الإنتاج تتزايد لكن لا يبدو حتى الآن أن هناك إجماعا واضحا على خفض رسمي للمعروض قبيل اجتماع المنظمة في فيينا في 27 نوفمبر الجاري”.

وأبقت على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في العام المقبل دون تغيير عند 1.13 مليون برميل يوميا من أدنى مستوى في خمس سنوات البالغ 680 ألف برميل يوميا في 2014، قائلة إن من المتوقع تحسن المناخ الاقتصادي.

وساعد استخدام التكنولوجيا الجديدة في زيادة استغلال موارد النفط في أميركا الشمالية ومناطق أخرى، في وقت دخلت فيه الصين مرحلة أقل استهلاكا للنفط من مسارها التنموي.

وقالت الوكالة “من الواضح على نحو متزايد أننا بدأنا فصلا جديدا في تاريخ أسواق النفط”. وتراجع إنتاج أوبك 150 ألف برميل يوميا في أكتوبر إلى 30.60 مليون برميل يوميا ليظل أعلى بكثير من هدف المعروض الرسمي للمنظمة البالغ 30 مليون برميل يوميا للشهر السادس على التوالي.

وتوقعت الوكالة أن يبلغ الطلب على نفط أوبك نحو 29.2 مليون برميل يوميا العام القادم بانخفاض 100 ألف برميل يوميا عن توقعاتها السابقة، لكنها ذكرت أن مخاطر المعروض مازالت “مرتفعة بشكل غير عادي” وقد تتفاقم جراء انخفاض الأسعار.

وأكدت أن “البلدين المسؤولين عن تعافي نمو معروض أوبك في الفترة الأخيرة – العراق وليبيا – واقعان في خضم صراعات عنيفة”.

ويلقي تراجع الأسعار بشكوك جديدة على قدرة العراق لتمويل زيادة الطاقة الإنتاجية بينما تعاني فنزويلا وروسيا من تداعيات انخفاض الأسعار حسبما ذكرت الوكالة.

في هذه الأثناء، تراجع سعر خام برنت أمس إلى أدنى مستوياته في أكثر من أربع سنوات لينحدر تحت حاجز 77 دولارا للبرميل اليوم الجمعة تحت وطأة تخمة المعروض وعدم التيقن بشأن ما إذا كانت أوبك ستخفض الإنتاج في اجتماعها بعد أسبوعين.

وقال مارك كينان مدير أبحاث السلع الأولية في آسيا لدى سوسيتيه جنرال في سنغافورة “أمامنا فترة تذبذب حاد ستستمر حتى انعقاد اجتماع منظمة أوبك”.

وقال جوناثان بارات مدير الاستثمار لدى أيرز آلايانس في سيدني إن “الأسعار تتراجع بلا مقاومة. السوق تقول إن أوبك لن تحرك ساكنا… لكن لا أحد يتحدث عن الشتاء وأعتقد أن ذلك سيكون نقطة تحول. موجات البرد ستكون فرصة للناس للدخول والتحوط”.

وتكبدت أسعار النفط خسائر جسيمة في مجمل تعاملات الأسبوع، وهو التراجع الأسبوعي الثامن على التوالي، في أطول موجة خسائر أسبوعية له منذ بدء رصد الأرقام في عام 1988.

ولا تزال السعودية تستبعد خفض إنتاج منظمة أوبك، لكن أعضاء آخرين يضغطون لأخذ إجراء لمعالجة انخفاض الأسعار، عندما يجتمع وزراء النفط في فيينا نهاية الشهر الجاري.

وتتنافس معظم دول أوبك على خفض أسعارها في حرب أسعار غير معلنة للمحافظة على حصتها في الأسواق.

ويقول محللون إن أي حديث في الاجتماع عن خفض الإنتاج سيفجر خلافات واسعة بشأن حصص الإنتاج، وأن أي خفض خجول لن يرفع الأسعار من مستوياتها الحالية.

*نقلا عن العرب اللندنية