مؤسسات "مشلولة"، "تهديدات ضد الدولة"، بلد" على حافة الفوضى": بالنسبة لرؤساء وزراء سابقين من علي بن فليس إلى مولود حمروش، مرورا بسفيان جيلالي، رئيس حزب الجيل الجديد، أطلقت رحلة العلاج السرية الجديدة لعبد العزيز بوتفليقة إلى فرنسا عنان المعارضة للخوض في موضوعها المفضل: فراغ السلطة.

من يحكم الجزائر عندما يكون رئيس الدولة غائبا؟ "إنه نظام يتكون من عدة أقطاب تمتلك القرار: الرئاسة أو سعيد بوتفليقة، وهي مؤسسة مؤثرة جدا؛ الجيش الذي يقوده رئيس الأركان أحمد قايد صالح؛ المخابرات الجزائرية برئاسة الجنرال مدين؛ وشبكات رجال الأعمال الأثرياء"، كلها مجتمعة تلخص مكونات الدولة الجزائرية. تعمل هذه الأقطاب وفقا لعلاقة مبنية على اتفاق ضمني وتوافق حول الخطوط التي يجب اتباعها في السياسة الداخلية (الحفاظ على السلم الاجتماعي) والسياسة الخارجية (الدفاع عن مبادئ السيادة الوطنية وعدم التدخل) والاقتصاد (مواصلة التحكم في القطاعات الاستراتيجية من خلال فتح السوق في وجه عينة مغتنية من رجال الأعمال).

"يتعلق الأمر بنظام حكم معقد لا يتوقف فيه العمل والاستمرارية على رجل بعينه ولا على طائفة معينة، بل حتى على هيأة أو مؤسسة، يقول طارق  العلواش، الباحث في العلوم السياسية، الذي ركزت أبحاثه الأخيرة على تاريخ وحاضر السلطة السياسية في الجزائر. عمليا، الجيش والإدارة ورجال الرئيس والأحزاب تنظم نفسها على قدر ما تستطيع لتحديد أهداف استراتيجية وإدارة الشؤون اليومية للبلاد، وسط مجموعة من التحالفات والصراعات وعلاقات الهيمنة التي يمكن أن تنطوي على ذلك. نتحدث هنا عن نخبة حاكمة يتراوح نشاطها بين أشكال دستورية وإجراءات غير رسمية".

"الجزائر تعيش في نعيم الجمود"

بالنسبة لفتيحة بنعبو، أستاذة القانون الدستوري في جامعة الجزائر العاصمة، "الجزائر بلد لا تزال فيه السلطة أقوى من الدولة. لم تصل بعد مؤسسات الدولة إلى التطور المنشود. ومع ذلك، على الورق، الدستور واضح جدا: الرئيس هو أسمى سلطة في البلاد". أما موسى التواتي، زعيم الجبهة الوطنية الجزائرية الذي سبق وترشح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، المشكل يكمن هنا: "منذ إصابته بجلطة دماغية في ربيع عام 2013، رئيس الدولة لم يعد يحكم البلاد. إنه يعتني بصحته فقط. نحن نعيش الآن فترة انتقالية يديرها رئيس الوزراء وحكومته".

لكن حتى داخل جبهة التحرير الوطنية، حزب الرئيس، لا أحد يؤمن بذلك. " الذين تم تعيينهم من حول الرئيس لا يتوفرون على سلطة القرار، كما يؤكد مقرب من القصر. عبد المالك سلال؟ إنه مجرد واسطة بين السلطة والجهاز التنفيذي. أحمد أويحيى؟ إنه لا يقرر في شيء، عمله لا يخرج عن نطاق مهام بيروقراطية. فمعظم الملفات الكبرى، وعلى رأسها مراجعة الدستور، توجد في حالة احتضار "!.

إذا كان البلد يسير "بقيادة أتوماتيكية"، يعترف الصحفي سعيد جعفر، فإن ذلك لا يظهر كثيرا على الواجهة. "ندرك جيدا أن النظام يسير الشؤون اليومية، لكن غياب القرار، الذي عادة ما كان يصدر عن الرئاسة،  لم يؤثر كثيرا على المشهد السياسي. الوضع مقلق، الجزائر وصلت إلى الباب المسدود، لكن حتى الآن، أموال النفط تتيح استمرارية الحد الأدنى من العمل. يتم تجميله عند الحاجة. في الواقع، تعيش الجزائر في نعيم الجمود".