قال وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا إن مصر يمكن أن تلعب دورا في المساعدة على إنهاء الانقسامات في بلاده، وهو ما يعتبر تطورا في موقف طرابلس قد يشير إلى تقارب محتمل مع القوة الإقليمية العربية التي يعتبرها البعض مساندة للجيش الليبي، وقد يفتح بابا للوفاق نحو القاهرة يشركها في أي عملية تفاوضيّة مستقبلا.

وتحدث باشاغا في تسجيل مصور على وسائل التواصل الاجتماعي للتعليق عن فيديو لقوات تسيء إلى مواطنين مصريين، مشككا في البداية في مصدره لكنه أشار بعد ذلك إلى إجراء تحقيق سيفتح في المسألة وسيتم إلقاء القبض على الجناة. وقال في اتصال هاتفي مع بلومبرج نيوز إن "هذه الممارسات مرفوضة ومستنكرة ولا علاقة لها بالأخلاق الليبية".

يشار إلى أن قوات الوفاق اعتقلت عشرات من العمالة الوافدة من مصر في مدينة ترهونة، وقامت بتعنيفهم وتعذيبهم، بتهمة دعم الجيش الليبي والعمل في صفوفه، "وتم إجبارهم على الوقوف تحت أشعة الشمس حفاة، وعلى قدم واحدة ورفع أيديهم إلى الأعلى، كما تم إجبارهم على ترديد ألفاظ نابية والهتاف والإشادة بمدينة مصراتة"، وفق ما أظهر فيديو مصوّر الأحد، وخلف ردود فعل قوية في ليبيا وفي مصر التي أعلنت عن بداية اتصالاتها لإطلاق سراح المعتقلين.

وأعلنت مصر الأسبوع الماضي عن مبادرة جديدة لوقف إطلاق النار والبداية في عملية سياسية لانهاء الحرب الاهلية في ليبيا، إيقاف موجات المرتزقة الأجانب الذين تسببوا في توتر كبير بين الجانبين. وهي مبادرة لقيت تجاوبا من قائد الجيش خليفة حفتر بالإضافة إلى قوى إقليمية قريبة منه.

وكتب باشاغا، الذي لم يقبل أو رفض الخطة رسميًا ، على تويتر أن أي مبادرة تؤدي إلى حكومة مدنية تعتبر موضع ترحيب - دون ذكر الاقتراح بالاسم. وقال في الاتصال الهاتفي إن "مصر دولة مهمة لليبيا". “نحن نهتم بعلاقتنا مع مصر. مصر لديها القدرة على المساعدة في حل مشاكل ليبيا".

يشار إلى أن وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا كان قد أخبر بلومبرج الأسبوع الماضي أن مقاتلي حكومته قد أحكموا السيطرة على العاصمة طرابلس ومواقع استراتيجية أخرى غيرب البلاد. وكان من المقرر أن يجتمع وزيرا الخارجية والدفاع في تركيا وروسيا في أنقرة يوم الأحد للتفاوض على حل محتمل للأزمة الليبية باعتبارهما قريبين من طرفي النزاع في البلاد، لكن اللقاء تأجل وسط أنباء عن خلافات حول وجهات النظر.

وتعيش ليبيا حالة من العنف والفوضى منذ الإطاحة بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي بعد هجوم من حلف شمال الأطلسي عام 2011، الأمر الذي تسبب في سنوات من عدم الاستقرار وتقسيم البلاد بين مؤسسات متنافسة في العاصمة والشرق.

تصريحات باشاغا الأخيرة، إذا كانت بالتنسيق مع بقية المسؤولين في الوفاق، تعتبر مؤشرا عن إمكانية التفاوض حول المبادرة المصرية، خاصة وأنها تأتي بالتزامن مع مغازلة وزير الخارجية التركي لمصر أشار فيها إلى أن الوضع الطبيعي للعلاقة مع مصر هو أن تكون جيّدة، لكن مهما تطورت الأمور نحو منحاها الإيجابي تبقى المسألة الليبية أكثر تعقيدا في ظل إصرار أنقرة على الدعم العسكري المباشر لحليفها فائز السراج بالإضافة إلى نواياها تركيز قاعدتين في ليبيا وهو ما يعني تهديدا لكل دول الإقليم التي لن ترضى بمثل هذا التواجد العسكري.