بعد محاولتين فاشلتين، وجدل سياسي طويل، وتعديلات وزارية في الأسماء المقترحة، نجح رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني في تمرير تشكيلته الحكومية أمام البرلمان، فيما يوصف بأنه بادرة توافق جديدة، قد تحمل هذا البلد بعيداً عن الفوضى السياسية والأمنية التي تهدد سيادته واستقراراه الهش جداً.

110 نواب، من أصل 112 حضروا الجلسة، وضعوا حجر أساس لانطلاقة سياسية ضرورية لاستعادة ليبيا تماسكها بما يعطيها القوة الكافية لمواجهة الجماعات المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة، والتي تفرض نفوذها في بعض مناطق البلاد، لاسيما العاصمة طرابلس وبنغازي.

معضلة الدفاع

ولكن تبقى حقيبة الدفاع، محل جدل مستمر، حيث تضمنت تشكيلة حكومة الأزمة التي أعلنها الثني إضافة إليه ثلاث عشرة حقيبة وزارية يشغلها تكنوقراط، بينهم ثلاثة نواب للرئيس، دون التوافق على اسم وزير للدفاع ولكن مع إعلان عمر السنكي وزيرا للداخلية، وسط تسريبات عن إصرار الثني على تسيير حقيبة الدفاع إضافة إلى منصبه، كما كان الحال في الحكومة السابقة.

لا توافق

ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء له مبرراته الخاصة في تولي زمام هذه الحقيبة السيادية، كونه يعرف خباياها وكيفية تسييرها بما يسهل مهمتها في إدارة الأزمة الأمنية المتفاقمة التي تعاني منها البلاد، وتنعكس على كافة مناحي الحياة في ليبيا، فضلاً عن عدم التوافق على شخصية مقبولة لدى الجميع تمتلك كلفة المقومات الكافة لتولي هذا المنصب الحساس والمهم جداً لليبيين في الوقت الحالي تحديداً.

ومن مدينة طبرق الواقعة في أقصى الشرق الليبي، حيث يعقد مجلس النواب جلساته نظرا لتدهور الأمن في العاصمة طرابلس، أكد الثني أن حكومته ستجمع الليبيين وتعزز وحدتهم وتدعم توافقهم، بما يوفر لهم الأمن والاستقرار ويسرّع بناء مؤسسات الجيش والشرطة.

تحدي الأمن

ولكن يبقى الأمن التحدي الأكبر الذي تواجهه هذه الحكومة، إلى جانب بعض الاعتراضات السياسية، حيث ستباشر الحكومة مهامها بعد أداء اليمين القانونية غداً الأحد من مدينة البيضاء (1200 كيلومتر شرق العاصمة) حتى إخراج الميليشيات المسلحة من العاصمة.

هذا الانفلات الأمني انعكس ايضاً على اعتذار بعض الشخصيات الليبية، بحسب مصدر حكومي، في اللحظة الأخيرة عن تولي حقائب كانت قد قبلت بها بسبب تهديدات أمنية، ما حتم على رئيس الحكومة الاسراع بطرح اسماء بديلة. كما تعرض الثني لضغوط من خارج مجلس النواب لفرض شخصيات في هذه الحكومة، وكل ذلك لتفادي الفراغ السياسي الذي يلقي بظلاله على التدهور الأمني.

معارك طرابلس وبنغازي

كذلك، انعكست تداعيات المعارك العسكرية في طرابلس وبنغازي على شكل هذه الحكومة. ووفقاً لمصادر برلمانية متطابقة، فإن حكومة الثني كاد أن يودي بها خلاف بين كتلتي الفيدراليين والليبراليين داخل البرلمان حول مرشحي كل منهما لنيل حقيبتي الدفاع والداخلية.

وأكدت المصادر أن المؤيدين لما يعرف بعملية الكرامة، التي يقودها اللواء المتقاعد من الجيش الليبي خليفة حفتر، حاولوا بدورهم فرض شخصية لتولي حقيبة الدفاع.

وقال نائب في البرلمان إن ما أثار حفيظة النواب واحتقانهم أيضاً قدوم أحد قادة ميليشيات الزنتان مع الثني الى مقر مجلس النواب، في شكل يوحي بـ «وقوع الثني في المحاصصة الجهوية».

لكن هناك مؤشر على توافق سياسي ليبي أو ربما ترتيبات لتفادي استمرار الأزمة السياسية، حيث دخل على خط المفاوضات قبل أن يصل النواب لاتفاق مع الثني، رئيس الحكومة الموقتة الأسبق علي زيدان إضافة إلى النائب في البرلمان عن العاصمة طرابلس علي التكبالي، علماً بأنهما قدما نفسيهما على أنهما بديلان في حال عدم نجاح الثني في تمرير حكومته.

حكومة موازية

وتحتج ~على حكومة الثني والبرلمان المنتخب منذ نحو شهرين، مجموعات مسلحة سيطرت على العاصمة طرابلس في أغسطس الماضي.

وتشكلت حكومة موازية في طرابلس برئاسة عمر الحاسي، فيما استأنف المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق نشاطه بدعوة من تلك المجموعات المسلحة رغم انتهاء ولايته.

 

البيان