قال الباحث الفرنسي مارك أنطوان بيروز دي منتكلوس المختص في الصراعات المسلّحة بالبلدان الإفريقية الناطقة بالإنجليزية بأنه لا يوجد دليل واضح عن وجود علاقة عضوية أو تنظيمية بين جماعة "بوكو حرام" النيجيريّة و تنظيم القاعدة في شمال نيجيريا كما أنه و من ناحية أخرى حسب تقديره توجد إختلافات عقائديّة هامة جدًّا بين الطّرفين حيث أنّ هدف بوكو حرام الأساسي هو القوّات الأمنية النيجيرية و المسلمين "الغير ملتزمين" في حين أنّ هدف القاعدة هم الغربيون و الأجانب على حدّ قوله .

و أضاف الباحث الفرنسي في حوار أجرته معه صحيفة لوموند الفرنسية بأنّه "من الصعب التصوّر بأن تصبح بوكو حرام ذراعا للقاعدة في شمال نيجيريا على عكس "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" ،فهذه الحركة الجهادية المنشقة عن بوكو حرام ظهرت في العام 2012 و خطابها قريب جدا من خطاب القاعدة :طرد الصليبيين من أرض الإسلام" وفق تعبيره.

و يضيف دي مونتكلوس "الخشية الحقيقة هو من حصول مصالحة بين "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" و بوكو حرام فعندها سيكون هناك اتحاد لجماعة إسلامية لها قاعدة شعبية و إقليم خاص و مجموعة إرهابية محترفة و كثيرة الحركة و النشاط و لكن حتى اللحظة لا يوجد أي دليل يؤكّد وجود مثل هذا التقارب" .

و عن السبب الكامن وراء تعدّد عمليات بوكو حرام منذ بداية العام 2014 قال الباحث الفرنسي :"نحن نشهد حالة من تزايد العنف منذ إعلان حالة الطوارئ في مايو/أيار من العام 2013 في ولايات الشمال الشرقي النيجيرية الثلاثة (يوبي ،أداماوا ،بورنو) قبل ذلك كان الجيش يتدخّل بصفة خاصة في المدن ،و منذ ذالك التاريخ أصبح الجيش يذهب أيضا إلى الأرياف أين إرتكب العديد من المجازر و قصف القرى دون تمييز ،و أمام قوّة الإنتهاكات نفر السكان من الجيش و كثير من أهالي رفضوا الكشف عن عناصر بوكو حرام و كثير منهم إلتحق بصفوفها"

و يمضي الباحث الفرنسي بالقول :"فهم الجيش النيجيري بأنه خسر معركة الإستخبارات ،فقام بالتالي بتأسيس ميليشيات محلية تتكون من الأشخاص الذين توقع أن يلعبوا دور المخبرين ،و في المقابل بدأت بوكو حرام في إبادة قرى بأكملها لإشتباهها في تعاونهم مع قوّات الأمن ، وما ظهور هذه الميليشيات المحلية دخلنا في حالة من الوحشية حيث كل معسكر إنخرط في القيام بمجازر جماعية و وجد المدنيون أنفسهم بين نارين فكثير منهم هربوا إما الى مدينة ميدوغوري عاصمة ولاية بورنو و إما الى البلدان المجاورة النيجر أو الكاميرون "

و عن عجز الجيش النيجيري عن مواجهة ناجعة لبوكو حرام يقول دي مونتكلوس :"الجيش ينخر الفساد ،حسب مصادر محليّة فانّه يعمل في الولابات الثلاث بميزانية قيمتها 2 مليون دولار في الشهر و هو قليل جدا على نحو سخيف ،ميزانية الأمر النيجيريّة تقدّر بمليارات الدّولارات فقرابة ربع الميزانية الفيديرالية مخصّصة له و هو ما لم يحصل حتى في زمن الدّيكتاتوريات العسكرية و لكن هذه المليارات تبقى في العاصمة أبوجا بين بين أيدي المسؤولين الفاسدين" على حدّ تعبيره .

و إجابة عن سؤال نصّه :"أوّل الهجومات من بوكو حرام على المسيحيين تعود الى العام 2009 و منذ ذلك التاريخ لم تتوقّف ،فهل نحن ذاهبون نحو حرب دينية في نيجيريا؟"

يجيب دي منتكلوس بالقول :"المسيحيون الذي قتلوا على يد بوكو حرام في 2099 كتنوا في اطار إنتفاضة عامة في مدينة ميدوغوري و كان أوّل هجوم مخطّط يستهدف خصيصا كنيسة في نهاية العام 2010. وهذا يعني أن أكثر الضحايا هم من المسلمين ،نحن أمام حرب دينية بإمتياز و لكن ليست بين المسيحيين و المسلمين .الأمر عبارة عن سلفيين متطرفين يقتلون مسلمين متهمين بعدم التطبيق الصحيح للشريعة الإسلامية ،نسبة الضحايا تقدّر بالثلث مقارنة بعدد المسيحيين الذي يعيشون في ولاية بورنو."

و عن تهديد زعيم الجماعة في فبراير الماضي بإستهداف المواقع النفطية جنوب البلاد يقول الباحث الفرنسي :"بالضبط هذه هي الخشية الحالية لكثير من الخبراء :هل أن بوكو حرام ستخرج من الشمال الشرقي لنيجيريا و تضرب في جنوب البلا؟ في تقديري منطقة دلتا النيجر حيث يوجد البترول يصعب الدّخول اليها ،في المقابل ،مدينة كلاغوس من قبل "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" أكثر من بوكو حرام ة هذه الجماعة التي نعد نسمع عنها منذ فرار المهندس الفرنسي فرنسوا كولومب في ديسمبر/كانون الأول من العام 2013 و الذي إختطف قبل ذلك بعام ،و لكنها بالتأكيد لم تندثر بعد" .