بات الصراع الدائر الذي تخوضه العديد من التنظيمات التي تدعي انتماءها للإسلام محل دراسة وبحث وتمحيص من جانب خبراء العالم، فالكل يسعى لمعرفة السبب وراء ظهور هذه التنظيمات وهل هي نتاج عنف ورد في النصوص الدينية الإسلامية، أم هي نتاج التفسير والتأويل الذي شوه النصوص وابتعد عن كنهها، أم أن المسألة أعمق من ذلك بكثير، لتصل إلى حدّ أزمة حضارية وصراع من أجل البقاء.

ومن بين الباحثين الغربيين، الذين تبنّوا عملية البحث عن إجابات على هذه الأطروحات ميشيل تيري دي مونتباري، مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.

يقول ميشيل تيري دي مونتباري، في حوار صحفي له، إنه من المؤسف أن الدين الإسلامي هو الدين الرئيسي للتنظيمات المتشدّدة، والمصنّفة على قائمة الجماعات الإرهابية؛ لكن ذلك لا يعني أن الديانات الأخرى ليس بها متطرّفون، فقد وقعت العديد من المنزلقات جراء تعصب الهندوس في الهند.

ويرجع الباحث الفرنسي بعض أسباب ظهور التشدّد الإسلامي في الدول العربية، إلى فشل النماذج السياسية، الغربية التي جربتها الدول العربية بعد استقلالها وحاولت تطبيقها على مجتمعاتها. ويستشهد على حديثه بمثالي العراق في عهد صدّام حسين وسوريا في عهد نظام الأسد، حيث حاول نظام كل بلد منهما اتباع الرؤية الأوروبية للاشتراكية والعلمانية. في حين أن الجزائر بعد الاستقلال استوحت النموذج السوفييتي.

وقد أدت كل هذه النماذج، وفق تيري دي مونتباري، إلى نتيجة معاكسة، وأصبحت هذه الدول تلتمس نموذجا جديدا الآن على أسس أيديولوجية دينية متطرّفة. وأعقب ذلك رغبة واضحة من الجماعات الدينية المتعصبة لتوظيف الدين على نحو ما لتحقيق أغراض سياسية وهو ما أدى إلى آثار مأسوية، بدأت تطال الدول الغربية، ومنها فرنسا.

ويقول في تعليقه عن القلق من تمدّد الخطر الإرهابي: للأسف، هناك خشية من أن نكون مضطرين لفترة طويلة من الزمن، يمكن أن تصل إلى عشرات السنين، للعيش مع الإرهاب وهو ما قد يتسبب في أحداث درامية وسيغذي الانزعاج المستمر والأعمال العدائية إلى حد كبير. لكن المتخصصين في شؤون الحرب يقيمون هذه الظاهرة على أنها أدنى من أن تؤدي إلى حدوث حرب على نطاق واسع.

عن العرب اللندنية