مع بدء العمليات العسكرية التي تقودها خمس دول خليجية في اليمن ضد الحوثيين التي تدعمهم إيران، زادت المخاوف من أي عمليات عسكرية تطول حركة الملاحة بباب المندب وهو ما قد يؤثر على حركة التجارة العالمية وخاصة النفط الذي ارتفعت أسعاره بنحو 6% خلال تعاملات الخميس المبكرة، ثم تراجع مرة أخرى ليتذبذب ارتفاعا وانخفاضا بين 4% و2%.

 

اكتسب مضيق باب المندب الاستراتيجي، الممر المائي الواصل بين البحر الأحمر وخليج عدن ومن ثم المحيط الهندي، أهميته بعد حفر قناة السويس التي تعتبر أقصر طريق ملاحي في العالم بين الشمال والجنوب، ويمر عبر القناة نحو 12% من حجم التجارة العالمية، مما شكل أهمية حيوية لمضيق باب المندب باعتباره المدخل الجنوبي للقناة.وتقول وكالة معلومات الطاقة الأمريكية، إن إغلاق مضيق باب المندب، سيحول دون وصول ناقلات النفط من الدول الخليجية إلى قناة السويس وخط سوميد، وستضطر تلك الناقلات إلى الإبحار جنوبا من أفريقيا للوصول إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية.ويمتد خط أنابيب "سوميد" من العين السخنة على البحر الأحمر إلى ميناء الإسكندرية على البحر المتوسط.

 

وسيجبر إغلاق المضيق ناقلات النفط القادمة من الخليج على الإبحار حول الطرف الجنوبي من أفريقيا للوصول إلى الأسواق الأوروبية وأمريكا الشمالية والجنوبية، كما أن صادرات دول أوروبا وشمال أفريقيا من النفط لن تستطيع اتخاذ مجرى قناة السويس الملاحي للوصول إلى الأسواق الأسيوية، وستضطر للالتفاف من الناحية الغربية للقارة الأفريقية للوصول لتلك الأسواق، وهو ما سيزيد تكلفة النقل.ورغم الأهمية القصوى لتجارة النفط عبر مضيق باب المندب، الذي يصل اتساعه إلى 30 كيلومترا، إلا أنها لا تمثل سوى 16% من إجمالي البضائع التي تمر خلاله وفقا لإحصائيات صادرة عن هيئة قناة السويس المصرية.وأكثر من 98% من السفن التي تدخل قناة السويس المصرية تمر عبر مضيق باب المندب.

 

وقال سمير معوض، خبير النقل البحري في مصر في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول أن حجم التجارة العالمية المارة بقناة السويس عبر مضيق باب المندب سواء القادمة من دول الشمال للجنوب أو من دول الجنوب للشمال، تمثل تقريبا ما بين 96 إلى 98% من حجم التجارة المارة بالقناة.وطبقا لإحصائيات الملاحة الدورية الصادرة عن هيئة قناة السويس في مصر، فإن مناطق الجنوب التي تتعامل معها قناة السويس تتمثل في "البحر الأحمر والخليج العربي وجنوب شرق أسيا وشرق أفريقيا وجنوب آسيا والشرق الأقصى وأستراليا"، أما مناطق شمال قناة السويس فهى تتمثل في "الولايات المتحدة وبحر البلطيق وشمال غرب أوروبا وغرب وجنوب غرب البحر المتوسط وشمال البحر المتوسط وشرق وجنوب شرق البحر المتوسط".

 

وتشير إحصائيات قناة السويس لعام 2014 إلى مرور 17.148 ألف سفينة بحمولة تصل 962.748 مليون طن.إجمالي حمولات ناقلات النفط المارة بقناة السويس خلال عام 2014 بلغت 163 مليون و85 ألف طن (1.146 مليار برميل في العام و3.2 مليون برميل يوميا).بلغت حمولات سفن ناقلات الغاز الطبيعي 66 مليون و894 ألف طن، وتلك الحمولات تعتبر مماثلة لما مر عبر مضيق باب المندب، سواء في الرحلات المتجه إلى الشمال أو الجنوب وفق ترجيحات لخبراء النقل البحري.

 

من جانبه أكد قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط على أن الجيش الأمريكي سيعمل مع شركاء خليجيين وأوروبيين لضمان بقاء مضيق باب المندب الاستراتيجي عند مدخل البحر الأحمر مفتوحا أمام حركة الملاحة التجارية رغم القتال وعدم الاستقرار في اليمن.وقال الجنرال لويد اوستن في جلسة لمجلس الشيوخ "سنعمل بالتنسيق مع الشركاء في مجلس التعاون الخليجي لضمان بقاء تلك المضايق مفتوحة" مشيرا إلى مضيق باب المندب ومضيق هرمز.وأضاف "من مصالحنا الأساسية أن نضمن التدفق الحر للتجارة عبر هذين المضيقين."

 

و تملك الولايات المتحدة قاعدة في جيبوتي على الضفة الغربية لمضيق باب المندب. وتملك فرنسا أيضا حضورا عسكريا قديما في جيبوتي. وبالنسبة إلى القاهرة فإن باب المندب هو المدخل إلى قناة السويس التي تعتبرها «خطا أحمر» على حد قول السفير المصري لدى اليمن يوسف الشرقاوي. وقال السفير إن «أكثر من 38 في المائة من الملاحة الدولية تمر عبر هذا المضيق»، مشددا على الأهمية الاستراتيجية الكبرى لباب المندب. وأضاف الدبلوماسي المصري الأسبوع الماضي بعد لقائه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في عدن أن «الأمن القومي لليمن مرتبط بشكل وثيق بأمن البحر الأحمر والخليج وباب المندب».