*تحريك فنتازي طريف صاخب ومرعب ترفيهي لأقص الحدود ولن يفهمه الصغار بعمق!

*يشارك الكونت دراكولا هنا بفيلم التحريك المسلي هذا ويرافقه في رحلته الصيفية البحرية هذه عددا من الوحوش التي تعشق السفر عبر البحار، غير مدركين جميعهم أن عائلة الاسطوري العتيق "فان هيسينغ" قد استولت خلسة على اليخت الترفيهي الكبير...فيلم من اخراج "جيدي تارتاكوفسكي" وكتابة نفس المخرج مع مايكل مكوليرز، وباصوات كل من آدم  ساندلر وآندي سامبرغ وسيلينا جومز، واشعر بشغف هؤلاء الممثلين المتقمصين لهذه الشخصيات الكرتونية، وأشعر بان السينما العربية عموما ما زالت لا تاخذ صناعة سينما التحريك على محمل الجد وبمستوى لائق من المهنية الاحترافية.

*لقد انضم "دراك" لعائلة الوحوش في الرحلة السياحية الباذخة والسفينة الفاخرة...تحدث هنا جملة مغامرات خفية عميقة، بينما تنغمس كافة الوحوش الاخرى في كل المتع والنشاطات التفاعلية التي تقدمها سفينة الكرويز السياحية على متنها...من لعبة الكرة الطائرة للرحلات الاستكشافية الغريبة وصولا لرومانس تأمل القمر، لكن كل هذه الخيالات والأحلام الجميلة تتحول فجأة الى ما يشبه الكابوس، عندما تتحقق مافيس أن دراك قد تورط مع قبطان السفينة الغامضة ومع أيريكا الجامحة المتنفذة، التي تخفي بدورها سرا خطيرا عتيقا كفيل بتدمير كافة الوحوش على ظهر السفينة!

*تبدو هذه السلسلة مسلية وترفيهية وطريفة لاقصى الحدود منذ اصدارها الأول بالعام 2012، ولكل فيلم منها مشاكله وثيمته المعقدة التي تتكشف اسرارها لنا تدريجيا وفيها كم كبير من الحركات والشخصيات والفانتازيا والكوميديا المدمجة الطريفة، بالرغم من اني لم اشاهد اول فيلمين في السلسلة، الا اني اعجبت بهذا العرض الشيق، حيث يعود "آدم ساندلر" مع الاخرين باصواتهم المتقمصة للأدوار وينغمسون بالاجازة الصيفية الممتعة، وهم لا يعلمون خطط دراكولا الشرير وفان هايسنغ وبارت وعائلته التي تجري بالخفاء في دهاليز السفينة الكبيرة...تكمن نقطة ضعف الفيلم بطريقة السرد الاستهلالية خلال أول عشرين دقيقة مما دمر  مفاجاءآت الفيلم المتتالية تباعا: نبدأ بقصة العلاقة بين مافيس وجوني ومغامراتهما الشيقة على ظهر الكرويز الفاخر، لكن قصة دراكولا العتيقة واستدعاء الماضي وقصصه تقحم ضمن السياق بتداعياتها المؤثرة "الانتقامية" وتتطور لتأخذ بالفيلم لمنحى آخر غير متوقع، هنا يتحول التركيز لشخصيتي "دراكولا وايريكا الجامحة" وتنبثق الخصومات القديمة لتظهر مجددا كحالات سحر الموميات المصرية القديمة ولعناتها المتجددة، حيث تقل تدريجيا المفاجآءات والتقلبات ذات المغزى...وهكذا...وعليك كمشاهد واعي ناضج أن تسعى للتمييز بين الرجل الشرير والشخص الصالح، ويدهشك هذا التحريك اللافت بكثرة المراوغات  الشيقة والطريفة والتي أشك في ان الأطفال سيفهمونها ويتفاعلون معها بعمق الا أنهم سيعجبون بحركات وسكنات الشخصيات والوحوش الفنتازية الطريفة الملونة باتقان، وأشعر بأن هذا الكرتون التحريكي الجميل موجه ربما اساسا لأفراد العائلة ثم للكبار اللذين يتذوقون افلام التحريك العصرية الملونة امثالي، لذا لن امانع حقا حضور فيلم جديد قادم في هذه السلسلة، كما أني استغرب تجاهل النقد السينمائي العربي لهذا النمط من الأفلام.

*في الخلاصة المفيدة المختصرة:

*(بعيدا عن السرد التفصيلي الممل والغارق بالتفاصيل الذي يلجأ اليه بعض النقاد ويفقد الفيلم مغزاه ومتعة مشاهدته)، فهذا الشريط "المبتكر" يرينا كيف يتبع "دراكولا" (بصوت آدم ساندلر) وزملاءه الوحوش"غريبي الشكل"، بما في ذلك ابنته "نصف البشرية" "مافيس" (سلينا غوميس) مع عائلتها في عطلة بحرية شيقة على متن كرويز بحري ضخم وفاخر، حيث يتضمن بعض العنف والرعب الجديد اللافت، مع الكثير من الصور والحركات الهزلية، وبعض المطاردات والمواجهات مع كائن هجين نصف بشري غريب الشكل ووحش بحري هائل بحالة هيجان، كما يتضمن مشاهد لساحرة صباحية مثابرة تطارد "مصاص دماء" عتيق  بملابس سباحة غريبة، مع كم من التداخلات اللافتة مثل الساحرة الجميلة التي تواعد قزما ودودا، مع ما يتضمن ذلك من بعض الرومانسية المقبولة للعائلة مثل المغازلة والرقص وبعض القبلات، ويتضمن الفيلم رسائل ايجابية غير مباشرة وخفية، مثل التخلي عن المشاعر السلبية تجاه الاخرين، والاشارة لقوة المحبة والتواصل والتنوع، كما أخيرا بأهمية دور الوالدين عموما كشركاء متفهمين ومربين وليسوا كمجرد أوصياء "آمرين"، هكذا توجه هذه الأفلام التحريكية الطريفة رسائل اخلاقية لجميع المشاهدين بدون اسفاف وتفاهة وسذاجة واثارة عبثية ومبالغات ايمائية. 

*تنوع الشخصيات وعمق الدلالات ورسالة واحدة ذات مغزى:

 *نبدأ اولا بشخصية دراكولا (وابداع آدم ساندلر بتقمص الشخصية كصوت وايماءآت)، فهو كما نعلم اللورد مصاص الدماء العتيق ذي ال 540 عاما، ومؤسس اوتيل "ترانسيلفانيا"، ثم آندي سامبرغ بدور جوني، زوج مافيس الشاب ذي ال29 عاما/ وهناك الشخصية الثالثة "سيلينا غومز" بدور مافيس ابنة دراكولا المتنفذة ذات ال126 عاما، ثم "كيفن جيمس" بدور فرانكشتاين المسخ المعروف والمنبعث جديدا، وهناك ادوار الذئب والمومياء العتيقة وكابتن الكرويز الباطني الكاره للوحوش، واخيرا "فان هيسنغ" بدور جد ايريكا الكبير صائد الغيلان، ووالد دراكولا مصاص الدماء العتيق المنبعث...حاز الفيلم على تقييم متواضع 60 بالمئة، وان كنت اعتقد انه يستحق ربما تقييما افضل، وهو فيلم تحريك جاذب مع كم كبير من الضحكات المكتومة الساخرة والرسوم المتحركة المبهرة، والتي قد تكون بمثابة "علاج صيفي" ترفيهي  سينمائي بمذاق منعش، وهو يحفل بالفكاهة الصاخبة وأغاني الروك الكلاسيكية وضحك مبتكر لأقصى الحدود، وبدا السرد كعمل عشوائي جانبي، بالرغم من انه اوصل رسالة نهائية بالغة الدلالة مفادها انه يفضل ان يتعايش البشر والوحوش معا في انسجام وتقبل وهارموني في عالم جديد متنوع وديناميكي! 

مهند النابلسي/ هاوي سينما وناقد حقيقي