مازال التعليم في ليبيا يرسم فصلا آخر من فصول بلاد منكوبة، نظرا لسياق الفوضى العام الذي تعيشه المؤسسة التعليمية، إذ أمست اليوم من أكثر الكيانات التي تجابه حالة اللااستقرار.
فالتعليم هو الخاسر الأكبر في الصراعات والحروب، فالمدرسة غالباً ما تتحول من بيت للعلم إلى مراكز إيواء للمشردين، أو مخازن أسلحة يسيطر عليها المسلحون، والحق في التعليم يصبح حلماً صعباً يكافح من أجله الآباء والأطفال.هذه الحال تشهدها الكثير من المدارس في ليبيا، حيث يعاني عشرات الآلاف من الأطفال في جميع أنحاء البلاد من عدم الحصول على تعليم مناسب، لأن صفوفهم الدراسية تضررت أو دمرت بسبب سنوات من القتال، إذ تفيد وزارة التربية والتعليم الليبية بأن "قرابة 4500 مدرسة تعرضت لأضرار كبيرة وتحتاج إلى صيانة وإصلاح بشكل كامل أو جزئي".
وبحسب التقارير البحثية فإن أكثر من مليون طفل في ليبيا يستفادون من مجانية التعليم التى تقدمها الآلاف من المدارس العمومية، فالتعليم حتى الصف التاسع إجبارى في ليبيا، وينص القانون الليبى على مقاضاة الآباء إذا لم يذهب أبناؤهم إلى المدرسة.
وبسبب تفاقم الأوضاع الأخيرة فقد احتل التعليم الليبى المرتبة ١٤٢ من ١٤٤ في آخر إحصائية لتقرير الجودة الشاملة وفقا لمنتدى الاقتصادى العالمى دافوس، وأشار التقرير أيضًا إلى نقص حاد في تدريب المعلمين.
وبحسب الإعلام الليبى فقد تأجل هذا العام موعد بدء الدراسة بسبب عدم وجود الكتب، وانعدام الأمن وعوامل أخرى كثيرة، والحقيقة أن العام الدراسي لم يكن منتظما منذ عام ٢٠١١، بعد الإطاحة بنظام القذافى، وقد استقبلت بعض المدارس طلابها في ٢٤ أكتوبر بعد نحو شهر من الموعد المعتاد.
ولم تتلق كل المدارس كتبها، حيث لم يكن لدى وزارة التربية والتعليم ما يكفى من الأموال لطباعة الكمية المطلوبة، مما اضطر الوزارة على نشر جميع الكتب المدرسية على الإنترنت مجانا، وللأسف تتعرض معظم المدن الليبية لانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، إضافة إلى انقطاع الاتصالات والإنترنت، عوضا عن بطىء سرعة الإنترنت الشديدة بسبب الأوضاع.
وتفيد تقارير الأمم المتحدة بأن نحو 54 في المئة من المدارس تعاني نقص وتلوث مياه الشرب ومرافق الصرف الصحي، في الوقت الذي تشهد فيه المدارس انقطاعاً متكرراً للتيار الكهربائي يدوم لساعات طويلة، إضافة إلى انقطاع الاتصالات والإنترنت والخدمات الأخرى.
وفي وقت سابق، نشرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبر صفحتها في موقع "تويتر" أن "هدفنا هو توفير مستوى من التعليم حسب المعايير الدولية لضمان مستقبل مشرق لكل طالب وتحقيق ازدهار البلاد. نحن حريصون على مواجهة التحديات العديدة القادمة". 
وتطلق المؤشرات الدولية صيحة فزع حول وضع التعليم في ليبيا،حيث أعلن مؤشر التنمية البشرية لسنة 2018 الصادر من منظمة الأمم المتحدة تراجع ترتيب الدولة الليبية من الرتبة 82 إلى 108، بعد دولة اليمن التي تراجعت من 158 إلى 178، وقبل سوريا التي تراجعت من 128 إلى 155.
واحتل النظام التعليمي الليبي المرتبة 142 من 144 في  إحصائية لتقرير الجودة الشاملة وفقا لمنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2013 ، وهي مرتبة تدل دلالة قاطعة على أن مخرجات التعليم في ليبيا ضعيفة جداً، التقرير أشار أيضاً إلى نقص حاد في تدريب المعلمين، حيث تم تصنيف ليبيا في المرتبة 140 من أصل 144 بلداً تم تقييمها في المنطقة، كما أورد أن النظام التعليمي الليبي يعاني من نقص المعلومات، ولا سيما البيانات المتعلقة بكفاءة أداء المعلمين ومدراء المدارس.
وقد فتحت هذه المشكلات الباب للمدارس الخاصة التي انتشرت في السنوات الأخيرة في كافة أرجاء البلاد لمنافسة آلاف المدارس العمومية التي توفر مجانية التعليم لعشرات الآلاف من الطلاب، وهو ما يحمل الأسر مزيداً من الأعباء المادية.
ويرى متابعون أن تردي الوضع التعليمي مرده إنكباب الحكومات المتعاقبة على تصفية حسابات سياسيوية دون النظر في الملفات الحيوية و أهمها حق المتمدرسين في تلقي تعليم لائق يؤهلهم للعب دور القيادة و التسيير في قادم السنوات خاصة و أن ليبيا أنتجت نخبا مشهودا لها في كبريات الجامعات الدولية.