تتواتر التصريحات الإعلاميّة التي تؤكّد على حالة الانقسام داخل حكومة الوفاق وحزامها السياسي والعسكري والمناطقي. انقسامات تتجلّى في شكل تصريحات حادة بدأت تخرج للعلن في المدّة الأخيرة واتهامات وتخوين لرئيس الحكومة فايز السرّاج وللبعض من وزرائه. هذه الانقسامات التي تتنوّع أسبابها بيد السياسي والايديولوجي والجهوي وحتى الرضوخ للتأثيرات الخارجية والتوازنات الإقليمية وأيضًا لأسباب اقتصاديّة في علاقة بالتنفّع والرّبح من الوضع الراهن وحالتي الفوضى والحرب القائمتين، هذه الانقسامات أصبحت حقيقة ماثلة للجميع في ليبيا. 

الانقسام الأكبر داخل معسكر الوفاق يقوده الإسلاميون وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، فهؤلاء يعتبرون المعركة مصيرية بالنسبة لهم بعد انحسار نفوذهم ووجودهم في العاصمة وبعض المدن القريبة منها فقط، بعد أن كانوا لسنوات طويلة منذ العام 2011 يسيطرون على كامل مفاصل الدّولة وكل مدنها ومؤسساتها. 

إسلاميو حكومة الوفاق، وهم الغالبية، غير راضين عن فايز السرّاج الذين يعتبرونه على موجة أقل منهم حدّة في المواجهة، فهذا محمود عبد العزيز، عضو المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته) عن حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان،يقول  أنهم غير راضين عن أداء قوات حكومة الوفاق في معركة طرابلس العسكرية.


** انقسام ومواجهة معلنة ضد السرّاج:


ويبرز الانقسام في شكله الأكثر الحدّة ضمن تصريحات أخرى، وصلت حدّ التهديد والتخوين والتخويف والتهجّم الصّريح بالتصريحات الحادة فعبد الله الرفادي، رئيس حزب الجبهة الوطنية، أعلن في إشارة واضحة للسرّاج بأن "الأيادي المرتعشة لا تستطيع أن تقود حرباً"، وأن "حكومتنا لا تسعى للانتصار"، بحسب ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط.

وتساءل الرفادي، المناهض للجيش الوطني: "حكومة عاجزة عن شراء منظومات دفاع جوي لتحصين مطاراتها وحماية مواطنيها والحفاظ على أرواح مقاتليها، هل تستحق هذا اللقب؟".

وأرجع النائب سعيد إمغيب، عضو مجلس النواب، أسباب بداية الخلاف بين تنظيم الإخوان والسراج، إلى تصريح سابق صدر عن وزير الخارجية بحكومة الوفاق، محمد طاهر سيالة، بخصوص الجيش الوطني، عندما قال إن "المشير حفتر هو القائد العام للجيش الليبي".

وأضاف إمغيب في تصريحات صحفيّة موضحاً: "منذ ذلك الوقت وتنظيم الإخوان فيما يسمى المجلس الاستشاري للدولة يحاول إجبار السراج على تغيير سيالة، لكن العمل الدبلوماسي الكبير، الذي كان يضطلع به الأخير بحكم خبرته وعلاقاته، التي اكتسبها خلال نظام معمر القذافي، منع السراج من إقالته، واستطاع أن يقنع الإخوان بعدم التفريط فيه، فوافق التنظيم على تأجيل الموضوع إلى أن يستقر الوضع الأمني في العاصمة طرابلس".

وفي ذات السياق إتهم أشرف الشح عضو الحوار السابق السراج بممارسة ” اللف والدوران ”  حيث نقل عنه قوله خلال اجتماع مجلس الوزراء: "أنه يجب ان نفكر في كيفية الوصول إلى السلام وإنهاء الحرب وتقديم تنازلات سلام مؤلمة".

وأضاف قائلاً: "السراج تحدث وكأنه هو من بدأ الحرب وبأنه هو من يملك قرار إنهاءها، كما انه طلب من وزرائه طرح تصورات للسلام لأن الحرب طالت ويجب الخروج منها بأقل خسائر".

كما كشف الشح عن حدوث خلاف داخل الاجتماع تخلله اعتراض من بعض أعضاء الحكومة عن هذا الطرح الذي وصفه بالترويضي من السراج وسيالة  .

وأكد بأن "ممن اعترضوا بشكل شديد على هذا الكلام وزير الداخلية فتحي باشاغا واعتبر هذا الطرح استهانة بدماء من يقاتلون في الميدان".

وأضاف الشح قائلا بأن "الخروج في إجازات بالخارج كان الهدف منه البحث عن صفقات سياسية جديدة لا يراعى فيها التضحيات وما إلى ذلك".


** الإسلاميون يديرون معركة طرابلس:



إلى ذلك قال مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني، العميد خالد المحجوب، إن المعركة الآن في طرابلس بين الجيش الوطني وتنظيم الإخوان.

وأضاف المحجوب أن الجيش قرر القضاء على تنظيم الإخوان مهما تلقى من دعم خارجي.

وأكد المحجوب في تصريحات تلفزية، أن الدعم التركي للجماعات المسلحة في طرابلس لم يتوقف، وأن تركيا باتت تجني مبالغ طائلة جراء سحب مستحقات أرباب الأسر منها.

وشدد المحجوب على أهمية القضاء على تنظيم الإخوان لأن الليبيين يرفضونهم، موضحا أنه لا عداوة بين الليبيين وسيتم محاسبة المجرمين عبر القضاء، مبينا أن الجيش الوطني هدفه الأساسي تحقيق سيادة الوطن والقضاء على الإرهاب.

ولفت مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني إلى أنه لا بد من تأمين ليبيا وجمع السلاح والقضاء على الإرهاب والجماعات المسلحة، وقال “ليبيا ستعبر إلى بر الأمان ويعود للأمن والأمان بعد القضاء على الإرهاب”.

وفي ذات السياق أوضح الناطق الرسمي بإسم الجيش الليبي العميد أحمد المسماري، أن تدمير طائرة الشحن التركية الثلاثاء، في مطار مصراتة، كلفت أنقرة حوالي 900 مليون دولار.

وأكد أن هناك عدد كبير من الطائرات تقلع من تركيا وإيطاليا تجاه مطار مصراتة، لتقديم الدعم العسكري للميليشيات التابعة لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.

واستطرد المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أن معركة طرابلس بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، هي مصيرية، وبخسارتهم هناك، ينتهي حلمهم بالسيطرة على الحكم، وتكوين مركزًا لحكمهم بدلًا من بريطانيا.

وقال إن فائز السراج عبارة عن دمية تحمل أعلام بعض الدول، فهو شخص يوقع فقط.

وفي سياق متصل أكد عضو مجلس النواب عن مدينة طرابلس علي التكبالي أن الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر هو العنصر الوحيد والمخول له والقادر على حفظ سلامة الشعب ووحدة ليبيا.

التكبالي كشف في تصريح لصحيفة”الدستو” المصرية عن أن ميليشيا فجر ليبيا تحضر نفسها للهجوم ثانيا على العاصمة طرابلس وسرقة مؤسسات الدولة،مشيرا إلى أن هذا يعكس الهجوم المركز من قبل هذه الميليشيات على رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج.

وأوضح أن الذين يقودون مدينة مصراتة عكس التيار إجتمعوا لإعادة عملية “فجر ليبيا” وتوحيد ما أسماه بـ “الحشد الظالم” من مصراتة إلى رأس جدير لمجابهة الجيش المنتصر.

عضو مجلس النواب لفت إلى أن قوات الردع المتحالفة مع فلول المليشيات المتناثرة تسعى هي الأخرى للسيطرة على العاصمة.

وتذهب ورقة تحليلية منشورة حول الأزمة الليبية في صحيفة "اليوم الثامن" منذ أيّام إلى أنّ "الإسلاميين لا يريدون الدخول في محادثات يفاوض فيها الجيش من موقع قوة، لذلك يرفضون وقف القتال واستئناف المفاوضات قبل عودة الجيش إلى مواقعه في الشرق وهي الشروط التي توصف بغير الواقعية وتعتبر رفضا واضحا لوقف القتال".

وبحسب الورقة ذاتها، يرفض الإسلاميون الجلوس مع حفتر خلال أي محادثات مرتقبة كطرف في الصراع وهو ما أكده نائب رئيس المجلس الرئاسي والعضو السابق في حزب العدالة والبناء الإخواني عبدالسلام كاجمان خلال لقائه بنائبة المبعوث الأممي ستيفاني ويليامز.

وقدم كاجمان رؤية لمرحلة ما بعد الحرب تبدأ بمشروع للمصالحة الوطنية، والتجهيز لحوار مجتمعي، دون وجود لحفتر، والعودة إلى الملتقى الجامع، للوصول إلى الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بحسب ذات المصدر. وهو ما يكشف أنّ القيادة الحقيقية والفعلية للمعركة سياسية وعسكريًا تقع مفاتيحها بيد الإسلاميين وجماعة الإخوان المسلمين.