بدأت الدائرة تضيق في انتخابات الرئاسة التونسية على الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي خاصة في ظل إعلان عدد من المرشحين الانسحاب لفائدة خصمه الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس الفائز بالانتخابات التشريعية.
وفيما تقوى حظوظ قائد السبسي في الفوز بمنصب الرئيس وربما من الدور الأول، مثلما تذهب إلى ذلك تحاليل كثيرة، فإن المرزوقي يعيش وضعا صعبا خاصة في ظل الأجواء التي تجري فيها حملته، وما تخللها من دعوات لممارسة العنف ضد الخصوم والتحريض ضدهم.
وقال مصطفى كمال النابلي أحد أبرز المترشحين للانتخابات الرئاسية أنه انسحب من السباق الرئاسي بسبب ما قال إنه تحريض على العنف من قبل حملة المرزوقي، مضيفا أن انسحابه صيحة تحذير ضد ما تشهده الحملة من انزلاقات.
وانسحاب النابلي، وهو محافظ البنك المركزي الأسبق، من شأنه أن يزيد من حظوظ السياسي المخضرم السبسي الذي قد يفوز بمزيد من أصوات النابلي وهما من نفس العائلة السياسية الليبرالية والدستورية.
وقال النابلي في حوار مباشر على قناة نسمة الفضائية التونسية “تونس اليوم في حاجة إلى عدم تشتيت الأصوات وضمان عدم عودة المرزوقي للحكم”.
وأضاف أنه قرر الانسحاب لمصلحة تونس بسبب تحريض حملة المرزوقي على العنف بعد أن تأكدت مشاركة وجوه من رابطة حماية الثورة في الحملة متهما إياها بالسعي إلى إفساد الديمقراطية.
ولفت النابلي إلى أن انسحابه هو صيحة تحذير من دعوات العنف وتفشي المال السياسي في الحملة الانتخابية.
وخلافات النابلي مع المزروقي تعود إلى عام 2012 حين أقال المرزوقي النابلي من منصب محافظ البنك المركزي.
وبالتوازي مع انسحاب النابلي ليل الاثنين الثلاثاء، أعلن مرشح آخر انسحابه من السباق، وهو نورالدين حشاد، وهو ابن فرحات حشاد مؤسس اتحاد نقابات تونس، وسبقهما الوزير السابق عبدالرحيم الزواري إلى إعلان انسحابه، وأعلنت “الحركة الدستورية” التي ينتمي إليها مساندتها للسبسي في الانتخابات.
وقال مراقبون إن الانسحابات التي تأتي من دائرة سياسية متقاربة ستقوي حظوظ الباجي قائد السبسي في التنافس، خاصة أن مصادر مقربة من الدائرة ذاتها لم تستبعد أن تعلن شخصيات أخرى انسحابها لفائدة السبسي في الأيام القليلة القادمة.
ولفت المراقبون إلى أن الخطاب الذي يسوق له المرزوقي ومساعدوه في حملته يدفع في اتجاه تقسيم البلاد وإذكاء الفتنة بين المحافظات خاصة بين الجنوب الذي ينتمي إليه والذي صوت بنسب عالية لحليفته النهضة في الانتخابات التشريعية، وبين الوسط والشمال اللذان انحازا في الانتخابات الأخيرة إلى نداء تونس.
وأشاروا إلى أن نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي من داعمي المرزوقي يعملون على توظيف هذا المعطى لتحريض الجنوب ضد الشمال في محاولة لكسب أصوات الجنوبيين، لكن ذلك قد يقود إلى أزمة جديدة في بلد لديه ما يكفي من الأزمات التي حلت به مع “الربيع العربي”، وأخطرها أزمة الإرهاب.
وفي هذا السياق، حذّر المراقبون من أن المرزوقي يلعب بالنار من خلال اختراق الخطوط الحمراء من ذلك توظيفه الورقة السلفية في حملته الانتخابية، وإيهام السلفيين أنه سيكون حاميهم في المرحلة القادمة بعد خسارة النهضة لإمكانية تشكيل الحكومة، ومن ثمة عدم قدرتها على الاستمرار بالتغطية على أنشطة المتشددين.

وتضمنت أشرطة الفيديو، التي ينشرها أنصار المرزوقي على مواقع التواصل في سياق تغطية حملته الرئاسية، صورا لمنقبات وسلفيين يرفعون شعارات مساندة له، وهو ما أثار حفيظة منافسين آخرين في الانتخابات، فضلا عن مخاوف لدى الطبقة السياسية من تبرير الإرهاب وتشريع عودته تحت ستار المعارك السياسية.

ورغم أن حملته خرقت الكثير من المحظورات كما يقول ناقدوه، إلا أن حظوظ المرزوقي ليست كما يسوق لها مناصروه، فإذا كان المنافس السبسي يحظى بدعم واسع لدى القوى الليبرالية والدستورية، فإن “المؤقت” يجد منافسة كبيرة من أشخاص محسوبين على دائرة “الثورة”، أو من أبناء الجنوب.

ويشير المراقبون إلى أن المرزوقي يجد منافسة كبيرة من الهاشمي الحامدي زعيم تيار المحبة، والذي لقيت اجتماعاته صدى كبيرا في الجنوب، فضلا عن حمة الهمامي مرشح الجبهة الشعبية ذات الخلفية اليسارية، وسليم الرياحي رئيس التيار الوطني الحر، وكلاهما له شعبية في الأوساط التي يراهن المرزوقي على استقطابها لتنتخبه في الثالث والعشرين من نوفمبر الجاري.

وقلل الرياحي في تصريح له من حظوظ المرزوقي في هذه الانتخابات، لافتا إلى أنه المنافس الأضعف بالنسبة إليه.