في غضون شهر واحد، حقق الجيش النيجيري سلسلة مكاسب عسكرية كبيرة ضد "بوكو حرام"، بعد سنوات من الإخفاق في التصدي للجماعة المسلحة، لا سيما منذ تم نشر القوات عام 2013 في منطقة الشمال المضطربة، ما يثير تساؤلات كثيرة حول التغير المفاجئ و"الوصفة السحرية" وراء النجاح، بحسب مراقبين.

وفي 7 فبراير/ شباط الماضي، عندما أعلنت نيجيريا تأخير الانتخابات العامة (البرلمانية والرئاسية) لمدة 6 أسابيع بسبب انعدام الأمن في المنطقة الشمالية الشرقية، كانت جماعة "بوكو حرام" تسيطر على 30 منطقة حكم محلي على الأقل، ومجموعة من البلدات، منذ عام 2014.

وكانت الهجمات منتشرة للغاية في المنطقة، حتى أن اللجنة العليا للانتخابات، قالت إنها لن ترسل مسؤوليها إلى القطاع المضطرب.

وبعد أقل من شهر واحد، يبدو أن الجيش النيجيري قد غير قواعد اللعبة، حيث تتبقى أقل من أربعة مناطق حكومية محلية في قبضة المسلحين، ومن بينها "غوزا"، التي أعلنتها "بوكو حرام" مقرا لما أسمته "الخلافة الإسلامية".

والأسبوع الماضي وحده، نجح الجيش في طردت المسلحين من أكثر من 25 مدينة وقرية، من بينها باغا، ومونغونو، في ولاية "بورنو" (شمال شرق)، اللتين سقطتا في أيدي المتمردين في وقت مبكر من هذا العام.

ووفقا لتقارير الجيش، تم طرد المسلحين من قطاعات كبيرة من غابة "سامبيسا"، التي كانت حتى الأسابيع الأخيرة المعقل الرئيسي للجماعة.

لكن يرى مراقبون، أن هذه المكاسب، التي تحققت خلال هذه الفترة الوجيزة لا تصدق.، ويتساءل كثيرون في الوقت الراهن حول التكتيكيات التي يتم تطبيقها، ولم تنجح سابقا عام 2013، عندما تم نشر الجيش رسميا في المنطقة.

وفي حديث لوكالة الأناضول، قال باتريك أغامبو، رئيس "سيكيورتي ووتش أفريقيا"، (سوا) وهي مؤسسة محلية تقدم الخدمات والاستشارات الأمنية: "طالما قلت دائما أن المشكلة الرئيسية هي قضية إرادة سياسية"

وأضاف: "بمجرد أن تعطي الجيش الإرادة السياسية التي يريدها، سوف يفعلون الشيء الصحيح في جميع الأوقات، وأعتقد أن هناك إرادة سياسية الآن".

"أغامبو"، عزا النجاحات العسكرية الأخيرة إلى "الإرادة السياسية الجديدة" من جانب الحكومة، ومضى قائلا: يجب عدم إغفال حقيقة أن الجيش النيجيري يعتبر واحدا من أفضل جيوش العالم، وقد ثبت في الماضي أن قدرته واستعداده ليست محل شك.

والأسبوع الماضي، زار الرئيس النيجيري، غودلاك جوناثان، قوات من الجيش في المدن الرئيسية في المنطقة الشمالية الشرقية، التي تم تحريرها مؤخرا من سيطرة مسلحي جماعة "بوكو حرام".

وبحسب بيان المتحدث باسم الرئاسة، روبن أباتي، أكد جوناثان لجنوده أن الحكومة ستضمن حصولهم على جميع المعدات والخدمات اللوجستية اللازمة لاستعادة السيطرة على المناطق الباقية في قبضة المسلحين.

وفي الوقت نفسه، رجح "أغامبو" أن توفير أسلحة جديدة للجيش ربما يكون سببا آخر محتملا للانتصارات العسكرية الأخيرة، مضيفا: "الجيش لديه الآن عتاد أكثر لمواصلة الحرب".

وفي مقابلة تلفزيونية قبل أسبوعين، قال الرئيس جوناثان، إنه تم شراء المزيد من الأسلحة وتشييد المنصات (إطلاق وحمل أسلحة) العسكرية لتعزيز القتال ضد "بوكو حرام".

من جانبه، عزا "أوستن أموه"، الذي يدرس العلاقات الدولية في جامعة ولاية لاغوس، تلك الانتصارات العسكرية الأخيرة إلى انضمام القوات الإقليمية (تضم وحدات من الكاميرون وتشاد والنيجر) مؤخرا إلى حملة قتال "بوكو حرام".

وقال في حديث لوكالة الأناضول: "اتفقوا (القوات الإقليمية) مؤخرا على تشكيل قوة قوامها 7500 جندي، لقتال بوكو حرام".

وتوقع أن مشاركة قوى إقليمية في حملة مكافحة الإرهاب "غير قواعد اللعبة"، مضيفا: "أود أن أرجع هذه النجاحات لقوات التحالف ونظرائهم النيجيريين".

وشنت "بوكو حرام" في الآونة الأخيرة العديد من الهجمات القاتلة في دول الجوار ومن بينها النيجر والكاميرون وتشاد، ما دفع الأخيرة لبدء حملة مشتركة لمكافحة الإرهاب بموافقة الاتحاد الأفريقي، والهيئات الإقليمية الأخرى.

وأشار إلى أن "هذا يقطع شوطا طويلا باتجاه معالجة مشكلة التمرد في ذلك الجزء من نيجيريا"، إلا أنه رغم ذلك، لن يقضي على الأزمة تماما.

وتابع: "عليهم ألا يقعوا في خطأ التفكير أنه يمكنهم إبادة بوكو حرام، فلقد أصبحت جزءا من النظام النيجيري لأنها قد نضجت، وتعتمد على مصادر تمويلها وشبكاتها".

من جانبه، ربط عميد في الجيش النيجيري النجاحات العسكرية الأخيرة، بالمعدات العسكرية الجديدة، والتعاون مع دول الجوار الإقليمي، والضغط على القيادة السياسية في نيجيريا.

مفضلا عدم كشف هويته، قال العميد في حديث لوكالة الأناضول: "لدينا ذخيرة أفضل الآن".

وأضاف الضابط الكبير: "تسلمنا منصات أكثر فعالية بكثير، وعززنا معنويات القوات".

وأعرب عن اعتقاده بأن العزيمة الإقليمية الجديدة سوف تشكل عاملا رئيسيا في إنهاء الأزمة.

وتابع: "كان جيراننا حتى وقت قريب يؤوون هؤلاء الإرهابيين، ولكن يبدو أنهم شهدوا عدم جدوى أعمالهم، لأن هؤلاء الرجال (بوكو حرام) تحولوا بسرعة إلى مصدر إزعاج، وخطر لهم أيضا".

ووفقا لضابط الجيش، "كان رجال السياسة من كلا الجانبين إما يتلاعبون بهذه الأزمة أو لم يقدروا حجمها حتى وقت قريب".

وبينما أعرب عن ثقته في أن الحملة العسكرية الجارية من شأنها أن تضعف بشدة "القدرة القتالية"، لـ"بوكو حرام"، شكك الضابط الكبير في ما إذا ستساهم في معالجة الجذور الاجتماعية والاقتصادية والأيديولوجية للأزمة.

واختتم بالقول: "نشأت هذه الأزمة بسبب عدد من الأزمات الاجتماعية في بلدنا، ويبقى أن نرى ما إذا كانت القيادة السياسية ستعالج هذه القضايا".