أسفرت انتخابات رئاسة مجلس النواب الليبي عن فوز عقيلة صالح عيسى المنتمي الى قبيلة العبيدات، احدى كبرى قبائل شرق البلاد، بغالبية 77 صوتاً في مقابل 74 لمنافسة ابو بكر بعيرة، احد ابرز الدعاة الى الفيديرالية والعضو في «المجلس التنفيذي لبرقة» برئاسة ابراهيم جضران قائد المجموعة التي اقفلت منشآت النفط.

ترافق انتخاب عيسى مع فوز الناشط السياسي «التقدمي» محمد علي شعيب من قبيلة «الابشات» في الزاوية بمنصب نائب رئيس البرلمان الجديد.

واعتبر مراقبون تحدثوا الى «الحياة» انتخاب عيسى وشعيب «تقليصاً لنفوذ التيارين الفيديرالي و«الإسلامي» الذي سيطر على المؤتمر الوطني» (البرلمان المنتهية ولايته) في محاولة لبسط نفوذه في البلاد.

وسقط «الإسلاميون» في فخ نصبوه لخصومهم، بتقسيمهم البلاد الى 200 دائرة انتخابية كما فعلوا في العام 2012 في انتخابات المؤتمر الوطني الذي خلف المجلس الانتقالي، وذلك ظناً منهم انهم سيحققون غالبية في الانتخابات اذا استبعدت التكتلات السياسية من لوائح الترشيح. لكن الحراك الذي خاضه محمود جبريل لمصلحة «تحالف القوى الوطنية» (الليبرالي)، أدى الى تكرار النجاح الذي حققه الليبيراليون في المؤتمر السابق، ما اربكهم ودفعهم الى وضع عراقيل شلت حركة المؤتمر والحكومة معاً.

وبعد انتخاب عيسى رئيساً للبرلمان (المنصب الأرفع في البلاد)، سارع الفيديراليون امس، الى انتقاد جبريل (الرئيس السابق للمكتب التنفيذي التابع للمجلس الانتقالي)، واتهموه بالوقوف وراء استبعاد بعيرة لمصلحة «مرشحه»، ابن قبيلة العبيدات والذي كان قاضياً بارزاً في الجبل الأخضر (شرق) في عهد العقيد معمر القذافي.

وكانت ممارسات «الإسلام السياسي» في البرلمان السابق، ادت الى تراجع ثقة الرأي العام فيه، وتجلى ذلك في امتناع نحو نصف الناخبين عن المشاركة في انتخابات مجلس النواب في 25 حزيران (يونيو) الماضي، ما اثار مخاوف من اكتساح الإسلاميين الدوائر الانتخــابية، الا ان نتيجة الاقتراع خيبت آمالهم، اذ لم يحققوا الا فوزاً بسيطاً في دوائر قليلة من اصل 188 جرت فيها الانتخابات التي قاطعها الأمازيغ لعدم الاستجابة لطلبهم دسترة لغتهم. كما تعذر اجراء الانتـــخابات في دوائر الكفرة (جنوب) لأسباب امنية، وفي درنـــة (شرق) التي وضعها المتشددون تحت «ادارة اسلامية».

وحظي البرلمان الجديد باعتراف اقليمي ودولي، تجسد في حضور جلسته الأولى مندوبون عن منظمات إقليمية ودولية مثل الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي.

لكن ذلك لم يحل دون جدل بين الأطراف الليبية المتصارعة التي شكّكت في شرعية عقد البرلمان جلساته في طبرق، نظراً الى تدهور الوضع الأمني في بنغازي التي كان يفترض ان يتخذ منها مقراً له، او في العاصمة طرابلس حيث أراد الرئيس السابق نوري بو سهمين ان تجري عملية التسليم والتسلم.

ووقفت الى جانب بوسهمين مجموعة من ثلاثين نائباً، مثلوا مدينة مصراتة ومدناً أخرى تعتبر معاقل للإسلاميين، قاطعوا جلسات البرلمان الجديد وهم يهددون بالتصعيد وصولاً الى عدم الاعتراف بشرعيته.

ولا يخفي كثير من المراقبين الذين تحدثوا الى «الحياة» شـــكوكهم في قدرة البرلمان الجـــديد على تنفيذ قرارته في ظل سيطرة «الفصائل الإسلامية» و«القوى الفيديرالية» المسلحة على الأرض، في مناطق واسعة من البلاد، في غياب قوات نظامية تابعة للدولة، في حين بات البرلمان «تحت حماية» السيطرة المحدودة لقوات اللواء خليفة حفتر في طبرق وبعض انحاء المنطقة الشرقية.

*الحياة اللندنية