حققت الهند تقدما ملحوظا في النهوض بقدراتها على التصنيع العسكري، حيث دشنت مؤخرا باكورة إنتاجها لأول مصنع يتبع القطاع الخاص من مدفعية الميدان من طراز هاوتزر من العيار 155 مم.

وتمثل نسبة استثمارات التطوير الدفاعي والإنتاج العسكري في الموازنة الدفاعية للهند للعام 2019 ما يعادل 6.87 في المائة من إجمالي اعتمادات الدفاع الهندية للعام الجاري والبالغ قيمتها 49.68 مليار دولار أمريكي وهي نسبة يرى بعض المراقبين أنها قد لا تكون كافية لتحقيق الطموحات التصنيعية العسكرية للهند برغم كون موازنة الدفاع الهندية للعام الجاري هي الأولى في تاريخ الهند التي تخطت عتبة الـ 49 مليار دولار.

وأطلقت الهند على مدفعها الهاوتزر الجديد الاسم التجاري كي – 9 – فاجرا وهو من إنتاج مؤسسة لارسن اند توبرو - ال اند تي الواقعة في ولاية جوجارات الهندية وذلك بعد اختبارات تجريبية على المدفع الجديد بدأت في أواخر يناير الماضي.

وتسلم الجيش الهندي باكورة إنتاج المصنع الجديد من هذا المدفع ومن المقرر - خلال يوليو المقبل - دخوله الى الخدمة الفعلية للتشكيلات البرية الهندية المقاتلة والعاملة، وقد أعلنت الهند عن إنتاج عشرة مدافع من إجمالي مائة مدفع من هذا الطراز سيتم توريدها إلى القوات المسلحة الهندية بموجب عقد اتفاق أبرم في منتصف العام 2017 قامت على أساسه الابتداءات الإنتاجية و التجريبية لهذا المدفع، وبفاتورة توريدية إجماليها 630 مليون دولار أمريكي، و سيتم استكمال المدافع التسعين الباقية بموجب العقد في غضون 22 شهرا من الآن، وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الهندية إن الهاوتزر الهندي الجديد سيدخل الخدمة الميدانية للقوات المسلحة الهندية اعتبارا من يوليو المقبل.

والهاوتزر الهندي الجديد هو ثمرة جهود تطويرية و شراكة بين مؤسسة لارسن اند توبرو - ال اند تي ومؤسسة هانوها تيكوين الكورية الجنوبية التزم الجانب الهندي فيها بتوريد وإنتاج نسبة لا تقل عن 50 % من مكونات الهاوتزر الجديد من الإنتاج و الخامات المحلية الهندية وهى المكونات البالغ عددها 13 ألف مكون جزئي للمدفع الواحد.

وفي سياق عمليات التطوير للصناعات الدفاعية الهندية أجرت الهند ثاني اختبار للتزود بالوقود جوا لطائرات قالت إنه من إنتاجها المحلى بمسمى تي جاز وهي من النوعيات المقاتلة التي عكف الخبراء الهنود على تطوير إنتاج مكوناتها اعتمادا على الخبرة والمواد الأولية الهندية، وأشارت الهند إلى أن طائرات المقاتلة محلية الصنع مزودة برادار متقدم ومسلحة بمقذوفات صاروخية من طراز ديربي المحلي الصنع ذات القدرة على استهداف الطائرات المعادية جوا خلال الاشتباكات، وكان الاختبار الأول للتزود بالوقود لمقاتلات تي جاز الهندية خلال تحليقها قد أجرته الهند في العام الماضي بواسطة طائرات تزود بالوقود من طراز إم كيه اي تانكر – 78 – آي ال.

وقالت مؤسسة الصناعات الدفاعية الهندية إن المقاتلات تي جاز المطورة محليا في المصانع الهندية سيتم تحسين قدراتها التسليحية من خلال اختبار تركيب مدافع رشاشة ذاتية من الإنتاج الروسي من طراز جي اس اتش – 23، و قد تم الاختبار الأخير للتزود بالوقود جوا للمقاتلات الهندية المحلية الصنع في أجواء الهند إذ انطلقت المقاتلات تي جاز من قاعدة جواليور الجوية فيما انطلقت طائرات التزود بالوقود من قاعدة اجارا الجوية حيث تم المقابلة و إعادة التزود جوا بنجاح تام وفق المصادر الهندية التي اعتبرت أن ما جرى يعد إنجازا كبيرا على صعيد تعزيز القدرات الدفاعية الهندية.

تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة هندوستان ايرنوتكس ليمتد المتخصصة في صناعات الجو في الهند هي التي طورت في مختبراتها المقاتلة تي جاز التي تمتلك الهند منها 123 مقاتلة لتعزيز قدرات السلاح الجوي الهندي، لكن مصادر هندوستان لا تزال تعتبر أن هذه المقاتلة غير جاهزة حتى الآن لدخول الخدمة القتالية الفعلية لحين الانتهاء من كافة أعمال التطوير و زيادة نقاط التسلح فيها و استكمال اختبارات التزود الجوي بالوقود و اختبار كفاءة قدرتها، و تخطط القوات الجوية الهندية للتزود بعدد 324 مقاتلة تي جاز كطائرة قتال خفيفة ومعاونة أرضية ضمن برنامج التطوير المتوسط المدى للقدرات الدفاعية الجوية للهند مع تعظيم عنصر الاعتماد على الإنتاج المحلى .

في سياق متصل تسعى الهند بحلول عام 2022 إلى التزود بالطائرات المقاتلة التي تعمل بدون طيار من النوعيات القادرة على التحليق على ارتفاعات عالية لا تقل عن 18 ألف قدم، وقادرة في نفس الوقت على تفادى أعمال الإعاقة و التشويش الرادارى والمخادعة الإشارية المعادية، وستستخدم الهند تلك الطائرات في مهام مراقبة الحدود و التقاط الصور الأرضية من الجو وفى نفس الوقت يكون لها القدرة على مهاجمة الأهداف المعادية نيرانيا و خصوصا مراقبة الحدود الهندية مع الصين، و قد بدأت الهند اتصالاتها مع موردي الطائرات التي تعمل بدون طيار في التاسع مع أبريل الماضي للحصول على أفضل النوعيات المتاحة مع إعطاء الأولوية للنوعيات التي تشارك فيها مؤسسات الإنتاج الدفاعي الجوي الهندية في برامج إنتاجها .

وخصصت الهند ما قيمته 16.91 مليار دولار أمريكي من إجمالي موازنتها الدفاعية للعام الجاري لشراء أسلحة ومعدات جديدة مقابل 14.68 مليار دولار أمريكي اعتمدت لهذا الغرض في الموازنة العسكرية الهندية للعام 2018، وتعد الهند هي الأعلى إنفاقا على التسلح مقارنة بمنافستها التقليدية باكستان التي لا يتجاوز حجم موازنتها الدفاعية السنوية 10 مليارات دولار أمريكي حيث جاءت الموازنة الهندية للعام الجاري أعلى بخمسة أضعاف مثيلتها لدى باكستان وهو 9.6 مليار دولار. 

و كان نصيب القوات البرية الهندية من اعتمادات الإنفاق الدفاعي للعام الجديد 4.6 مليار دولار أمريكي، أما نصيب القوات البحرية فكان 3.61 مليار دولار وهي اعتمادات مقاربة لاعتمادات العام الماضي، بينما ارتفعت الاعتمادات المخصصة للقوات الجوية الهندية من 5.58 مليار دولار في العام الماضي إلى 6.14 مليار دولار في العام الجاري. 

وبحسب بيانات الموازنة الدفاعية للهند للعام 2019 يأتي الجانب الأعظم منها موجها لدفع التزامات السداد الهندية لمشترواتها من المقاتلات الفرنسية المتطورة رافال ومنظومات إس – 400 الروسية، وكذلك سداد فواتير وأقساط شراء الهند للسفن والمروحيات القتالية والغواصات.