يسيل شرق ليبيا الغني بالموارد الطاقية لعاب الجماعات الإسلامية المتطرفة، وقد عملت الأخيرة منذ سقوط نظام معمر القذافي على التمركز به، وهي تطمح اليوم للسطو كليا عليه، ما ينذر بحرب شرسة بين هذه التنظيمات وقوات الجيش.
وصدت القوات الحكومية الليبية، السبت هجوما مباغتا من قبل ميليشيات فجر ليبيا ودرع مدينة مصراتة الثالث في محاولة للاستيلاء على منطقة الهلال النفطي أغنى مناطق البلاد بالنفط بحسب ما أفاد مسؤولون عسكريون.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه مجموعات إسلامية متطرفة عن تشكيل تحالف بينها تحت مسمى “مجلس شورى المجاهدين” في مدينة درنة شرق البلاد، لمواجهة أي هجمات قد يشنها الجيش ضدهم في هذه المدينة التي تسيطر عليها هذه الجماعات منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وقال العميد طيار صقر الجروشي قائد سلاح الجو في عملية الكرامة إن “هجوما مباغتا جرى السبت بعد تقدم ميليشيات فجر ليبيا ودرع مصراتة الثالث باتجاه منطقة الهلال النفطي عبر ثلاثة محاور”.

والهلال النفطي يضم مدن الساحل الليبي التي تتركز بها آبار النفط ومرافئه (طبرق، الوزيتية، رأس لانوف، السدرة، معيتيقة).

وأكد العميد الجروشي أن “مقاتلات سلاح الجو الليبي ومروحياته أغارت على هذه القوات المتقدمة باتجاه مرفأ السدرة النفطي عبر الطريق الساحلي وطريق فرعي آخر خاص بمشروع النهر الصناعي إضافة إلى طريق صحراوي آخر باتجاه بلدة تاقرفت”.

وأشار إلى أن “سلاح الجو نفّذ العملية بدقة ونجاح وخلّف لدى هذه القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد والآليات”.

وأوضح الجروشي أن “الاشتباكات اندلعت في منطقة بن جواد شرق مدينة سرت بين الجيش وهذه القوات التي كانت تتمركز في سرت وتخطط لهذا الهجوم المباغت”.

ولفت إلى أن “حالة النفير العام أعلنت في تلك المنطقة التي تتوافد عليها القوات الحكومية وقوات حرس المنشآت النفطية إضافة إلى مواطني المنطقة”، مشددا على أن “هذه القوات يساندها سلاح الجو وستصد أي هجوم آخر وتبيد من يشارك فيه”، على حد وصفه.

من جهته قال إبراهيم الجضران رئيس جهاز حرس المنشئات النفطية في منطقة الهلال النفطي إن “الاشتباكات ماتزال مستمرة من خلال التعامل مع بعض جيوب المقاومة لهذه الأرتال التي تحاول التقدم باتجاه المنطقة”.

وتحاول قوات فجر ليبيا القادمة من مصراتة ومدن أخرى السيطرة على الهلال النفطي شرق البلاد، في سياق أهدافها المعلنة لوضع يدها على مقدرات البلاد النفطية، على غرار ما قام به تنظيم داعش في كل من العراق وسوريا.

أعلن في مدينة درنة، عن تشكيل «مجلس شورى المجاهدين» يضم مختلف المقاتلين الإسلاميين
وتتّبع الجماعات الجهادية في البلدان التي تشهد حالة فوضى استراتيجية واضحة المعالم تقوم على السيطرة على منابع الطاقة بالبلاد على غرار ما قام به تنظيم الدولة الإسلامية، حينما عمل خلال الأشهر الماضية على بسط سيطرته على شرقي سوريا (دير الزور مثالا) أين تتركز آبار النفط، وكذا هو الشأن في شمال العراق.

وفي سياق الحديث عن التطورات الميدانية في شرق ليبيا، أعلن في مدينة درنة، مساء الجمعة، عن تشكيل “مجلس شورى المجاهدين” الذي يضم مختلف المقاتلين الاسلاميين تحسبا لأي هجمات قد يشنها الجيش الليبي وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضدهم.

ويتواجد بدرنة العديد من التنظيمات المتطرفة من بينها تنظيم الدولة الإسلامية الذي أقام، وفق تقارير استخباراتية أميركية، مراكز تدريب لعناصره بهذه المدينة الخارجة عن سيطرة الدولة.

وقال هذا المجلس في بيان له إن “الجميع شاهدوا ما حل ببنغازي المنكوبة من دمار للمؤسسات وهدم للبيوت وحرق للمساجد والجامعات على أيادي أتباع حفتر الآثمة”، مشيرا إلى أن “أبناء وثوار المدينة تنادوا ووحدوا صفوفهم وشحذوا هممهم وتعاهدوا على دفع العدو إحقاقا للحق ونصرة للمظلومين”.

ويحاول الجيش الليبي المدعوم بقوات موالية للواء خليفة حفتر منذ أشهر استعادة زمام الأمور في هذا البلد الذي بات، وفق المتابعين، فريسة للميليشيات الإسلامية المتطرفة.

وقد حقق الجيش (الذي بدأ يستعيد عافيته شيئا فشيئا) تقدما واضحا في هذا السياق ترجم بسيطرته شبه الكاملة على مدينة بنغازي ثاني كبريات المدن الليبية وإعادتها إلى حوزة الدولة.

ودعا مجلس الجهاديين في بيانه جميع سكان المدينة إلى الانخراط في الائتلاف، وتوجه إلى الاسلاميين الذين يقاتلون في بنغازي “إننا معكم في حرب المجرم حفتر وجنوده (…) سترون منا ما تقر به أعينكم وتسر به قلوبكم ولن تؤتوا من قبلنا بإذن الله”.وكان مسلحون إسلاميون بقيادة تنظيم أنصار الشريعة قد نظموا مساء الجمعة في درنة عرضا عسكريا لآليات ومقاتلين يحملون الرايات السوداء، وذلك تمهيدا لإعلان تشكيل المجلس. يأتي ذلك في وقت يشن فيه هؤلاء حملة ترهيب تستهدف قادة القبائل في الشرق، لوقف دعمهم للجيش.

وقد نقلت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية الخميس عن الشيخ عادل الفايدي أحد مسؤولي مجلس المصالحة الوطنية في ليبيا قوله: “إن عناصر تنظيم أنصار الشريعة في درنة وجهوا أخيرًا تهديدات لقادة القبائل في الجبل الأخضر والشرق الليبي، لوقف دعمهم للواء خليفة حفتر”.

كما أكد الفايدي وجود معسكرات للتدريب في درنة تم توسيعها أخيرًا، حسب قوله إلى مناطق أخرى، وأن الجهاديين منتشرون بأعداد كبيرة وهم من جنسيات مختلفة.

وذكر الجنرال رودريغيز قائد قيادة أفريقيا في الجيش الأميركي في وقت سابق أنه لم يتضح بعد مدى ارتباط المتدربين بالدولة الإسلامية أو ما إذا كان يتعين على القوات الأميركية استهداف هذا النشاط.

وحذر خبراء من مغبة التساهل مع محاولة المتطرفين التحرك خارج درنة وتوسيع رقعة أعمالهم المتطرفة، ما يشكل نقلة نوعية في طبيعة العمل الإرهابي في شمال أفريقيا.

ويخوض الجيش الليبي وقوات موالية للواء خليفة حفتر عدة معارك في غرب البلاد مع ميليشيات “فجر ليبيا” الإسلامية التي تسيطر على العاصمة منذ أكثر من أربعة أشهر، كما يخوض حروبا طاحنة في شرق البلاد لاستعادة السيطرة على بنغازي التي وقعت في أيدي ميليشيات إسلامية من بينها “أنصار الشريعة” في يوليو الماضي.