رأى الكاتب والمحلّل السياسي التونسي فوزي النّوري، أن التدابير الاستثنائية حرّرت تونس من قبضة الإخوان وسمحت للأجهزة باستعادة عافيتها وتماسكها بعد محاولات الاختراق والتخريب التي تعرّضت لها. 

وقال النّوري، في حوار مع بوابة إفريقيا الإخبارية: إن "الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي وصل لسدّة الحكم دون ارتباطات دوليّة ومن خارج الأطر الحزبيّة الكلاسيكيّة في تونس فرض بشعبيّته الواسعة نفسه على الفاعلين الدوليين بعد أن أفلس حلفاؤهم في تونس وتحوّلوا إلى عبئ ثقيل".. وإلى نص الحوار: 

-التدابير الاستثنائية حرّرت تونس من قبضة الإخوان وسمحت للأجهزة باستعادة عافيتها.

-حلّ المجلس الأعلى جاء بعد صراع طويل بين مؤسّسة الرئاسة وجزء من القضاة حول ملفّات سياسيّة بعينها تتعلّق بفترة حكم الإسلام السياسي.

-لا وجود لأزمة سياسية في تونس هنالك مخاض سيؤدّي إلى ولادة مشهد جديد يستثني الإسلام السياسي وحلفاؤه وأعوانه.

-تونس تعيش أزمة اقتصاديّة خانقة لكنّ المسؤول عن ذلك هيّ الأطراف التي حكمت في العشريّة الأخيرة.

-الوضع منهار على كلّ الأصعدة ممّا يتطلّب وقتا لإيجاد حلول لتحريك عجلة الاقتصاد.


كيف تقرؤون زيارة الرئيس سعيّد إلى بروكسل؟ 

الرئيس سعيّد الذي وصل لسدّة الحكم دون ارتباطات دوليّة ومن خارج الأطر الحزبيّة الكلاسيكيّة في تونس فرض بشعبيّته الواسعة نفسه على الفاعلين الدوليين بعد أن أفلس حلفاؤهم في تونس وتحوّلوا إلى عبئ ثقيل.

إنّ الموقع الاستراتيجي لتونس في القارّة وصراعات القوى العظمى على المجالات الحيويّة في المنطقة تتيح هامشا للمناورة للدبلوماسية التونسية إذا تمكّنت من استغلالها قد تغيّر طبيعة العلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي خاصّة بعد أن فرض الخطّ الوطني نفسه في تونس خاصّة بعد التخلّص من قوى المناولة السياسية وعلى رأسها الإسلام السياسي.

ما هي العقبات التي تواجه مشروع الرئيس سعيّد؟

هنالك نسيج مترابط يعشّش منذ عقود في تونس ويخترق النسيج الاقتصادي والجهاز الإداري يتّجه إلى مقاومة الرئيس سعيّد الذي يهدّد بخياراته هذه العائلات المرتبطة بالسلطة السياسية في كلّ الفترات بما فيها فترة حكم النهضة خاصّة وأنّ الرّجل يرفض كلّ الصفقات والتسويات.

هنالك آلة إعلاميّة جبّارة تحاول تدمير مشروع الرئيس وإعادة القوى المعزولة للمشهد وتفتيت المزاج العام الداعم لمؤسّسة الرئاسة وتسويق المغالطات وصناعة رمزيّات.

هذان العنصران سيحاولان عرقلة مشروع الرئيس فيما عدا ذلك تمّ التخلّص من باقي المعيقات ومن المقاومة التي أبدتها القوى المفلسة والمعزولة.

إذا.. كيف تقيّمون الوضع العام في تونس؟ 

حرّرت التدابير الاستثنائية تونس من قبضة الإخوان وسمحت للأجهزة باستعادة عافيتها وتماسكها بعد محاولات الاختراق والتخريب التي تعرّضت لها، ولكي لا نطيل أكثر لقد تمّ إنقاذ الدّولة الوطنيّة. 

ماذا عن موقفكم من حلّ المجلس الأعلى للقضاء؟ 

حلّ المجلس الأعلى جاء بعد صراع طويل بين مؤسّسة الرئاسة وجزء من القضاة حول ملفّات سياسيّة بعينها تتعلّق بفترة حكم الإسلام السياسي وبمرور الوقت تحوّل إلى مطلب لجزء من القضاة أنفسهم ولبعض القوى الناشطة في الشأن العام فكان قرار حلّ المجلس إعلانا لنهاية حقبة وبداية حقبة جديدة في تاريخ هذه المؤسّسة وفي تاريخ البلاد ستتضح ملامحها في الفترة القادمة.

ما مبررات تمديد حالة الطوارئ في تونس وما تأثيراتها؟ 

إزاحة الإسلام السياسي من السّلطة كطرف يتبنّى العنف في العمل السياسي كآخر طريقة لاستعادة السلطة والوضع الاقليمي يتطلّب ذلك.

كيف تابعت دعوات الحوار التي تطلقها بعض الأطراف وأخرها اتحاد الشغل؟

الحوار يتطلّب حدّا أدنى مشترك وحدّا أدنى في موازين القوى، وهو ما لا يتوفّر في المشهد الحالي ذلك أنّ القوى السياسيّة التي تمّت معاقبتها وإقصائها من خلال أحداث 25جويلية/ يوليو ومن خلال تجميد البرلمان تبحث عن منصّة للعودة للمشهد بعد حسمت مصيرها أجهزة الدّولة بقيادة مؤسّسة الرئاسة وبعد أن لفظها المزاج العام وطالب بمحاكمتها.

برأيك.. هل ستنجح هذه القوى في الوصول إلى غايتها؟

في اعتقادي لن تعبر هذه القوى التي تريد التسلّل للمشهد مستندة إلى رمزيّة وثقل الاتّحاد ولن يكون هنالك حوار مع مؤسّسة الرئاسة التي ترفض كلّ التسويات الجانبيّة والصفقات والمحاصصات خاصّة وأنّ الرئيس لا يمثّل تنظيما سياسيا، بل مشروعا يقف على الطرف النقيض لكلّ هذه القوى بما فيها الاتّحاد.

من وجهة نظرك.. هل تمثل هذه الدعوات بوابة لانفراج الأزمة؟ 

إنّ الحديث عن أزمة هوّ مغالطة تسوّقها القوى المفلسة سياسيا لأنّ الصراع حسم لصالح الخطّ الوطني الذي تمثّل مؤسّسة الرئاسة أحد أركانه، هذه القوى اليوم هيّ خارج السلّطة وخارج المشهد وهي تخوض صراعا وهميّا افتراضيّا بعد أن فقدت وزنها في الشارع ومصداقيتها ممّا دفعها للبحث عن سند خارجي، ولكي لا نطيل أكثر هنالك فجوة عميقة بين خطابها ووزنها يعلمها الجميع في الداخل والخارج.

لا وجود لأزمة سياسية في تونس هنالك مخاض سيؤدّي إلى ولادة مشهد جديد يستثني الإسلام السياسي وحلفاؤه وأعوانه.

إذا لماذا تصر بعض الأطراف على التصعيد وتحشيد الشارع؟ 

ليس أمام هذه القوى سوى خيار التصعيد وتحشيد الشارع لافتكاك مساحات تسمح لها بالمناورة، ولكنّها عجزت عن ذلك في عدّة مناسبات بعد أن فقدت مصداقيتها ولفظها المزاج العام الذي ينتظر محاكمتها على الجرائم التي ارتكبتها في حقّ الدّولة والشّعب. إنّها محاولات يائسة وعبثيّة للإفلات من العقاب بعد أن وصلت الأوضاع لنقطة اللاّعودة بإعلان الاستفتاء والانتخابات كعناوين لمرحلة جديدة ولمشهد جديد.

هل تستغل هذه الاطراف حالة الاحتقان الشعبي جراء الأزمة الاقتصادية؟ 

الثابت أنّنا نعيش أزمة اقتصاديّة خانقة لكنّ المسؤول عن ذلك هيّ الأطراف التي حكمت في العشريّة الأخيرة التي كان هدفها البقاء في السّلطة فانتهجت حلولا ترقيعيّة للمحافظة على الموازنات الماليّة من خلال التداين الخارجي وغياب تصوّرات ومنوال تنمية.

إنّ تحسّن الوضع الاقتصادي يتطلّب عناصر موضوعيّة منها الاستقرار السياسي والشفافيّة ومكافحة الفساد وتهيئة الأطر التشريعيّة للاستثمار الداخلي والخارجي وبالتالي فاستعادة الاقتصاد لعافيته يتطلّب عملا جادّا ومتواصلا لسنوات من خلال تصوّرات علميّة تستند لمنوال تنمية واضح يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات النسيج الاقتصادي والاجتماعي.

لا يمكن تحريك الشارع من خلال هذا العنصر لأنّ التونسيين يعيشون هذا الوضع منذ سنوات ويعلمون المسؤول عنه.

لماذا عجزت الحكومة حتى الآن على ايجاد حلول للازمة الاقتصادية؟ 

الوضع منهار على كلّ الأصعدة ممّا يتطلّب وقتا لإيجاد حلول لتحريك عجلة الاقتصاد، ولكن أمام الحكومة تحدّ يجب عليها مواجهته الآن وهو الحدّ من المضاربة التي وصلت إلى حدّ سحب المواد الأساسية من الأسواق في إطار اتفاقات بين فاسدي المال والسلطة المعزولة لفرض أمر واقع يتيح بها التفاوض مع السّلطة القائمة.