رأى الكاتب والمحلّل السياسي التونسي فوزي النّوري، أن فشل الإخوان في بلدان المغرب العربي جاء "كحصيلة موضوعية وليس نتيجة لصراعات". 

وقال النّوري في حوار مع "بوابة إفريقيا الإخبارية"، :"الإخوان يعرفون طريق الوصول للسلطة عبر التسلّل للوعي الجمعي من بوّابة الدين، ولكن ليس لهم فكر سياسي واقعي يتيح لهم إدارة دولة بمؤسّساتها وهم يعلمون ذلك تماما لذلك يؤسّسون تنظيمات عقائديّة جاهزة للقيام بأدوار، وبالتالي فإنّ فشلهم حصيلة موضوعية وليس نتيجة لصراعات، وإن كانت القوى الوطنيّة سرّعت بسقوط الإخوان"، وإلى نص الحوار.


- تخوّفات الإخوان مبنيّة على ما اقترفوا في حقّ شعوبهم وأوطانهم.

- فشل الإخوان في بلدان المغرب العربي حصيلة موضوعية وليس نتيجة لصراعات.

- الإخوان يعتبرون الديمقراطية أداة للوصول إلى السلطة فحسب.


تغيرات المشهد السياسي وتأثيراتها على جماعة الإخوان في المغرب العربي.. ما قراءتكم لها؟

في البداية تجدر الإشارة إلى أنّ الإخوان ليس لهم مشاريع حكم بل أدوار، وبالتالي فهم بمثابة تنظيمات مافيوزيّة قادرة على تنفيذ مهمّات، لذلك فإنّ هذه التنظيمات بعد تشكّلها ترسل إشارات تلتقطها القوى الكبرى فيرتبط وجود هذه التنظيمات بالمهمّات التي تسند لها وبالتحوّلات في الخارطة الجيوسياسية.

التغيّرات في المشهد السياسي في المغرب العربي جاءت نتيجة توحّد المزاج العام حول ضرورة إخراجهم من السلطة ومحاكمتهم بعد أن تأكّد للجميع حقيقة المهمّة التي أسندت لهم وهي ضرب أركان الدولة الوطنية في كلّ من تونس وليبيا وفي مصر وبالتالي فإنّ العبور للمشهد الجديد سيكون حتما عبر التخلّص من حكم الإخوان. 

في تونس لم تكن لهم حاضنة شعبيّة وحتّى نجاحهم في الانتخابات ارتبط باستغلال الدين وبتزييف الإرادات عن طريق المال السياسي وفي النهاية الشخصيّة المجتمعيّة في تونس لا يمكن إلاّ أن تلفظ هذه التنظيمات وهذا ما حصل في 25 جويلية/ يوليو.

في ليبيا استعان الإخوان بالأتراك وغيرهم من المرتزقة واستفادوا من الدعم السخيّ للقوى الكبرى ومن الأمم المتحدة التي تشرعن حكم الإخوان وتعتمد حيادا سلبيّا أو إيجابيّا حسب بوصلة الإخوان وحسب موازين القوى على الأرض.

في النهاية الخطّ الوطني استعاد عافيته وهو جاهز لخوض المعارك الانتخابية وفي مقدّمة هذه القوى الجبهة الوطنية.


بما تفسر تخوفات الإخوان من التغيير السياسي؟

الإخوان مورّطون وهم يعلمون تماما أنّ القوى الدولية التي أوصلتهم لسدّة الحكم ستعاقبهم على فشلهم، بل ستساعد خصومهم على التخلّص منهم في إطار بناءها لتحالفاتها الجديدة مع السلطة البديلة للإخوان.

إنّهم مورّطون في اغتيالات سياسية وفي تبييض أموال ... وبالتالي فإنّ تخوّفاتهم مبنيّة على ما اقترفوا في حقّ شعوبهم وأوطانهم.


ما أسباب فشل تيار الإخوان في الحكم ببلدان المغرب العربي؟

هم يعرفون طريق الوصول للسلطة عبر التسلّل للوعي الجمعي من بوّابة الدين، ولكن ليس لهم فكر سياسي واقعي يتيح لهم إدارة دولة بمؤسّساتها وهم يعلمون ذلك تماما لذلك يؤسّسون تنظيمات عقائديّة جاهزة للقيام بأدوار وبالتالي فإنّ فشلهم حصيلة موضوعية وليس نتيجة لصراعات، وإن كانت القوى الوطنيّة سرّعت بسقوط الإخوان.


برأيك.. هل يتجه الإخوان إلى العنف السياسي لمنع التغيير في بلدان المغرب العربي؟

هذا وارد لأنّ هذه التنظيمات تعلم محدودية كفاءتها وحتّى قدرتها على المناورة وخوض الصراعات السياسية فهي تعدّ بدائلها لإعادة افتكاك السلطة أو للإفلات من العقاب وهذا البديل هوّ العنف والإرهاب والاغتيالات.


هل يمكن أن يكون الإخوان تحالفات مع تنظيمات متطرفة؟

هذه أيضا حصيلة موضوعيّة لأنّ المرجعيّات واحدة والبناء التنظيمي متشابه أحدهما يبدأ بالعنف والآخر ينتهي إليه والأمثلة عديدة على تحالف التنظيمات الإخوانية والإرهابية في دول مثل ليبيا وذلك على سبيل الذكر لا الحصر.


ماذا عن مفهوم الديموقراطية عند الإخوان؟ 

الإخوان يعتبرون الديمقراطية أداة للوصول إلى السلطة فحسب لأنّهم في النهاية يرفضون التعدّدية الاختلافية التي هيّ جوهر الديمقراطية، ويرفضون المساواة في المواطنة التي يتأسّس عليها البناء النظري للديمقراطية ويتخلّصون من خصومهم عن طريق التنفير وكلّ الأساليب الاقصائية بما فيها التصفية الجسديّة.


لماذا تشكل الاستحقاقات الانتخابية في دول المغرب العربي مصدر قلق للإخوان؟ 

دول المغرب العربي هيّ الدول الأكثر انفتاحا وهي بحكم موقعها الجغرافي دائرة صراعية كبرى للقوى الدولية فتعدّد الفاعلين في المنطقة يعسّر مهمتهم في إتمام قبضتهم على الدولة والمجتمع فضلا على أنّ الشخصية المجتمعية ترفض التنظيمات المنغلقة والمتشددة بحكم القرب من أوروبا وحتّى بحكم التعدّد العرقي والثقافي في هذه المناطق: أمازيغ، عرب، أندلسيين...


أخيرا.. أي مستقبل لتيار الإسلام السياسي في المنطقة؟

في تونس فقد تيار الإسلام السياسي مصداقيته وافتضح أمره وأصبح مرفوضا ملفوظا من قبل المزاج العام، وفي ليبيا افتكّت القوى الوطنية كلّ المساحات في الفضاء العام وهو لا زال لاعبا سياسيا بفعل الاسناد الذي يتلقّاه من القوى الدولية والتواجد التركي على الأرض.

لكي لا نطيل أكثر في تونس يمكن الحديث عن نهاية الإسلام السياسي والمسألة مسألة وقت، وفي ليبيا ارتكب الإخوان كلّ الفظاعات والخيانات والأخطاء الممكنة، واندحار الإسلام السياسي رهين انسحاب القوى الأجنبيّة وستحسم المسألة لصالح القوى الوطنيّة في أوّل انتخابات نزيهة.

اما في الجزائر أعتقد أنّ الاسلام السياسي يمثّل قوّة ضاربة تمّ تحييدها بقانون الوئام المدني لكنّه حاضر بقوّة في النسيج الاقتصادي والاجتماعي في المحصّلة قوّة الأجهزة وخبرتها تجعلها قادرة على التحكّم في الإسلام السياسي.

وفي المغرب لا يمثّل الإسلام السياسي قوّة مؤثّرة في المشهد بحكم المعطيات السوسيولوجية وعلاقات المغرب بالاتحاد الأوروبي بما يمنع خطوط الإمداد عن تيّار الإسلام السياسي.

إنّ "الضربة القاسمة" على حدّ تعبير الصغيّر أولاد أحمد لتيّار الإخوان في المغرب العربي جاءت من مصر باعتبار رمزيّة تيّار الإخوان وباعتبار الوزن العسكري والسياسي لمصر في المنطقة. لقد كان وصول السيسي لسدّة الحكم بداية النهاية لصعود الإخوان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.