تأجل الحسم في اختيار الرئيس التونسي إلى دورة انتخابية ثانية، مما يقوي حالة الاستقطاب بين المرشحين الباجي قائد السبسي الذي حل في مرتبة أولى، والمنصف المرزوقي الذي حل في مرتبة ثانية.
وسيكون الرهان في الدورة الثانية المقررة نهاية الشهر القادم رهان استقطاب الداعمين خاصة جمهور المرشحين الذين انسحبوا من الدورة الأولى.

تتجه الأنظار إلى موقف الجبهة الشعبية (أقصى اليسار) التي حلت في مرتبة ثالثة بدرجة أولى بنسبة تقارب العشرة بالمئة، وهي نسبة مهمة، ويرجح متابعون للشأن التونسي أن تترك الجبهة الحرية لناخبيها كي يصوتوا حسب قناعاتهم الشخصية، وغالبيتهم سيكونون في صف السبسي في مواجهة المرزوقي المدعوم من حركة النهضة التي تقف على طرفي نقيض مع اليسار.

وقلل المراقبون من تقييمات سياسية تقول إن حركة النهضة يمكن أن تعيد النظر في علاقتها الاستراتيجية بالمرزوقي، لافتين إلى أن الحركة هي من تسوق لهذه الفكرة في محاولة لاستمالة السبسي وإيهامه بأنها تستطيع أن تتخلى عن المرزوقي.

واعتبر المراقبون أن النهضة تجند قواعدها لانتخاب المرزوقي مثلما حصل في الدور الأول رغم أنها شددت مرارا على “الحياد” الذي لا يعدو أن يكون خدعة.
ومباشرة بعد توضح تقدم السبسي على المرزوقي في استطلاعات رأي الناخبين وبعدها مع نتائج الفرز الأولية، بدأت قيادات النهضة تلـمح مجددا إلى الحياد بحثا عن “صفقة” مع نداء تونس قوامها الحكومة القادمة، أو الحصول على ضمانات من السبسي شخصيا بعدم فتح ملفات قياديين بالحركة على خلفية قضايا فساد ومحسوبية واختراق مؤسسات حساسة بالدولة حصلت في فترة حكومتيْ الترويكا (2011 / 2013).

وصرح رئيس حركة النهضة الإسلامية أمس بأن مجلس شورى الحزب سيعقد اجتماعا للنظر في إمكانية تعديل موقف الحياد من الانتخابات الرئاسية.

وقال راشد الغنوشي رئيس الحركة في تصريحات لإذاعة “موزايك اف ام” الخاصة إن مجلس شورى الحركة، وهو أعلى هيئة بالحزب، سيجتمع للنظر في مسألة مساندة مترشح في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية وتعديل موقفه الأول الذي التزم فيه الحياد.

وأضاف الغنوشي أن “حركة النهضة مازال موقفها هو الحياد. المؤسسات ستجتمع لتقرر هل تواصل الموقف أم تغيره”.

واستبعد المراقبون أن تنجح النهضة في خداع الطبقة السياسية هذه المرة، خاصة أن حليفها المرزوقي قطع كل أشكال التواصل مع الجميع، ووسع دائرة أعدائه بتصريحات استعمل فيها ترسانة من مفردات العنف، فضلا عن لعبه ورقة المجموعات المتشددة.

وفي سياق متصل، اتهم السبسي منافسه المرزوقي بأنه مرشح”السلفيين الجهاديين”.

وقال الباجي قائد السبسي (87 عاما) في تصريح الاثنين لإذاعة “إر إم سي” الفرنسية “من صوتوا للمرزوقي هم الإسلاميون الذين رتبوا ليكونوا معه، وهم إطارات (حزب حركة) النهضة (..) والسلفيون الجهاديون (..) ورابطات حماية الثورة وكلها جهات عنيفة”.

وتوقع أن تونس ستنقسم خلال الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية إلى “شقين اثنين: الإسلاميين من ناحية وكل الديمقراطيين وغير الإسلاميين من ناحية أخرى”.