تعتبر ليبيا، احدى أغنى دول المنطقة، حيث تملك أكبر احتياطات نفطية في أفريقيا، لكن البلد العربي يعاني منذ سنوات أوضاعا اقتصادية صعبة جراء تعرض قطاع النفط، منذ العام 2011، إلى مشاكل وصعوبات متزايدة، وضعت مصدر الدخل الوحيد للبلاد على حافة الإفلاس وأثرت بشكل كبير على المستوى المعيشي للمواطن.

وتسعى ليبيا، لاعادة هيكلة القطاع الحيوي وتحسين القدرة الانتاجية من خلال اعادة الحقول النفطية التي توقفت جراء الصراعات والاستهداف المتكرر، الأمر الذي يشكل بداية لانتعاشة منتظرة وآمال كبيرة بتحسن اقتصادي قادم.

آبار نفطية تعود للعمل

في خطوة مبشرة، نجحت عمليات صيانة لآبار نفطية متوقفة منذ سنوات وإعادتها للعمل.وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط، إن الإدارة العامة للعمليات بشركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز ، نجحت في إعادة بئر نفطية إلى الإنتاج بمعدل 1700 برميل من الخام يوميا، وقالت المؤسسة، أن البئر عاد للإنتاج وتم ربطه بالمجهودات الذاتية والإمكانيات المتوفرة

ووفق المؤسسة، نجحت إدارة العمليات بشركة سرت أيضا في اعادة بئر كان مقفلا منذ سنة 2014 بالإضافة إلى ربط بئرين آخرين بقدرة إنتاجية 750 برميل يوميا على الخانق نصف بوصة وبدون مياه مصاحبة

كما أعلنت شركة الواحة للنفط، استئناف العمل بمحطة نفطية وزيادة الإنتاج من حقل الظهرة.وأكدت الشركة عبر صفحتها الرسمية بموقع " فيسبوك " أن هذه الخطوة تأتي في إطار خططها وبرامجها لإعادة إعمار وتطوير حقول الامتياز 32، حيث تمكن فريق الإنشاءات والصيانة من عمليات التشغيل، بعد إجراء جميع الاختبارات اللازمة.

وأشارت الشركة إلى أن المحطة قادرة على استيعاب الكميات المراد إنتاجها حال صيانة الآبار المستهدفة، حيث يبلغ الإنتاج الحالي للحقل 40 ألف برميل نفط خام يومياً، و40 مليون قدم مكعب من الغاز.

إرتفاع قياسي للإيرادات

وتعتبر اعادة هذه الآبار النفطية، خطوة هامة لزيادة الانتاج النفطي في البلاد، بعد أن نجحت في تحقيق حصيلة إيرادات تعتبر الأعلى خلال 2022 تجاوزت 22 مليار دولار، وارتفع الإنتاج إلى 1.2 مليون برميل يومياً مع وجود خطط حكومية تطمح إلى العودة لمستويات 2010 عندما كانت تنتج 1.6 مليون برميل يومياً في غضون عامين أو ثلاثة أعوام.

وفي وقت سابق، توقع صندوق النقد الدولي بأن تشكل ليبيا أسرع نمو اقتصادي خلال عام 2023، بنسبة 17.9% بينما ينمو القطاع النفطي بنحو 22%.وأوضح الصندوق في تقرير له أن ارتفاع أسعار النفط الخام وقوة نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، يعوضان تأثير ارتفاع أسعار الغذاء جراء الحرب الروسية الأوكرانية.

ويشير مراقبون، إلى أن عودة عديد آبار النفط الليبي للعمل بعد توقفها وغياب الصيانة عنها، من شأنه ايقاف نزف الخسائر المالية التي تكبدتها البلاد خلال السنوات الماضية والتي بلغت أرقاما صادمة.وشير هؤلاء الى أن ارتفاع الإيرادات النفطية، يحمل مؤشرات ايجابية حيث من شأنه أن يعزز قيمة الدينار الليبي، ويغذي احتياطيات النقد الأجنبي.

بعيدا عن التجاذبات السياسية

وظل النفط نقطة خلاف رئيسية بين حكومات ليبيا، على مدى السنوات الماضية، وتعرضت الحقول النفطية لنيران الاقتتال والاغلاقات من قبل الأطراف المتنازعة والمجموعات المسلحة الموالية لها، وتعرضت الكثير من الآبار للتوقف بسبب تهالك البنية التحتية وانقطاع التيار الكهربائي في عدد من الحقول.

وأدى دخول المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، على خط الصراع السياسي والعسكري الدائر في البلاد، بانحيازها لأحد أطراف الصراع، إلى مزيد من الانقسامات داخلها ما أثر بشكل كبير على القطاع النفطي.وفي يوليو/تموز الماضي، أعفى رئيس حكومة الوحدة، عبدالحميد الدبيبة، رئيس مؤسسة النفط السابق مصطفى صنع الله من منصبه، وعين الرئيس السابق لمصرف ليبيا المركزي، فرحات بن قدارة، في مكانه.

ومنذ تسلمه منصب رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، حرص بن قدارة على التأكيد على حيادية المؤسسة وابعاد القطاع النفطي عن التجاذبات السياسية.وقال في كلمة ألقاها عقب تسلمه مهمات عمله، إن الأطراف الدولية والمحلية اتفقت على أن تأتي لإدارة المؤسسة شخصية ليس لها انتماء سياسي أو أيديولوجي لتديرها بشكل محايد ومهني.

وفي أعقاب تعيين بن قدارة على راسها، أعلنت مؤسسة النفط رفع حالة القوة القاهرة عن جميع حقول النفط والمواني.وساهم القرار في عودة عودة حقل الفيل، الواقع في حوض مرزوق بالجنوب إلى الإنتاج، ، عاد الإنتاج مع فتح الآبار من الحقول التابعة لشركة الواحة للنفط ، كما استؤنف الإنتاج من حقول النافورة وتيبستي والغاني التابعة لشركة الهروج، وحقلي النافورة والبيضاء التابعين لشركة الخليج العربي للنفط.

وتواجه ليبيا تحديات كبيرة في ظل انقسام الانقسام السياسي، ووجود حكومتين، الامر الذي يؤثر علي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.وويأمل الليبيون، أن تكون انتعاشة القطاع النفطي، بوابة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وان ينعكس الأمر على الوضع السياسي خاصة بعد التوافق الأخير بين مجلسي النواب والدولة، والذي قد يمهد لانتخابات من شانها ارساء سلطة موحدة وعودة الاستقرار والانطلاق في البناء.