تعد ليبيا إحدى أغنى دول إفريقيا نفطياً، حيث تمتلك أكبر مخزون للنفط في الإقليم، إذ تقدر الاحتياطات النفطية المؤكدة فيها بنحو 46. 6 مليار برميل. 

وكانت ليبيا العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) تضخ قرابة 1.6 مليون برميل يوميا أو أكثر قبل أن يؤدي الصراع وعمليات الإغلاق والانقسامات السياسية في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا إلى تقليص الإنتاج منذ العام 2011.

رغم هذه المؤشرات الإيجابية إلا أنه سياسة الاقتصاد الريعي، وغياب الاقتصاد الإنتاجي، جعلها تعاني من مشكلات اقتصادية كبيرة، تسببت في انهيار الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية.

ففي ليبيا أجمع خبراء الاقتصاد بأنه يصنف في خانة "اقتصاد النفط الريعي" خاصة في ظل وجود نخبة سياسية تحاول الإمساك والسيطرة على الريع والاستحواذ عليه واعتماده كمحرّك أساسي إن لم يكن حصريا للعجلة الاقتصادية.

في نفس الإطار نشبت معارك ومحاولات الاستيلاء على الهلال النفطي في مناسبات عديدة من سنة 2018، باستخدام ميليشيات محلية، يقودها ابراهيم الجضران وهو سجين سابق في قضايا جنائية، حيث تم توظيفه حسب تقارير رسمية من  أطراف داخلية، مثل جماعات الإسلام السياسي، متمثلة في "سرايا الدفاع عن بنغازي"، وهي تحالف من المقاتلين لهم صلات مع تنظم أنصار الشريعة، المبايع لـداعش، والتي سهلت له التواصل مع قيادات إرهابية مثل مختار بلمختار، أمير الموقعين بالدم، ومن أقوى زعماء عصابات التهريب في منطقة الصحراء، الذي شارك في الهجمات على الهلال النفطي، صحبة قوات المتمرد التشادي تيمان أرديمي في معارك تم تمويلها بأموال وسلاح قطري.

النفط الليبي رغم أنه مصدر الدخل الريعي، فإنه يتعرض لحالات توقف الإنتاج أو إيقافه للأسباب ذاتها، ليس آخرها إيقاف تدفق النفط والغاز من حقل الشرارة النفطي جنوب غربي ليبيا، بخسارة تقدر بنحو 30 مليون دولار يومياً، ستسهم في سوء الحالة الاقتصادية للبلاد، رغم أن أسباب الإيقاف تنطلق من حالة الشعور بالغبن والاستحواذ عليه في العاصمة طرابلس، وتهميش الباقي، وسياسة الحكومات في اختزال ليبيا في طرابلس وما جاورها، رغم أن منابع النفط خارجها؛ مما تسبب في غضب برقة وفزان حيث منابع النفط، وغياب أي مشروعات تنموية تذكر، منذ سنين.

وحذر تقرير صدر أواخر سنة 2018 عن مجموعة الأزمات الدولية، من تسبب الصراع على عائدات النفط والغاز في ليبيا في تفاقم الأزمات الاقتصادية، خصوصاً بعد القتال الذي وقّع يونيو الماضي بالمنطقة الساحلية "الهلال النفطي" التي تحوي معظم منصات تصدير النفط، والاستيلاء العسكري على المنشآت النفطية، ما تسبب في خفض صادرات ليبيا النفطية إلى النصف تبعه انخفاض حاد في العائدات من العملة الأجنبية.

خارجيا، يعتبر النفط الليبي محور الصراع الغربي حول ليبيا منذ سنة 2011 حيث توضحت صراعات المحاور من خلال مواقف مختلف الدول الغربية الساعية لتحقيق مصالحها متمثلة في مصالح شركاتها العاملة بليبيا.

حيث يتواجد على الأراضي الليبية عدد كبير من الشركات العاملة بالنفط، إلا أن أهم 5 شركات عالمية تشكل تفاصيل المشهد، خاصة أنها تعمل في البترول والغاز، وأعمال التنقيب والبحث والإنتاج، وذلك بحسب دراسة أعدها المركز الليبي للدراسات، حصلت "سبوتنيك" على نسخة منها، من خلال عادل الطلحي أحد أعضاء المركز.

بحسب الدراسة، فإن "إيني" الإيطالية تعتبر أكبر شركة نفطية تعمل في ليبيا، ويبلغ إنتاجها نحو 600 ألف برميل نفــط مكافئ يوميا (نفط خام، غاز طبيعي، مكثفات غازية من بروبان وبيوتان ونافتا)، وكذلك إنتاج نحو 450 طنا من عنصر الكبريت يوميا

وتابعت الدراسة، "الشركة تدير عددا من الحقول النفطية البرية المنتشرة على الجغرافيا الليبية، وحقولا بحرية متمثلة في ثلاث منصات بحرية، وخزان عائم".

يرى مراقبون أن النفط أمسى الورقة الأبرز المستخدمة حاليا في عمليات الصراع الدولي على الأراضي الليبية إذ إن كلا من فرنسا وإيطاليا تسعيان للسيطرة على النفط وضمان مصالحهما، وأن هذا الصراع سيحول دون تنفيذ أية خطوات للأمام في ليبيا، وسيطيل من أمد الأزمة، خاصة أن الميليشيات التي تسعى لعرقلة أي اتفاق أو خطوات للأمام هي مدعومة من الخارج.