تعد ليبيا إحدى أغنى دول إفريقيا نفطياً، حيث تمتلك أكبر مخزون للنفط في الإقليم، إذ تقدر الاحتياطات النفطية المؤكدة فيها بنحو 46. 6 مليار برميل.

وكانت ليبيا العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) تضخ قرابة 1.6 مليون برميل يوميا أو أكثر قبل أن يؤدي الصراع وعمليات الإغلاق والانقسامات السياسية في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا إلى تقليص الإنتاج منذ العام 2011.

وحققت ليبيا خلال شهر يناير 2021 معدلات قياسية استطاعت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا ، وذلك بعد المحافظة على المعدلات الإنتاجية اليومية.

 في الوقت الذي يتحدث فيه محللون عن تحديات قائمة يواجهها عمل المؤسسة، وسط تحذيرات من "انهيار المرافق الحيوية"، وفي ظل اقتصاد مُنهك، ومعوقات تستلزم "رؤية اقتصادية جديدة".

ففي ليبيا أجمع خبراء الاقتصاد بأنه يصنف في خانة "اقتصاد النفط الريعي" خاصة في ظل وجود نخبة سياسية تحاول الإمساك والسيطرة على الريع والاستحواذ عليه واعتماده كمحرّك أساسي إن لم يكن حصريا للعجلة الاقتصادية.

ففي أحدث البيانات الصادرة عن المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، تكشف عن ارتفاع قياسي في إيرادات مبيعات النفط الخام والغاز والمكثفات والمنتجات البترولية والبتروكيماويات، والتي وصلت إلى مليار و409 آلاف دولار في شهر يناير الماضي، وذلك بزيادة قدرها 300 ألف دولار عن الشهر السابق عليه.

ويعزي خبراء اقتصاد هذه المعدلات إلى عدة عوامل أهمها هدوء الأوضاع الداخلية وتوقف الحرب، بموازاة ارتفاع سعر النفط على المستوى العالمي، بالتزامن مع تواصل تدفقات النفط في ليبيا فوق المليون برميل يومياً.

وفي تقدير الأمين العام للمركز الليبي للتنافسية الاقتصادية وتطوير القطاع الخاص فوزي عمار فإنه "إذا استمر الوضع على ما هو عليه، وإذا لم تقم حالة احتراب جديدة بالبلاد، فإن تدفقات النفط في ليبيا سوف تستمر على هذا النمط في الفترة المقبلة، ما بين مليون و200 ألف برميل في اليوم ومليون 300 ألف برميل".

في ذات الصدد،كشفت وكالة " بلومبيرغ"في تقرير نشرته أواخر السنة الماضية، مستقبل إنتاج النفط في ليبيا، وقالت إن العودة السريعة وارتفاع الإنتاج للنفط الليبي جاءت أسرع من المتوقع.

وكانت وكالة "بلومبيرغ"قد نشرت مطلع أكتوبر الماضي تقريرا توقعت فيه أن يبلغ الإنتاج النفطي في ليبيا "مليون برميل يوميًا"مع حلول شهر مارس المقبل، وذلك في حال استمرار الاستقرار الذي تشهده منطقة الحقول والموانئ النفطي.

من ذلك يرى مراقبون أن الإيرادات النفطية مستمرة على معدلاتها الأخيرة، ولا توجد معوقات حالياً بعد توقف الحرب، وتسير وفق المعدل الطبيعي في إطار المليون و300 ألف برميل يومياً، لكن التحديات الاقتصادية القائمة التي تشهدها ليبيا على رغم توقف الحرب وعودة التدفقات النفطية.

إذ مشكلتين رئيستين تواجه الاقتصاد الليبي الأولى مرتبطة أولاً بمسألة توزيع الثروة بين الأقاليم الليبية، وهذا ما سبَّبَ الإقفال في الفترة السابقة (الفترة التي توقف فيها إنتاج النفط، والتي بلغ إجمالي الخسائر خلالها حوالي 6.27 مليار دولار خلال 164 يوماً).

ويتواجد على الأراضي الليبية عدد كبير من الشركات العاملة بالنفط، إلا أن أهم 5 شركات عالمية تشكل تفاصيل المشهد، خاصة أنها تعمل في البترول والغاز، وأعمال التنقيب والبحث والإنتاج، وذلك بحسب دراسة أعدها المركز الليبي للدراسات.

بحسب الدراسة، فإن "إيني" الإيطالية تعتبر أكبر شركة نفطية تعمل في ليبيا، ويبلغ إنتاجها نحو 600 ألف برميل نفــط مكافئ يوميا (نفط خام، غاز طبيعي، مكثفات غازية من بروبان وبيوتان ونافتا)، وكذلك إنتاج نحو 450 طنا من عنصر الكبريت يوميا.

وتابعت الدراسة، "الشركة تدير عددا من الحقول النفطية البرية المنتشرة على الجغرافيا الليبية، وحقولا بحرية متمثلة في ثلاث منصات بحرية، وخزان عائم".

إلى ذلك،يرى متابعون للشأن الليبي أن النفط أمسى الورقة الأبرز المستخدمة حاليا في عمليات الصراع الدولي على الأراضي الليبية إذ إن كلا من فرنسا وإيطاليا تسعيان للسيطرة على النفط وضمان مصالحهما، لكن الأمل لتحسن الأوضاع يبقى قائما خاصة بعد بداية إتجاه البلاد نحو الإستقرار السياسي.