دعا عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عمر النعاس، جميع أبناء الشعب الليبي إلى التمسّك بحقهم في تقرير مصيرهم من خلال الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أقرّته الهيئة التأسيسية يوم 2017/7/29 وعدم التفريط في هذا الحق.

وقال النعاس في ورقة تحليلية بعنوان (هاجس التغيير... وكابوس عصر العولمة)، :"وجهة نظر للتاريخ؛.. بغضّ النظر عن المسمّيات ..سواء ثورة أو انتفاضة.. أو غيرها.. إن ما يحدث في ليبيا منذ فبراير/2011 - (سواء ارتضيته أم لا)- هو تغيير جذري وجوهري وشامل في كيان الدولة ونظام الحكم فيها. هذا التغيير مصدره الشعب الليبي، الذي يواصل مسيرته بكل عزيمة وإصرار للوصول إلى غايته، وتقرير مصيره وتأسيس دولة الدستور والقانون التي ينشدها. إنّ هذا التغيير يشكّل تجربة جديدة ليس لها مثيل في التجارب المقارنة (الإقليمية تحديدا)، ومن الإنصاف أن تتوافر السبل لإنجاح هذه التجربة الفريدة، أو على الأقل عدم عرقلة أسباب نجاحها"، بحسب تعبيره.

وتابع النعاس، "إن نجاح الشعب الليبي في تحقيق مبتغاه هو الهاجس الذي يهيمن على كثير من حكّام المحيط الإقليمي الذين يتسابقون لإجهاض مسيرة التغيير وعرقلة الشعب الليبي عن تحقيق هدفه، ويعملون بكل الوسائل على وأد هذه التجربة الديمقراطية التي تؤسس لمبدأ الشعب مصدر السلطات، وهو المبدأ الذي يؤسس لدولة القانون والمؤسسات والتداول السلمي على السلطة، ويضمن حق المشاركة السياسية لكل أبناء الشعب في إدارة شؤون الدولة دون أي تفرقة أو تمييز أو إقصاء. كما إن التغيير في ليبيا يعني قيام دولة القانون وخضوع الدولة ومؤسساتها لحكم القانون، وهذا التغيير لن يتقبّله ببساطة أولئك الذين يعتقدون أنهم فوق القانون؛ (سواء المتمسّكون بالسلطة الأبوية الوراثية والمتوارثة على مدى عقود من الزمن، أو الذين يحكمون بلدانهم بوثائق دستورية صورية، في حين تغط شعوبهم في سبات عميق). كما أن القوى الأجنبية تؤسس رهاناتها في محيطنا الإقليمي على (نظرية أحادية السلطة)؛ سواء حزب واحد يحكم، أو (شخصية /عائلة) واحدة حاكمة، ولهذا فهي لن ترض بحراك شعبي ديمقراطي، ونلاحظها تقوم بعرقلة المسار التأسيسي الدستوري، من خلال طرح مبادرات لترسيخ مراحل انتقالية جديدة (باريس، روما، برلين،...)، حيث أن هاجسها يكمن في إمكانية قيام نظام ديمقراطي يستمد شرعيته من الشعب ولا يخضع لأي هيمنة أجنبية"، على حد قوله.  

وأضاف، "إن المصدر الحقيقي لخوف الحكّام الإقليميين يكمن في صحوة شعوبهم على ايقاع طبول انتصار الشعب الليبي في بناء دولة المؤسسات والتداول السلمي على السلطة وفق وثيقة دستورية من صناعة هذا الشعب ونابعة من إرادته الحرّة، ترسّخ للأمن والسلام والاستقرار، وتحقق المصالحة. وإذ نحن نعيش عصر العولمة، فإن لحظة فرح الشعب الليبي بانتصاره ستكون كابوس اليقظة والمنام لأولئك الحكّام، ونجاح التجربة الليبية لن يجعلها حبيسة الحدود الجغرافية، بل سيتردّد صداها في الآفاق، وسيعرف أولئك الحكّام الجاهليون أنهم ليسوا آلهة مخلّدون بل هم كشعوبهم بشر فانون. وأدعو كل الليبيين والليبيات للتمسّك بحقهم في تقرير مصيرهم من خلال الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أقرّته الهيئة التأسيسية يوم 2017/7/29 وعدم التفريط في هذا الحق. إن يوم الاستفتاء يوم مفصلي في تاريخ ليبيا المعاصر لأنه يوم تحرير الإنسان الليبي لتقرير مصيره"، بحسب وصفه.