دعا عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عمر النعاس، الشعب الليبي إلى التيقّظ حتى لا تكون ليبيا ضحيّة لمصالح دول أجنبية أو "مطامح حكّام إقليميين".

وقال النعاس، في ورقة تحليلية بعنوان "علينا التيقّظ... إنهم لا يريدون الخير لبلادنا"، "في رأيي؛ تتباين مصالح الدول الأجنبية والإقليمية بتدخّلها في الشأن الليبي وفقاً للحقائق الأتية، الحقيقة الأولى: الدول الأجنبية بغضّ النظر عن الرأي الشخصي فيها، هي دول مؤسسات، أي أن الحاكم يأتي عن طريق الانتخابات الشعبية، ويستلم منصبه لفترة وينتهي، وتكون مصلحة الدولة هي فوق مصالح الحكّام الشخصية، وذلك لأن الدستور يرسّخ لمصلحة الدولة ويقيّد سلطات الحاكم، فلا تكون السلطة مطلقة في يده. إن دولة المؤسسات لا تزول بزوال الحاكم فالحاكم عبارة عن موظف في مؤسسة الدولة، وهو يُعزل ويزول ويموت ولكن تبقى دولة المؤسسات قائمة. والخلاصة: أن تدخّل الدول الأجنبية في ليبيا هو أمر تحكمه مصالح هذه الدول، وليس هناك أي قيمة أو اعتبار لمصلحة ليبيا أو لمصلحة الشعب الليبي بهذه التدخلات. إن تدخّل القوى الأجنبية في ليبيا يكون لنشر الفوضى، وترسيخ الفساد وتأجيج الصراع وإطالة مدته لزيادة معاناة المواطن الليبي وتدمير البنية التحتية، وذلك كله لتحقيق غاية واحدة هي استنزاف ثروات البلاد، وحرمان الشعب من قوت يومه، ودفعه لحافة الفقر والإفلاس والجوع وضنك العيش. إن ما يهم الدول الأجنبية هو مصالحها وتوسيع نطاق نفوذها، ولهذا يجب على السلطات العامة وعلى الشعب الليبي رفض كل أشكال التدخلات الأجنبية، ومقاومتها بكل الوسائل لتأكيد مبدأ السيادة الوطنية وحرية الشعب الليبي واستقلاله، وسيادته على ثرواته ومصدر رزقه"، بحسب تعبيره. 

وتابع النعاس، "الحقيقة الثانية: الدول الإقليمية؛ يحاول البعض وصفها بأنها دول مؤسسات، إلا أنها في الواقع هي (دول حكّام وليست دول مؤسسات)، وحكومات هذه الدول لا تعبّر عن شعوبها ولكنها خاضعة لأهواء القابضين على مقاليد السلطة سواء كانوا (رؤساء أو ملوك أو أمراء أو غيرهم..)، وبغضّ النظر عن كيفية وجود هؤلاء في السلطة، إلا أنهم لا يخضعون لأي دستور يقيّدهم، أو يحاكمهم أو يعزلهم، لأنهم ونسلهم وذرياتهم حكّام رغم أنوف شعوبهم، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. الخلاصة: إن تدخّل هؤلاء "الحكّام" في الشأن الليبي لا علاقة له بمصالح الشعب الليبي، وليس حباً في أشخاصٍ بعينهم، ولكن السبب الرئيسي لتدخلاتهم هو الحفاظ على سلطانهم وعروشهم. إن نجاح الشعب الليبي في تأسيس دولة الدستور هو الهاجس والكابوس الذي ينغّص عليهم راحتهم، وهو الخطر الذي يهدّد بزوال عروشهم، لأن نجاح التجربة الليبية ستكون بمثابة موجة تسونامي تضرب المنطقة من المحيط إلى الخليج وستوقظ المارد الذي حاولوا تنويمه طوال عقود من الزمن، كما أيقظت الثورة الفرنسية شعوب أوروبا من سباتها في القرن الثامن عشر"، على حد قوله.

وتابع، "إن سبب تدخّلات هؤلاء الحكّام هو الخوف من صحوة شعوبهم على أنغام الأهازيج الصادحة من الليبيين والليبيات بانتصار تجربتهم الديمقراطية وبناء دولة الدستور الذي يصنعه الشعب. دولة المؤسسات والتداول السلمي على السلطة، دولة الحقوق والحريات وتحقيق التنمية والتوزيع العادل لمقدّرات الدولة، وضمان الحياة الحرّة الكريمة لكل الليبيين والليبيات وضمان مشاركتهم الفعلية في تقرير مصيرهم وإدارة شؤون بلادهم دون مصادرة لحقوقهم أو وصاية عليهم من أحد. كما إن تدخّل (حكّام الدول الإقليمية) هي محاولة لإجهاض تجربة الشعب الليبي وعرقلة مسيرته الديمقراطية لبناء الدولة التي ترسّخ لسيادة الشعب مصدر السلطات، وغاية هؤلاء الحكّام تتلخّص في وأد نبض الشعب الليبي، وحجب وصوله إلى الشعوب المنوّمة في مقاطعاتهم التي يحكمونها. ولذلك علينا التيقّظ وألّا نكون ضحيّة لمصالح دول أجنبية أو مطامح حكّام اقليميين، فهم لا يريدون الخير لبلادنا؛ فمنهم من يبحث عن مصالح بلاده، وهناك من يريد المحافظة على عرشه"، بحسب وصفه .