قال عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عمر النعاس، إن اللحظة الدستورية هي لحظة تغيير جوهري في شكل نظام الحكم في الدولة، وتتجلّى هذه اللحظة في انتصار إرادة الشعوب لبناء دولة الدستور والقانون.

وأوضح النعاس، في ورقة تحليلية بعنوان (اللحظة الدستورية.. وكتابة الدساتير) خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منها، أن الدساتير الحقيقية لا تُكتب في وقت السلم حيث تكون البلاد في حالة استقرار وراحة وهناء، إذ لن تكون هناك حاجة تدعو الشعوب للتغيير؛ ولكن يجوز إجراء إصلاحات دستورية من خلال تعديل نص دستوري قائم أو إضافة نص جديد وفق آلية محدّدة.

وأكد النعاس، أن الدستور الحقيقي الناجح يُكتب وقت الأزمات، ويهدف إما للخروج بالبلاد من أزمة قائمة تهدّد كيانها أو لتفادى الوقوع مستقبلا في أزمة قد تعصف بوجودها، قائلا "في الأنظمة الدستورية المقارنة، لم تأت الدساتير في وقت سلام وفرح كما يتصوّر البعض، بل جاءت في أوقات عصيبة ومفصلية، وأمثلة ذلك كثيرة قديماً وحديثاً: الدستور الأمريكي كُتب سنة 1787 وتم إقراره سنة 1789، وجاء لتفادي انهيار وتفكّك الكونفدرالية الأمريكية حينها، ولتشكيل حكومة أمريكية مركزية قوية فاعلة... دستور المانيا الاتحادية المؤقت صدر سنة 1949 تحت الاحتلال وكانت المانيا مقسّمة، وأهم أهداف الدستور كان تحقيق الوحدة الألمانية التي أعلنت سنة 1990.. الدستور الليبي سنة 1951 جاء للخروج بالبلاد من مرحلة الإدارة والهيمنة الأجنبية إلى تحقيق الاستقلال، وإعلان ليبيا دولة مستقلة بأقاليمها الثلاثة.. دستور جنوب أفريقيا الذي اصدرته الجمعية الدستورية سنة 1996 جاء لإنهاء مرحلة انتقالية مؤقتة كان ينظّمها الدستور المؤقت الصادر سنة 1993.. دستور تونس الذي اصدره المجلس التأسيسي سنة 2014 جاء في فترة تغيير وتحوّل بعد ثورة يناير ولم تكن البلاد في حالة استقرار وسلام، ودستور مصر سنة 2014 جاء بالاستفتاء في فترة تغيير بعد ثورتي يناير ويونيو، ولم يأت خلال فترة استقرار وسلام".

واختتم النعاس ورقته مبينا، "أن مشروع الدستور الليبي أقرّته هيئة تأسيسية منتخبة من الشعب الليبي خلال مرحلة انتقالية طويلة يحكمها إعلان دستوري مؤقت صدر سنة 2011، وجاء ليكون دستوراً دائماً للبلاد بعد موافقة الشعب عليه في الاستفتاء. والهدف الأساسي من الدستور الدائم هو الانتقال بالبلاد من المرحلة الانتقالية التي يسود فيها الصراع إلى مرحلة استقرار يحكمها الدستور والقانون ويسود فيها مبدأ التداول السلمي على السلطة، وتقوم دولة المؤسسات، وتصان فيها الحقوق والحريات، وتتحقق العدالة والتنمية في ربوع ليبيا".