في ما يلي النص الكامل لكلمة  إبراهيم الدباشي، المندوب الليبيي في الأمم المتحدة، يوم الإثنين 15 سبتمبر في  جلسة مجلس الأمن المخصصة للإستماع الى تقرير مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى ليبيا 

"أشكر السيد برناردينو ليون على إحاطته الشاملة.

أشكر السيد رئيس لجنة العقوبات على إحاطته حول أعمال اللجنة.

يؤسفني أن أقول أن الحرب التي جرت ومازالت تجري بين الأشقاء في مدينة طرابلس وما حولها، منذ الثالث عشر من يوليو الماضي، قد تسببت في مقتل ما يزيد على 500 ، وجرح ما يزيد على الألف من المغرر بهم والمدنيين، ودمرت ممتلكات للدولة والمواطنين تقدّر بمليارات الدولارات، ودُمِّر النسيج الاجتماعي الليبي، وأصبح الخطف والتعذيب ممارسة معتادة ضد المخالفين في الرأي والمؤيدين لمجلس النواب والسلطات الشرعية.

وليس هناك ما يدل على أن هذه الممارسات ستتوقف في العاصمة وضواحيها، في ظل سيطرة المجموعات المسلّحة لما يُسمّى بفجر ليبيا، وغياب سلطة الدولة واستمرار قصف قبيلة ورشفانة بالأسلحة الثقيلة من جانب مجموعات مسلّحة من مدينتي مصراتة والزاوية، تنتمي لما يسمى بفجر ليبيا، وترفض وقف إطلاق النار وقتل المدنيين.

في العاصمة طرابلس وما حولها، لم يعد هناك مجال لاحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وامتلأت سجون المجموعات المسلّحة بالمعتقلين على الهوية، دون أي إجراءات قانونية، وقُفِلت كل وسائل الإعلام المؤيدة للسلطات الشرعية، وشُرِّدَ العاملون بها.

للأسف لقد عادت ممارسات نظام القذافي بجميع أشكالها، ولكن بطريقة أعنف وعلى نطاقٍ أوسع، حتى مشانق القذافي عادت إلى ميادين المدن الليبية، لإرهاب المواطنين، وبإشراف السيد مفتي ليبيا وتحريضه.

لقد جرى الإستيلاء على مقار الحكومة والوزارات والمؤسسات العامة، ولم يعد بإمكان الموظفين الوصول إليها، وليس بإمكانهم الإلتحاق بمقار الوزارات المؤقتة في البيضاء بسبب التهديدات التي يتعرضون لها لو أعلنوا تأييدهم للسلطات المتمثلة في الحكومة ومجلس النواب المنتخب. 

وهذا الأمر حرم الحكومة من أغلب موظفيها وأعرقها عن إقامة مؤسسات بديلة في مقرها المؤقت، تكون قادرة وفعّالة.

ومن ثم، فإننا نتطلع لأن يكون دور بعثة الأمم المتحدة في ليبيا دورا مختلفا، وأن يتغير وفقا لأولويات جديدة ولكن في إطار ولايتها القائمة.

إن محور ولاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا يتمركز حول تقديم المساعدة للسلطات الليبية الشرعية، في مجالات محددة لكي تقوم بدورها ولكي تقيم مؤسسات فعّالة في هذه المرحلة الإنتقالية، ومن ثم فإن من واجب بعثة الأمم المتحدة الوقوف إلى جانب مجلس النواب المنتخب والحكومة المنبثقة عنه، ومساعدته ما في تنفيذ ما يتخذانه من قرارات، وخاصة فيما يتعلق بوقف الإقتتال بين المجموعات المسلحة، وحماية المدنيين، ونزع سلاح كل المجموعات المسلّحة دون إستثناء، وإدماج أفرادها في مؤسسات الدولة، والعمل على جلاء المجموعات المسلحة من المدن، وإخلاء مؤسسات الدولة وتمكينها من العمل بعيدا عن التهديد بالسلاح وخاصة في العاصمة طرابلس.

السيدة الرئيس، إن مجلس النواب والحكومة بوصفهما السلطة الشرعية التي ارتضاها الشعب الليبي، لن تقبل من أي جهة مهما كانت، معاملتها على قدم المساواة مع المجموعات المسلحة، سواء كانت هذه المجموعات المسماة فجر ليبيا، أو غيرها من المجموعات، وهي تحذّر من إنزلاق بعثة الأمم المتحدة في هذا الإتجاه لأن أي مساواة بين السلطة الشرعية والأطراف المتقاتلة يعتبر مخالفا لولاية البعثة وإخلالا واضحا بالمبادئ التوجيهية لعملها، وانتهاكا لقرار مجلس الأمن رقم 2171، وسيكون تقويضا للمسار السياسي، وضد مصلحة الشعب الليبي، وتشجيعا على استمرار الإقتتال بين الأشقاء من أجل الحصول على المكاسب المادية غير المشروعة، وهي السبب الأساسي في الإقتتال الذي يجري في العاصمة.

إن مجلس النواب والحكومة يتوجهان إلى مجلس الأمن برسالة واضحة مفادها ما يلي:

-‏أولا‬: إن الشعب الليبي يثمن دور مجلس الأمن في دعم تطلعاته، ويتطلع إلى استمرار هذا الدعم للسلطات الشرعية من إجل القضاء على الإرهاب وتحقيق الأمن والإستقرار، وبسط سلطة الدولة على جميع أراضيها.

-‏ثانيا‬: لقد جربت الحكومات الليلة المتعاقبة، وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، أسلوب الحوار والتسامح حيال المجموعات المسلّحة، بل واستعانت بها في حفظ الأمن الذي يهدد في الغالب من جانب أفرادها، كما منحت أفراد المجموعات المسلّحة مكافآت أكبر من مرتبات أفراد الجيش والشرطة، ولكن بدلا من أن تنصاع المجموعات المسلّحة لأوامر الحكومة، أصبحت أعمالها تشكل تهديدا حقيقيا لأمن الوطن والمواطن واستقرارهما، وأصبح تدميرا حقيقيا لكل ما حقبته ثورة السابع عشر من فبراير، وإجهاضا لطموحات الشعب الليبي الذي قدم من أجلها آلاف الشهداء.

‫-‏ثالثا‬: إن مجلس النواب والحكومة، لن يتحاورا مع المجموعات المسلحة حول أي مطالب سياسية تفرض بالقوة، والحوار الوحيد المقبول معها هو حول كيفية تطبيقها لقرارات مجلس النواب الخاصة بوقف إطلاق النار وحل المجموعات المسلحة، وإدماج أفرادها في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وقبل كل ذلك، إخلائها لمقار مؤسسات وممتلكات الدولة.

-‏رابعا‬: يؤكد مجلس النواب والحكومة أن من حق كل الليبيين أن يشاركوا في اتخاذ القرارات، ومجلس النواب بطبيعته يمثل جميع الليبيين، وهو ناتج عن انتخابات حرة ونزيهة، ومن حق أولئك الذين لم يتمكنوا من انتخاب ممثليهم لأسباب أمنية أن تضمن لهم السلطة الشرعية الترتيبات اللازمة لانتخاب من يمثلهم في مجلس النواب في أقرب وقت ممكن، كما يأمل مجلس النواب أن يلتحق به بقية الأعضاء الذين رفضوا الذهاب إلى مقره المؤقت في طبرق، في أقرب وقت ممكن. 

-‏خامسا‬: من حق كل الليبيين أن تكون لهم حكومة تمثلهم جميعا، تقود البلاد دون تمييز، من أي نوع كان، ودون تهميش لأي فئة من مكونات المجتمع الليبي.

-‏سادسا‬: سوف تلاحق السلطات القضائية الليبية كل الأفراد والمجموعات التي قامت بمهاجمة مؤسسات الدولة والمواطنين، واستولت عليها، وألحقت الضرر بها، ومعاقبتهم، وسوف تتعاون مع فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات بتقديم المعلومات حول الأشخاص الذين يجب إدراجهم على قائمة العقوبات وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2174 .

-‏سابعا‬: إذا لم تنسحب المجموعات المسلحة من المدن، ولم يحقق الحوار معها تنفيذ قرارات مجلس النواب، واستُنفذت كل الوسائل السلمية في ظل سيادة الدولة، ومسؤولية الحكومة، فسوف تتخذ الإجراءات اللازمة لحفظ سيادة الدولة ووحدتها، وبسط سلطتها على جميع أراضيها، بما في ذلك إستخدام القوة والإستعانة بالمجتمع الدولي عند الضرورة.

-‏ثامنا‬: كل فصيل مسلّح يتحالف مع فصيل مسلّح آخر لا يؤمن بسلطة الدولة، ويمارس الإرهاب، فسيعتبر فصيلا إرهابيا هو أيضاً وستحاربه الدولة بكل قوة.

-‏تاسعا‬: من يريد أن يساعد الشعب الليبي للخروج من هذا النفق المظلم، الذي أوقعه فيه انتشار السلاح، وتعنت المجموعات المسلحة، عليه أن يقدم كل دعم ممكن للجيش الوطني الليبي، ويقدمه الآن قبل فوات الأوان.

السيدة الرئيس، وفيما يتعلق بحضر السلاح، أود أن أؤكد أن هناك حاجة لتسهيل حصول الجيش الليبي على السلاح والمعدات العسكرية التي تمكنه من محاربة الإرهاب بفعالية وبسط سلطة الدولة على جميع أراضيها.

إن الإجراءات المتبعة حاليا داخل لجنة العقوبات، تعرقل تسليح الجيش الليبي في الوقت المناسب، وتتركه في موقف ضعيف أمام المجموعات المسلحة الإرهابية والخارجة عن القانون، خاصة وأن تلك المجموعات تحصل على السلاح بطريقة غير مشروعة، وبصورة منتظمة من دولتين على الأقل، مستخدمة في ذلك عدد من المطارات التي تسيطر عليها، وخاصة مطار مصراتة ومطار أمعيتيقة في طرابلس.

والجدير بالذكر أن سيطرة المجموعات المسلّحة على مقر وزارات الدفاع والداخلية والعدل بطرابلس، قد عرقل عمل نقاط الاتصال، وسوف نبلغ لجنة العقوبات في الأيام القادمة بالترتيبات الجديدة للحكومة فيما يتعلق بنقاط الإتصال، كما ستدرس الحكومة الليبية تقرير فريق الخبراء وتوصياته بكل عناية."