يمثل مفهوم المنزل الذكي (Smart Home) قمة الراحة والرفاهية التي سينعم بها الإنسان المعاصر في المستقبل القريب، حيث يمكن للمستخدم عن طريق تطبيقات خاصة على الهواتف الذكية أو الحواسب اللوحية التحكم مثلاً في إضاءة المنزل والتدفئة بضغطة زر واحدة. غير أن هذه الرفاهية محفوفة ببعض المخاطر، لاسيما فيما يتعلق بخصوصية البيانات.

وأوضح الخبير التقني الألماني توبياس أرنس أن مفهوم المنزل الذكي يتيح للمرء إمكانية إتمام العديد من المهام بضغطة زر واحدة، مثل خفض شدة الإضاءة وإنزال الستائر وتشغيل السينما المنزلية. كما التحكم في بعض الأجهزة الكهربائية مثل التلفاز عن طريق الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
وتنبأ الخبير بأن يصل عدد الأجهزة المتصلة ببعضها عن طريق الشبكات إلى ما يقرب من نحو 50 مليار وحدة بحلول عام 2020 حول العالم.
وأرجع ديرك تيمرمان، أستاذ الهندسة الكهربائية بجامعة روستوك الألمانية، عدم الانتشار الكبير لمثل هذه الأنظمة حتى الآن إلى أنها ما زالت تخضع للبحث والاختبار، كما أن الكثير من هذه الأجهزة ما زالت غير قادرة على قراءة لغات الأجهزة الأخرى، إلا أن تيمرمان يرى أن هذا الأمر لن يمثل عقبة أساسية، إذا تم الاتفاق على معايير موحدة.
ومن النماذج الموجودة بالفعل، والتي أثبتت نجاحاً في هذا المجال، المقابس والمصابيح المزودة بشبكة والان اللاسلكية، والتي يمكن برمجتها والتحكم فيها عبر شبكة الإنترنت، إذ يتم تركيب هذه المقابس اللاسلكية في المقابس العادية، ويتم ربطها بجهاز راوتر خاص بالشبكة المنزلية.

وأشار أرنس إلى أن جميع الأجهزة التي تتصل بمثل هذ المقابس اللاسلكية يمكن التحكم فيها وتشغيلها وإيقافها عبر برامج تصفح الإنترنت أو بعض التطبيقات المخصصة للهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية.
وأضاف الخبير الألماني أرنس أنه يمكن للمستخدم ضبط تشغيل المصابيح والأجهزة المتصلة بمقابس والان اللاسلكية وفق جدول زمني، فبعض هذه المقابس تكون مزودة بمستشعرات حرارية أو مستشعرات لمعرفة وقت شروق وغروب الشمس، ومن ثم استخدام هذه البيانات لتشغيل أو إطفاء الإضاءة.

أما مصابيح "إل إيه دي" المزودة بشبكة والان اللاسلكية فتتيح للمستخدم إمكانيات ضبط أكثر تطوراً، فإلى جانب تشغيلها وإطفائها وفق جداول زمنية معينة، يمكن أيضاً ضبط شدة ولون الإضاءة، أو ضبط المصابيح على إضاءة مخصصة للقراءة تناسب الغرفة والمستخدم على نحو دقيق، ويتم كل ذلك عن طريق تطبيقات بالهاتف الذكي.

وأشار الخبير الألماني تيمرمان إلى أن الراحة والرفاهية ليست هي الميزة الوحيدة لمثل هذه الأنظمة الذكية، إذ أنها تسهم أيضاً في خفض تكاليف استهلاك الطاقة والحفاظ على البيئة، فبعض الأنظمة مثلاً تعمل على إيقاف نظام التدفئة بمجرد مغادرة آخر فرد للمنزل.

ويمكن إيقاف نظام التدفئة تماماً عند ترك المنزل لفترات طويلة مثل الانطلاق في الرحلات أو العطلات، وذلك بهدف توفير الطاقة والنفقات. وقبل العودة إلى المنزل بقليل يمكن لأجهزة التبريد أو التدفئة أن تقوم بأداء عملها، بحيث يصل المستخدم إلى بيته وينعم بدرجة الحرارة التي يرغبها على الفور.

وأشار الخبراء الألمان إلى أن بعض مقابس والان اللاسلكية تكون مزودة بشريحة لاحتساب مقدار التيار الكهربائي المستهلك، وبذلك يستطيع المستخدم من حين إلى آخر معرفة أكثر هذه المقابس استهلاكاً للتيار واستبدالها إذا لزم الأمر.

وهناك بعض عدادات الاستهلاك الذكية (Smart Meter) التي تقوم بقياس استهلاك الكهرباء وإرسال هذه البيانات بشكل أوتوماتيكي لشركة الإمداد بالتيار الكهربائي. وبذلك يمكن تشغيل بعض الأجهزة الكهربائية في وقت انخفاض التعريفة وخارج أوقات الذروة، كأن يتم مثلاً تشغيل الغسالة الأوتوماتيكية في الفترات الليلية فقط.

ومن ناحية أخرى، تُبدي يوهانا كاردل، الخبيرة لدى الاتحاد الألماني لمراكز حماية المستهلك، تخوفها من انتهاك المنازل الذكية لخصوصية البيانات، إذ يمكن للشركات المقدمة لمثل هذه الأنظمة إنشاء بروفايل خاص بالمستخدم، يتضمن مواعيد تواجده بالبيت، ومتى يقوم بفتح ثلاجته وعاداته الغذائية.

لذا شدد الخبير الألماني تيمرمان على ضرورة الاعتماد على الأنظمة التي تقدمها شركات ذات سمعة طيبة فيما يخص التعامل مع بيانات المستخدم ومدى الاطلاع عليها وعدم إغفال هذا الجانب على حساب الراحة.

وحذر الخبير التقني من اقتناء الأجهزة المجانية أو منخفضة التكاليف، لأن مثل هذه الشركات سوف تحصل في الغالب على أموالها ولكن عن طريق وسيلة أخرى، ألا وهي جمع بيانات المستخدم لاستخدامها مثلاً لأغراض الدعاية الموجهة.